أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن كلمة مندوب مصر في مجلس الأمن بإقرار هدنة مؤقتة في غزة تتوافق تماماً مع قواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف التي تؤكد على ضرورة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، مشددا علي أن الدور المصري في هذا السياق يمثل نموذجاً للدبلوماسية المسؤولة التي تضع المصالح الإنسانية في المقام الأول.
هدنة مؤقتة في غزة
وأضاف الدكتور مهران في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أن الموقف المصري يستند إلى أسس قانونية راسخة في القانون الدولي، أهمها المادة 15 من اتفاقية جنيف الأولى التي تتيح إنشاء مناطق محايدة لحماية المدنيين، والمادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم الأطراف المتحاربة بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية، هذا بالإضافة إلي البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف والذي يؤكد ضرورة حماية السكان المدنيين من آثار العمليات العسكرية.
وأوضح الخبير الدولي أن الهدنة المؤقتة تمثل فرصة حيوية لتحقيق عدة أهداف إنسانية ملحة أبرزها إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين، وإجلاء الجرحى والمرضى وكذلك إتاحة الفرصة للمفاوضات السياسية فضلا عن تقييم الأضرار وتنسيق جهود الإغاثة الإنسانية.
وحول الدور المصري، أشار مهران إلي أن مصر تمارس دوراً محورياً كوسيط إقليمي موثوق به، يتمتع بالخبرة والمصداقية اللازمة للتعامل مع الأزمات الإقليمية، موضحا ان مطالبتها بالهدنة تعكس فهماً عميقاً لضرورات حماية المدنيين وتجنب توسع نطاق الصراع وتداعياته الخطيرة على المنطقة بأكملها.
كما لفت إلي أن الموقف المصري يأتي في إطار مسؤولياتها كعضو في المجتمع الدولي والتزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف، التي تفرض على الدول واجب العمل على ضمان احترام القانون الدولي الإنساني، مؤكدا أن الموقف المصري يعكس التزاماً تاريخياً بدعم القضية الفلسطينية والحفاظ على الأمن الإقليمي.
وحذر مهران من خطورة استمرار العمليات العسكرية دون هدنة، معتبرا أن استمرار القصف العشوائي والحصار يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مشددا علي ان الوضع الإنساني المتدهور في غزة يتطلب تحركاً دولياً عاجلاً.
وشدد على أن مجلس الأمن مطالب بتحمل مسؤولياته والاستجابة للمطالب المصرية وإقرار هدنة فورية، عملاً بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين بموجب ميثاق الأمم المتحدة مشيرا الي أن تجاهل هذه المطالب يضع المجلس أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية.
واقترح أستاذ القانون الدولي، تشكيل لجنة دولية لمراقبة تنفيذ الهدنة اذا تم اقرارها، مع إشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي على عمليات إيصال المساعدات وإجلاء الجرحى، مع إنشاء ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف دولي حتي تلزم إسرائيل ببنودها.
وأوضح أنه يجب ان تتضمن الهدنة التزامات واضحة من جميع الأطراف باحترام القانون الدولي الإنساني، مع آليات فعالة للمراقبة والتحقق، وأنه يجب علي المجتمع الدولي فرض عقوبات على أي طرف ينتهك شروط الهدنة.
أكد أن نجاح الهدنة المؤقتة قد يمهد الطريق لوقف إطلاق نار دائم وحل سياسي شامل للأزمة داعيا المجتمع الدولي لدعم المبادرة المصرية وممارسة الضغط اللازم لضمان نجاحها ولوقف الحرب نهائيا، مشيرا الي ان استمرار الوضع الراهن لا يهدد فقط أرواح المدنيين في غزة، بل يهدد السلم والأمن الدوليين ويقوض أسس النظام القانوني الدولي.