تعتبر العلاقات المصرية الجزائرية واحدة من أبرز نماذج التعاون العربي الإفريقي، حيث تجمع بين بلدين يمتلكان تاريخًا عريقًا وثقافة غنية تجسد العلاقات روح الأخوة والتضامن بين مصر والجزائر، إذ يتشارك الشعبان في العديد من القيم والمصالح المشتركة منذ الاستقلال، ولذلك استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الجزائري عبد المجيد تبون بمطار القاهرة، أمس، بهدف بحث قضايا التعاون الثنائي بين البلدين ومناقشة ملفات إقليمية هامة، أبرزها العدوان الإسرائيلي على غزة والأزمة الليبية، من المقرر أن يقوم تبون بزيارة لاحقة إلى سلطنة عمان، وهي الأولى من نوعها.
مصر والجزائر يتعاونون لدعم القضية الفلسطيني
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى القاهرة تحمل أهمية كبيرة، حيث تعتبر هذه الزيارة الثانية له بعد زيارته لمصر في عام 2022، ويعتبر تبون ضيفًا عزيزًا على الدولة المصرية، مما يعكس عمق العلاقة بين البلدين.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن ترسم العلاقات المصرية الجزائرية في سياق عدة مسارات، يرتبط بعضها بالأحداث الجارية في المنطقة المغاربية، من بين هذه المسارات يأتي ملف غزة كأحد أبرز القضايا المطروحة للنقاش في الإقليم، وقد أكدت الجزائر على دورها الحيوي في هذا السياق، حيث تتوافق رؤيتها مع الموقف المصري بشأن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأشار فهمي، إلى أن بذل الجزائريون جهودا كبيرة في دعم القضية الفلسطينية، وقد شهدت البلاد تحركات تهدف إلى استكمال المسارات الرئيسية التي اتخذتها مصر في مراحل سابقة.
ومن جانبه، يقول جمال رائف، الكاتب والمحلل السياسي، إن زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى القاهرة تمثل فرصة هامة لتعزيز التعاون المشترك بين مصر والجزائر على الصعيدين السياسي والاقتصادي، كما ستتيح هذه الزيارة مجالًا للتشاور حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومن المهم الإشارة إلى الروابط المتينة التي تربط بين البلدين على المستويات العربية والإفريقية والتاريخية.
دعم مصر لـ الجزائر خلال ثورتها
وأضاف رائف- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تشهد العلاقات الجزائرية المصرية الحالية تنامياً وتطورًا ملحوظًا، خاصة بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تكون الجزائر أولى محطات زياراته الخارجية بعد تنصيبه رئيسًا لمصر، وقد عكست هذه الزيارة خصوصية العلاقات بين البلدين، ووجهت رسائل مهمة إلى كافة دوائر العلاقات الخارجية حول جودة العلاقات التاريخية بينهما.
وأشار رائف، إلى أن هناك تنسيق مشترك مستمر بين القيادات السياسية ودوائر صنع القرار في كل من مصر والجزائر، يتضمن اتصالات وتشاورات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأس هذه القضايا تأتي القضية الفلسطينية، حيث يبرز التطابق في الرؤى بين البلدين، كما يتعاون البلدان على الصعيد الإفريقي فيما يتعلق باستقرار المنطقة ومكافحة الإرهاب والتطرف في منطقة الساحل.
وتعد زيارة الرئيس الجزائري أمس إلى مصر جزءًا مهمًا من تعزيز العلاقات بين البلدين، خلال هذه الزيارة، يتم مناقشة مجموعة من الموضوعات المهمة، بما في ذلك التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وكذلك القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأعرب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن شكره للرئيس السيسي على حفاوة الاستقبال، مشيراً إلى أن مصر دعمت الجزائر خلال ثورتها، ولا يمكن الحديث عن الثورة الجزائرية دون الإشارة إلى دعم مصر، التي كانت تحمل راية القومية العربية، مضيفا أن مصر ساعدت الشعوب التي كانت تناضل من أجل الحرية، ووجه شكره للرئيس السيسي على التهنئة المقدمة له، وأوضح الرئيس الجزائري أن زيارته إلى مصر تأتي في إطار التنسيق والتشاور مع الرئيس السيسي حول قضايا تهم الأمة العربية والمنطقة، وتأكيداً على العلاقات الثنائية القوية بين البلدين.
من جانبه، رحب الرئيس السيسي بالرئيس تبون، وهنأه بفوزه بفترة رئاسية ثانية وبمناسبة ذكرى الثورة الجزائرية، وأكد السيسي في المؤتمر الصحفي المشترك على توافق الرؤى بين مصر والجزائر حول أهمية تعزيز الاستثمار بين البلدين، مشيراً إلى المعاملة الكريمة التي تحظى بها الشركات المصرية في الجزائر، وأعرب عن سعادته بالتعاون وتبادل الخبرات بين الشركات المصرية والجزائرية.
وجدير بالذكر، أن عرفت الجزائر ومصر مراحل مختلفة من التعاون والتنسيق، حيث تعززت الروابط السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مر الزمن اليوم، إضافة إلى أن لاتتوجه الأنظار نحو تعزيز هذا التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية، مما يعكس التزام البلدين بدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، مع التركيز على القضايا المصيرية مثل القضية الفلسطينية.