ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم تملك أرض تمتلكها الدولة عن طريق ما يُسمَّى بوضع اليد؟ وماذا يفعل من حاز أرضًا بهذه الطريقة؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الاستيلاء على الأرض عن طريق وضع اليد عليها -دون إذنٍ أو تصريحٍ أو ترخيصٍ- محرم شرعًا، وتزداد الحرمة والإثم إذا كانت تمتلكها الدولة؛ لأن الاعتداءَ على المال العام أفْحشُ وأسْوأُ من الاعتداء على المال الخاص.
وأوضحت أن الاعتداء الحاصل فيه هو اعتداءٌ على مجموع الأفراد، ولا يتوقَّف أثرُه السلبي على فرد بعينه، بل يعود على المجتمع ككل، وكل من غصب شيئًا لزمه ردُّه إن كان باقيًا، وإن تلف لزمه رد بدله؛ لأنه إن تعذَّر رد العين، وجب رد ما يقوم مقامها.
وذكرت دار الإفتاء أن الاستيلاء على الأرض وحيازتها عن طريق ما يُسمَّى بوضع اليد دون إذنٍ أو تصريحٍ أو ترخيصٍ؛ يُعدُّ اغتصابًا لها بغير حق، وهذا محرم، سواء كانت الأرض يمتلكها شخص بعينه، أو تمتلكها الدولة؛ ولا يُعدُّ ذلك من قبيل الإحياء الذي رغب فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الأرض المستولى عليها بهذه الصفة المتقدمة، إن كانت غير قابلة للإحياء، وذلك كما إذا كانت مملوكة لأحدٍ، أو حقًّا خاصًّا له، أو كانت داخل البلد- فقد أجمع الفقهاء على أنها لا تكون مواتًا أصلًا؛ فلا يجوز إحياؤها.
أَمَّا إذا كانت هذه الأرض المستولى عليها قابلة للإحياء؛ فلا يجوز أيضًا حيازتها بالصفة المتقدمة؛ وذلك لأن من شروط الأرض القابلة للإحياء: أن يكون الإحياء بإذن الإمام؛ فقد روى الإمامان أحمد في "مسنده" وأبو داود في "سننه" عن هشام بن عروة عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ»، قَالَ مَالِكٌ: وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ: كُلُّ مَا احْتُفِرَ أَوْ أُخِذَ أَوْ غُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ.
ونصَّ قانون العقوبات رقم (58) وفق آخر تعديلاته لسنة 2018م على أن: [كل من تعدَّى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبانٍ مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة؛ وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة- يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبانٍ أو غراس، أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته فضلًا عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة، فإذا وقعت الجريمة بالتحايل أو نتيجة تقديم إقرارات، أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين، وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين في حالة العود] اهـ.