بات مصطلح الهيدروجين الأخضر الأكثر شيوعًا واستخدامًا خلال السنوات القليلة الماضية، في سياق الحديث عن التحول نحو الطاقة المُتجددة وتقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، خاصة في ظل أزمة الطاقة التي يمر بها العالم في الوقت الراهن.
ويمكن استعمال الهيدروجين مصدرًا لتوليد الكهرباء النظيفة، وخفض معدل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن مصادر الوقود الأحفوري، وتعزيز التحول المستدام للطاقة.
توسعات مشروعات الهيدروجين الأخضر
تدعم الدول الأوروبية توسعات مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، بهدف تأمين إنتاج تصمن إعادة تصديره لدول القارة العجوز.
ووفقًا لتحديثات قطاع الهيدروجين لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، وقّع الاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي (2023) اتفاقيات مع المغرب ومصر وناميبيا لمساعدتها على تطوير إمكانات الهيدروجين بها، كما عرضَ تقديم الدعم المالي والفني لكينيا وموريتانيا وجنوب أفريقيا لاستكشاف فرص القطاع بها.
يأتي هذا التعاون في خضم الإستراتيجية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في يوليو من عام 2020، وخلصت إلى أن أفريقيا ستكون موردًا محتملًا وواعدًا لقطاع الهيدروجين، في ضوء إمكانات مشروعات الطاقة المتجددة الهائلة، واعتبارات القرب الجغرافي بين القارتين.
ويعوّل الاتحاد الأوروبي على إمكان تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، بقدرات إجمالية تقارب 40 غيغاواط، بحلول عام 2030.
كما توقّع الاتحاد ارتفاع نسبة إسهام الهيدروجين من إنتاج الكهرباء في أوروبا من 2% عام 2020، إلى ما يتراوح بين 13% و14% بحلول عام 2050، وفق تفاصيل الإستراتيجية المنشورة في موقع الاتحاد.
ويستهدف الاتحاد -ضمن خطواته- الاستعانة باليورو بصفته عملة أساسية لتجارة الهيدروجين، حسب التفاصيل المنشورة في موقع يوروبيان هيدروجين أوبرسيرفاتوري.
في المقابل، أعلنت الدول الأعضاء الـ6 بتحالف الهيدروجين الأخضر في أفريقيا الحاجة إلى استثمارات تتراوح بين 450 مليار دولار و900 مليار دولار في هذا القطاع، بحلول عام 2050، وفق البيانات المنشورة بصحيفة فايننشال تايمز.
وتعهدت مؤسستا "بنك الاستثمار الأوروبي" و"البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية" بدعم مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر، وفقًا لمتابعات منصة الطاقة.
وأعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في شهر يوليو 2024 حصول مشروع للهيدروجين الأخضر في البلاد على عقد بقيمة 397 مليون يورو (428.76 مليون دولار) من تحالف إتش تو غلوبال (H2Global)، لشراء الأمونيا من مصر.
وتُنفّذ المشروع شركة سكاتك النرويجية، بالتعاون مع شركتي فيرتيغلوب الإماراتية، وأوراسكوم المصرية.
ومن المتوقع أن ينتج المشروع 70 ألف طن من الأمونيا الخضراء.
كما حصل المشروع مؤخرًا على منحة بـ30 مليون يورو عبر آلية الهيدروجين (PTX) التي سبق أن أطلقتها الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، لتقديم 270 مليون يورو (296.81 مليون دولار) لمصر، و6 دول شريكة أخرى، وفقًا لمتابعات منصة الطاقة المتخصصة.
وطلبت ألمانيا استيراد ما يقارب 259 ألف طن من الأمونيا الخضراء المنتجة من المشروع، بدءًا من عام 2027 حتى 2033.
في المقابل، ستخصص المفوضية الأوروبية أدواتها التمويلية، بما في ذلك منصة الاستثمار، لدعم مشروعات الهيدروجين في أفريقيا، ودول الجوار الأوروبي، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفق الإستراتيجية المعلنة في عام 2020.
وتعهَّد الاتحاد الأوروبي -خلال شهر سبتمبر 2024- بتقديم منحتين بقيمة 35 مليون يورو إلى جنوب أفريقيا، لدعم خطط الهيدروجين الأخضر واستعماله وقودًا وتطوير سلاسل القيمة، وفق تفاصيل نشرتها رويترز.
مصر مؤهلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر
وحسب توصيات الأمم المتحدة يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، ولتحقيق ذلك، يجب التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة وفي المتناول ومستدامة وموثوقة.
وبذلت الدولة المصرية جهودا كبيرة خاصة فيما يتعلق بالتوسع في مشروعات الاقتصاد الأخضر، وتنمية وتنويع مصادر الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها، باعتبارها مصادر آمنة أكثر من مصادر الطاقة التقليدية، ما يؤهلها لأن تصبح واحدة من أكبر منتجي الطاقة النظيفة.
وفي هذا الصدد قال الدكتور أحمد حجازي، رئيس جمعية مصر الطاقة الخضراء، إن الهيدروجين الأخضر هو أحد المنتجات الطبيعية لتحليل المياه، وأطلق عليه مسمى الاخضر لأنه لا يسبب انبعاثات ضارة، مشيراً إلى أن الهيدروجين يدخل في صناعات عديدة في دول العالم الأول.
وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هناك ما يؤهل مصر لتكون رائدة في مجال الهيدروجين الأخضر مثل تمتعها بمصادر طبيعية ضخمة؛ كالطاقة الشمسية والرياح، فضلاً عن السواحل الضخمة في الساحل الشرقي وصولاً إلى قناة السويس والساحل الشمالي، وبالتالي هناك مصادر طبيعية من المياه لإنتاج الهيدروجين، لافتاً إلى أن موقع مصر المتميز بين القارات يؤهلها لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره للعالم الأول في أوروبا وآسيا.
وأردف: مصر أيضاً تتمتع بمساحات من الاراضي الواسعة المؤهلة لاستقبال المصانع الضخمة وبنائها بمنتهى اليسر، مؤكدا أن مصر لديها فائض كبير فيالكهرباء مما يشجع على الاستثمار، وبالتالي مصر مؤهلة وبشدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره بصورة مسالة أو في صورة غازية لدول العالم الأول أو في المناطق الصناعية الجديدة التي يتم افتتاحها بمصر إذا تم بها استثمار.
وتابع: من المؤكد أن الدولة ستزيل أي معوقات أمام المستثمرين لكي يستثمرون في إنتاج الهيدروجين الأخضر وإعلاء القيمة المضافة لاستخدامه في إنتاجات أخرى كثيرة، مؤكداً على أن هذه الاستثمارات ستؤدي للاقتصاد الأخضر والوظائف الخضراء مما سيشجع على تخفيض الانبعاثات وتشجيع الدول الأوروبية أيضا على ذلك.