شهد التعاون الاقتصادي بين مصر والصين نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث يعدّ من أهم الشراكات الاستراتيجية لمصر مع دول شرق آسيا، ويعكس هذا التعاون تقارباً في الرؤى والتوجهات بين البلدين، ويتجلى في مشاريع كبرى بمجالات مختلفة، منها التجارة، الصناعة، والبنية التحتية، وكذلك السياحة والاستثمار.
مصر والصين
من جانبه، قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن التعاون الاقتصادي بين مصر والصين ضمن إطار مجموعة البريكس يمثل طفرة هائلة للاقتصاد المصري، حيث يوفر فرصًا استراتيجية لتقليل الاعتماد على الدولار في المعاملات التجارية بين البلدين، موضحا أن اعتماد العملات المحلية أو وسائل دفع بديلة في التبادل التجاري بين مصر والصين سيساهم في تخفيف الضغط على الدولار، وبالتالي تقليل التكاليف المرتبطة بالمعاملات الدولية، وهو ما قد يساهم في تخفيف العجز في الميزان التجاري المصري وتعزيز الاستقرار النقدي.
وأشار الشافعي لـ"صدى البلد"، أن هذه الخطوة تعكس توجهاً عالمياً نحو الحد من هيمنة الدولار على التجارة الدولية، وهو أمر قد يؤدي إلى استقلالية أكبر في السياسة الاقتصادية المصرية، والاعتماد على الدولار كوسيلة رئيسية للدفع يشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد المصري، خصوصاً مع ارتفاع تكاليف الاستيراد من الصين، لذا فإن التعاون ضمن البريكس يمثل فرصة للتغلب على هذا التحدي وتوسيع خيارات الدفع المتاحة.
وأضاف أن تكامل الصناعات بين مصر والصين هو خطوة محورية للاستفادة من هذه الشراكة الاقتصادية، حيث يمكن لمصر أن تصبح قاعدة إنتاج إقليمية لتلبية احتياجات السوق المحلي والدولي، لافتا أن إقامة شراكات صناعية على أرض مصر من شأنه أن يخلق فرص عمل ويعزز من تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن السوق الإفريقية تعد وجهة استراتيجية للمنتجات المصرية، ومن الممكن أن تكون الصين شريكاً مهماً في تحقيق هذا الهدف.
وبالحديث عن منطقة التعاون الاقتصادي المصرية الصينية، أشار الخبير الاقتصادي، أن هذه المنطقة تعتبر إحدى المبادرات الرائدة التي تجمع بين رؤية البلدين الاقتصادية، مشددا على أهمية وضع رؤية متكاملة لتطوير المنطقة الصناعية المشتركة بما يعكس طموحات مصر الاقتصادية ويسهم في رفع كفاءة الإنتاج المحلي، وهو ما سيدفع بعجلة الاقتصاد المصري نحو آفاق جديدة ويعزز من قدرته على النمو والتوسع في الأسواق العالمية.
وأكد السفير الصيني بالقاهرة، لياو ليتشيانج، أن العلاقات المصرية-الصينية تجاوزت النطاق الثنائي، حيث يسهم البلدان في دعم السلم والأمن في الشرق الأوسط، ويعملان معًا على جهود الوساطة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وتقديم المساعدات الإنسانية لغزة، موضحا أن الصين تدعم مصر في الحفاظ على سيادتها ومصالحها التنموية، مؤكداً على التزام بكين بأن تكون شريكاً استراتيجياً لمصر.
وأعرب السفير ليتشيانج عن تطلعه لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين مصر والصين في إطار قمة بريكس الأخيرة، حيث تمثل هذه القمة فرصة لتوحيد جهود الجنوب العالمي من أجل تحقيق التنمية والإصلاح في النظام العالمي، مؤكدا أن انضمام مصر رسميًا للمجموعة يدعم دورها ويعزز من تأثير بريكس، الذي يشكل نصف سكان العالم وأكثر من 30% من الاقتصاد العالمي.
واكد أن هذا العام يمثل "عام الشراكة المصرية-الصينية" والذكرى العاشرة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، معرباً عن حرص الصين على استغلال هذه المناسبة لتكثيف التعاون مع مصر ودفع العلاقات الثنائية إلى مستويات جديدة بما يخدم مصالح البلدين ويسهم في تحقيق التنمية والسلام على المستوى العالمي.
التبادل التجارى بين مصر والصين
وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى وصول حجم التبادل التجارى بين مصر والصين إلى 13.9 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022.
فيما سجلت حجم الصادرات المصرية إلى الصين 909 ملايين دولار خلال عام 2023 مقابل 1.9 مليار دولار خلال عام 2022 بينما بلغ حجم الواردات المصرية من الصين 12.9 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 14.8 مليار دولار خلال عام 2022.
على صعيد الاستثمارات، فقد ارتفعت قيمة الاستثمارات الصينية في الفترة الأخيرة، حيث سجلت قيمة الاستثمارات الصينية في مصر نحو 956.7 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023، بينما كان 563.4 مليون دولار خلال العام المالى السابق له 2021/2022 ، بزيادة بلغت 393.3 مليون دولار.
كما بلغت قيمة الاستثمارات المصرية في الصين إلى 208.4 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023، مقابل 126.5 مليون دولار خلال العام المالى 2021/2022، بزيادة بلغت نحو 81.9 مليون دولار.
وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين في الصين نحو 19.5 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023 مقابل 13.2 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022، بينما بلغت قيمة تحويلات الصينيين العاملين في مصر نحو 3.5 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023 مقابل 4.1 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022.