واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الجزائري عبد المجيد تبون بمطار القاهرة، في زيارة تستغرق يومين، ليلتقي خلالها الرئيس السيسي، وتهدف الزيارة إلى بحث قضايا التعاون الثنائي بين البلدين ومناقشة ملفات إقليمية هامة، أبرزها العدوان الإسرائيلي على غزة والأزمة الليبية، من المقرر أن يقوم تبون بزيارة لاحقة إلى سلطنة عُمان، وهي الأولى من نوعها.
زيارة الرئيس الجزائري
من جانبه، علق طارق البرديسي، الباحث في العلاقات الدولية، على استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي لنظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مطار القاهرة، موضحًا أن هذا اللقاء يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، ومصر كانت دائمًا داعمة لحركات التحرر والنضال في الجزائر ضد الاستعمار، وأن هذا الدعم شكل حجر الأساس لعلاقة قوية بين البلدين على مدى العقود الماضية.
وأكد البرديسي لـ “صدى البلد”، أن العلاقات المصرية الجزائرية تتسم بالتعاون والتنسيق المستمر في العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأبرز أن هذا التنسيق يركز بشكل خاص على الملف الفلسطيني، حيث تتفق مصر والجزائر على ضرورة إيجاد حلول دولية تسهم في استعادة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال تعزيز الحق الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة.
كما أوضح الباحث في العلاقات الدولية أن هناك تطابقًا في وجهات النظر بين البلدين بشأن أهمية تفعيل القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتي تمثل خيارًا استراتيجيًا لاستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، لإن الالتزام بتطبيق هذه القرارات يعد خطوة ضرورية لدعم الشعب الفلسطيني وتحقيق استقراره، مشدد على أهمية مواصلة الجهود الدولية لضمان احترام القرارات المعترف بها من الأسرة الدولية، مشيرًا إلى أن مثل هذه القرارات تمثل القاعدة القانونية والسياسية لأي حل سلمي ودائم للقضية الفلسطينية.
وتعد زيارة الرئيس الجزائري إلى مصر جزءًا مهمًا من تعزيز العلاقات بين البلدين. خلال هذه الزيارة، يتم مناقشة مجموعة من الموضوعات المهمة، بما في ذلك التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وكذلك القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأعرب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن شكره للرئيس السيسي على حفاوة الاستقبال، مشيراً إلى أن مصر دعمت الجزائر خلال ثورتها، ولا يمكن الحديث عن الثورة الجزائرية دون الإشارة إلى دعم مصر، التي كانت تحمل راية القومية العربية، مضيفا أن مصر ساعدت الشعوب التي كانت تناضل من أجل الحرية، ووجه شكره للرئيس السيسي على التهنئة المقدمة له.
وأوضح الرئيس الجزائري أن زيارته إلى مصر تأتي في إطار التنسيق والتشاور مع الرئيس السيسي حول قضايا تهم الأمة العربية والمنطقة، وتأكيداً على العلاقات الثنائية القوية بين البلدين.
من جانبه، رحب الرئيس السيسي بالرئيس تبون، وهنأه بفوزه بفترة رئاسية ثانية وبمناسبة ذكرى الثورة الجزائرية، وأكد السيسي في المؤتمر الصحفي المشترك على توافق الرؤى بين مصر والجزائر حول أهمية تعزيز الاستثمار بين البلدين، مشيراً إلى المعاملة الكريمة التي تحظى بها الشركات المصرية في الجزائر، وأعرب عن سعادته بالتعاون وتبادل الخبرات بين الشركات المصرية والجزائرية.
العلاقات المصرية الجزائرية
في السياق ذاته، أشار النائب أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، إلى عمق العلاقات التاريخية بين مصر والجزائر، موضحاً أن المواقف المؤثرة في التاريخ العربي كانت دائماً تجمع بين البلدين، موضحا أن الرئيس السيسي اعتمد استراتيجية التشاور المستمر مع الدول العربية، خصوصاً في قضايا الشرق الأوسط، وأن توقيت زيارة تبون لمصر كان مهماً لمناقشة التعاون الثنائي بين البلدين.
وعلى الصعيد الاقتصادي، سجلت قيمة التجارة بين مصر والجزائر نحو 622 مليون دولار خلال أول 8 أشهر من عام 2024، بزيادة 10.5% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وبلغت قيمة الصادرات المصرية إلى الجزائر 605 ملايين دولار، بزيادة قدرها 8.8%، وتضمنت السلع المصدرة زيوتاً عطرية ومحضرات تجميل، ولدائن، وحديداً وآلات كهربائية، ونحاساً.
كما زادت الواردات المصرية من الجزائر بنسبة 112.5% لتصل إلى 17 مليون دولار، وتضمنت منتجات كيماوية ومواد مثل الحديد والزجاج والمطاط، وبلغت الاستثمارات الجزائرية في مصر نحو 13.7 مليون دولار، بينما بلغت الاستثمارات المصرية في الجزائر 4.5 مليون دولار.
وأكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على قوة العلاقات بين مصر والجزائر، التي تجسد نموذجاً للتعاون والأخوة بين الشعبين الشقيقين، وتتعمق يوماً بعد يوم.
جدير بالذكر أن عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي شهد نقلة نوعية في العلاقات المصرية الجزائرية، حيث كانت الجزائر أول وجهة خارجية له بعد توليه الرئاسة في عام 2014، وعملت القيادتان على توسيع مجالات التعاون وتوحيد الرؤى حول القضايا العربية الهامة، مثل القضية الفلسطينية وأزمة ليبيا، التي يحرص البلدان على تحقيق استقرارها وضمان سيادتها.
وكانت العلاقات المصرية الجزائرية شهدت مراحل من الدعم المتبادل والتنسيق المستمر، فعند اندلاع الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954، لعبت مصر دورًا بارزًا في دعم هذه الثورة على كافة المستويات، وتُعتبر اجتماعات القاهرة في أكتوبر 1954 نقطة انطلاق في تاريخ الثورة الجزائرية، حيث تم فيها وضع اللمسات الأخيرة على خطة الكفاح التحريري، ما أكد دور مصر كداعم أساسي للشعب الجزائري.
وبادرت الجزائر بدعم مصر خلال حرب أكتوبر 1973، حيث أرسلت وحدات عسكرية للمشاركة في المعركة، وقدمت مساعدات عسكرية تشمل دبابات ومدافع وطائرات حديثة، ولعب الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين دورًا حاسمًا في تأمين الدعم السوفيتي لمصر، معززًا بذلك العلاقات المصرية الجزائرية في لحظات تاريخية فارقة.