تأتي مشاركة الدولة المصرية في قمة مجموعة البريكس للمرة الأولى منذ انضمامها رسميا في يناير الماضي، في توقيت مهم للغاية، بعد ارتفاع وتيرة معدلات تبادل مصر التجاري مع دول البريكس، وبعد مشاركتها في الكثير من الفعاليات التي نظمتها المجموعة، ومصر استضافت الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد الذي تم إنشاؤه تحت مظلة البريكس، في القاهرة، وكان فرصة مهمة لبحث مسار التنمية والتطورات التي تساعد على تحويل مبادئ البريكس إلى مشروعات، وإلى مخططات يتم تنفيذها على أرض الواقع.
الرئيس السيسي يشارك في قمة البريكس
وفي هذا الصدد، قال الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن انضمام مصر للبريكس يساعد على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر وهذه الدول، مما يساهم في زيادة معدلات التبادل التجاري وجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة، كما يفتح الباب أمام التعاون المشترك في مجالات متعددة، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي.
وأضاف الإدريسي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تعتبر روسيا والصين والهند من أبرز الدول التي تتعامل معها مصر في العديد من السلع الأساسية التي لا يُنتجها الهيكل الاقتصادي المصري بشكل كامل، على سبيل المثال، تستورد مصر الحبوب والقمح من روسيا، والأرز والقمح من الهند، كما تُعتبر الصين شريكًا رئيسيًا في مجالات الأجهزة الإلكترونية والمعادن، حيث يرتفع حجم التعاملات معها بشكل ملحوظ.
وأشار الإدريسي، إلى أن ستتمكن مصر من الاستفادة من الأفكار المطروحة في «بريكس»، مثل التعامل بالعملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار، هذا الأمر سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد المصري، من خلال تخفيف الضغط على العملة الأمريكية.
وتابع: "تسعى مصر دائمًا للحفاظ على توازن في علاقاتها الدولية، مما يعني أن مشاركتها في البريكس لا تعني أنها تتخذ موقفًا ضد الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي".
مكتسبات السلام والاستقرار والتنمية
ومن جانبه، قال جمال رائف، الكاتب والمحلل السياسي، إن البريكس نقطة تلاقي تدعم العلاقات الاستراتيجية بين العديد من الدول، وعلى رأسها مصر والهند، لتعزيز العلاقات بين الطرفين.
وأضاف رائف- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء الهندي علي هامش اجتماعات البريكس.
وأشار رائف، إلى أن مشاركة مصر تعتبر شكلًا من أشكال التوازن في العلاقات الاقتصادية الدولية بين الشرق والغرب، وهو أمر ضروري في ظل الأزمات والصدمات التي يمر بها الاقتصاد العالمي، مثل الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة.
ومن جانبه، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن مصر تؤمن إيمانا راسخا، بأهمية تعزيز النظام الدولى متعدد الأطراف، وفى قلبه الأمم المتحدة وأجهزتها، باعتباره الركيزة الأساسية للحفاظ على مكتسبات السلام والاستقرار والتنمية، والضمانة القوية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، إلا أن الأزمات المتعاقبة التى عصفت بالعالم، خلال السنوات الماضية، قد أوضحت بما لا يدع مجالا للشك، عجز النظام الدولى عن التعامل بإنصاف مع الصراعات حول العالم، فضلا عن حالة الاستقطاب والانتقائية، التى أضحى النظام الدولى يتسم بها.
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس عبد الفتــاح السيسى، خلال الجلسة العامة الثانية الموسعة بقمة مجموعة بريكس تحت عنوان: "تعزيز النظام المتعدد من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين" المنعقدة بمدينة قازان الروسية.
رسائل الرئيس السيسي بالقمة
وأكد الرئيس السيسي، على ضرورة اتخاذ خطوات حقيقية وفاعلة، لإصلاح الهيكل المالي العالمي، بما في ذلك مؤسسات التمويل الدولية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، لتعزيز استجابتها للاحتياجات الفعلية للدول النامية، وأهمية تعزيز التعاون بين دول تجمع البريكس، في مواجهة التداعيات السلبية لتغير المناخ، فضلاً عن وجوب استثمار المميزات النسبية التي تتمتع بها دول التجمع لتنفيذ مشروعات مشتركة في قطاعات الاقتصاد الرئيسية، خاصة قطاعات الطاقة والبنية التحتية، والصناعات التحويلية، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، ودفع أطر التعاون المشترك فيما يتعلق بالتسوية المالية بالعملات المحلية، إضافة إلى دعوته لتكثيف وتعميق التواصل والتعاون الثقافي بين شعوب دول التجمع.
وجدير بالذكر، أن الرئيس السيسي سلط الضوء خلال كلمته على الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية المتصاعدة، والتي تدفع إلى العمل بقوة نحو ضمان فاعلية المنظومة الدولية، التي أظهرت بوضوح عجزها عن التفاعل مع الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلي على لبنان، على الرغم من التحذيرات المستمرة من العواقب الوخيمة لهذا الصراع وتوسعه، مشددًا على الأهمية الكبيرة لتجمع البريكس، والدور الحيوي الذي يمكنه القيام به لتطوير المنظومة الدولية مستعرضاً أولويات مصر في هذا الإطار، والمتمثلة في أهمية تعزيز التعاون المشترك، لاستحداث آليات مبتكرة وفعالة لتمويل التنمية، على غرار مبادلة الديون من أجل المناخ، مع تعظيم الاستفادة من الآليات التمويلية القائمة، في ظل ارتفاع فجوة تمويل التنمية إلى حوالى 4 تريليونات دولار في الدول النامية.