في عصر السيارات الذكية، حيث أصبحت المركبات تعتمد بشكل متزايد على الاتصال بالإنترنت لتقديم ميزات متقدمة وتسهيل حياة السائقين، اكتشف فريق من الباحثين الأمنيين ثغرة خطيرة في النظام الإلكتروني لشركة كيا الكورية الجنوبية، قد تسمح باختراق السيارات وتتبع أصحابها.
أثار هذا الاكتشاف العديد من التساؤلات حول أمان وخصوصية السيارات المتصلة بالإنترنت، وما قد ينطوي عليه ذلك من مخاطر، خاصة وأنه يهدد استقرار الأُسر وأمان السائقين.
تفاصيل الثغرة: الوصول غير المصرح به عبر البوابة الإلكترونية
تم الكشف عن الثغرة في البوابة الإلكترونية لشركة كيا، والتي يستخدمها مالكو السيارات وتجارها للوصول إلى خدمات متنوعة.
بحسب الباحثين، يمكن استغلال الثغرة من خلال إدخال رقم لوحة ترخيص السيارة فقط، ما يمكّن أي شخص من الوصول إلى بيانات السيارة ومالكها والتحكم في بعض وظائفها عن بُعد. يمكن للمهاجمين الاستفادة من هذا الخلل للقيام بعدة إجراءات، مثل:
تحديد موقع السيارة: يمكن للمهاجم تتبع موقع السيارة عبر نظام تحديد المواقع (GPS)، ما يتيح له مراقبة تحركات المالك.
قفل وفتح الأبواب: تتيح الثغرة للمهاجم التحكم في قفل الأبواب وفتحها، مما يسهل له سرقة الأغراض الموجودة داخل السيارة.
تشغيل أو إيقاف المحرك: يمكن للمهاجم تشغيل المحرك أو إيقافه عن بُعد، ما قد يسبب إزعاجًا كبيرًا للسائقين.
كيف تعمل الثغرة وكيفية استغلالها؟
بحسب ما أشار إليه الباحثون، يمكن للمهاجم تسجيل نفسه كتاجر سيارات عبر واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بالبوابة الإلكترونية لـ كيا، ما يتيح له الوصول إلى العديد من المزايا الخاصة التي من المفترض أن تكون محصورة بتجار السيارات فقط.
فور تسجيل الدخول كـ"تاجر"، يمكن للمهاجم البحث عن السيارات باستخدام رقم تعريف السيارة (VIN)، والذي يمكن الحصول عليه بسهولة من رقم لوحة الترخيص.
بعد ذلك، يمنح النظام للمهاجم إمكانية التحكم بالسيارة بشكل غير مشروع، ما يتيح له تنفيذ وظائف متعددة كانت محجوبة سابقًا.
ورغم أن هذه الوظائف لا تكفي غالبًا لسرقة السيارة بشكل كامل، إلا أنها قد تسبب إزعاجًا كبيرًا للسائقين وقد تؤدي إلى تهديدات محتملة لأمانهم.
تأثير الثغرة على مالكي سيارات كيا وخصوصيتهم
أثار هذا الاكتشاف قلق العديد من مستخدمي سيارات كيا حول العالم، حيث أن النظام الإلكتروني المستخدم في البوابة يُعدّ جزءًا من النظام الرقمي المعتمد لتحسين تجربة القيادة وتوفير ميزات إضافية لراحة السائقين.
لكن في المقابل، هذه الأنظمة المترابطة والاتصال المستمر بالإنترنت قد يزيدان من مخاطر القرصنة وتعرض السائقين للاختراق.
علاوة على ذلك، تُظهر هذه الحادثة جانبًا آخر لوجود السيارات المتصلة بالإنترنت؛ فالقدرة على التحكم عن بُعد بوظائف السيارة توفر وسائل راحة إضافية، لكنها قد تؤدي إلى التعدي على خصوصية المستخدمين في حال استغلال الثغرات الأمنية.
استجابة شركة كيا وحلول لتجنب الثغرات المستقبلية
بعد اكتشاف الثغرة، اتبع الباحثون بروتوكول "الإفصاح المسؤول"، حيث قاموا بإبلاغ شركة كيا بالمشكلة ومنحوها فترة لمعالجة الثغرة قبل نشر نتائجهم.
بدورها، قامت كيا بإجراء التحديثات الأمنية اللازمة لنظامها الإلكتروني لإغلاق الثغرة وحماية مستخدميها من أي اختراق محتمل. ومع ذلك، لا يزال هناك قلق واسع من إمكانية ظهور ثغرات أمنية أخرى في المستقبل، نظرًا للتعقيدات التقنية في أنظمة السيارات المتصلة بالإنترنت.
توضح هذه الحادثة أهمية إجراء تدقيق أمني شامل ومستمر لأنظمة السيارات المتصلة، نظرًا لأن التطورات التكنولوجية تزيد من احتمالية وجود ثغرات.
ولضمان أمان المستخدمين، يُنصح بتبني بروتوكولات أمنية متعددة وتعزيز البنية الأمنية للأنظمة، بالإضافة إلى توعية المستخدمين حول كيفية حماية بياناتهم الشخصية.
في خضم التحول السريع نحو السيارات المتصلة، لا يكفي الاعتماد على التكنولوجيا فقط لتوفير الراحة للسائقين، بل يجب على الشركات المصنعة أن تضع الأمان وخصوصية المستخدمين في طليعة أولوياتها.