أُطالع الأخبار يوميًا من خلال المواقع الإلكترونيَّة المتعددة، وغالبًا ما أجد إعصارًا مدمرًا فى أمريكا، وحروب إسرائيل فى الشرق الأوسط، ومجاعة فى السودان، ومشكلة بلدى تكمن فى ارتفاع أسعار كرتونة البيض وأنبوبة الغاز، فأقول الحمد لله على نعمة مصر.
خلال الأيام الماضية شاهدت حلقةً للواء سمير فرج والذى كان ضيفًا على برنامج "صالة التحرير"، الذى تُقدِّمه الإعلامية فاتن عبد المعبود، وقد كانت المُحاورة قوية، رفيعة الثقافة، يُغلِّفها الهدوء، خالية من الانفعالات والهرطقات، ومرَّت الدقائق كأنها ثوانٍ مع خبير علَّمته الحياة ما بين الحروف لا ما بين السطور فقط.
أما أجمل ما فى الحوار، فقد كان رسائل الاطمئنان التى أرسلها البرنامج لمتابعيه، بعد أن استغل أعداء بلادنا بالخارج والداخل الظروف، خاصة الاقتصادية التى يمر بها العالم كله وليس مصر وحدها، فى محاولة منهم لإسقاط بلادنا، وجعلها تسبح فى دوامة الفوضى كما ينهمك فيها غيرنا اليوم.
هناك فارق بين أن يقول مثلى إن مصر مُحاطة بشكلٍ غير عادىٍّ لإسقاطها، وأن يُصرِّح خبير استراتيجى مثل اللواء سمير فرج بهذا الكلام، حيث قال إن مصر أكثر الدول المُتضررة من الأحداث الدامية الحالية، ولأول مرة فى التاريخ منذ ٤٠٠٠ سنة تكون مصر كل حدودها مُهدَّدة، شرقًا من جهة غزة وإسرائيل، وغربًا ليبيا والتى يوجد بها حكومتان، وعشرون ألفًا من المرتزقة، وتركيا صاحبة قاعدتين بحرية وجوية، ثم السودان فى الجنوب والتنبؤ بأبشع مجاعة ستحدث بها، وأخيرًا اليمن ومضيق باب المندب وتهديد قناة السويس، خسرنا ست مليارات دولار، والسياحة شبه معدومة.
حديث سيادة اللواء فرج عن الجيش المصرى وقوته، أوضح نقطة جوهرية فيما يخص ما إذا كان بإمكان إسرائيل مُحاربة مصر، فكانت إجابته "لا"، فمصر طبقًا للمستويات العالمية أقوى من إسرائيل، إضافةً إلى أن إسرائيل "فاتحة" جبهتين ولا تستطيع فتح ثالثة معنا، وعن سؤال البعض عن أسباب تسليح جيشنا ليصبح الأقوى فى المنطقة، جاء الرد هذه الأيام بعد أن طغت إسرائيل فى كل من حولها، ولكن مع مصر الوضع يختلف، فمصر هى أقوى جيش فى المنطقة، وسادس قوة بحرية فى العالم، كى لا تستطيع أى دولة أن تُهدّد حقول الغاز أو الحدود.
لك أن تتخيَّل أيها المصرى أنك الآن تعيش فى أكثر البلدان أمانًا بمنطقة شديدة الاشتعال والالتهاب، لهذا إذا اشتكيت يومًا من ارتفاع الأسعار، وهى ظروفٌ فرضتها أحداثٌ من حولنا على الدولة، فالعالم كله تحت سيطرة النفط وتحرك سعره،
والحروب الدائرة فى أماكن كثيرة، ولكن تذكَّر أن الأسعار حتى وإن ارتفعت، فهذا حدث لا يُقارن بما يشعر به الآخرون من رعبٍ عندما يستيقظون ليجدوا بيتًا بجوارهم هدمه صاروخ واختفى جيرانهم تحت الأنقاض، ومن الممكن أن يكون بيت واحد منهم هو التالى ليختفى الأحباب.
لا تُصدِّق من يصرخون ويتساءلون من أين يأتى الفقراء بطعامهم، فصراخهم غالبًا هو مهنتهم وسبب ثرائهم، لا تُصدِّق الذباب الإلكترونى، فهم لا يسهرون من أجل راحتك وحمايتك، فإذا كنت صاحب أسرة بها طفلان أو أكثر فإنك تصرخ من حَمل المسئولية، فما بالك بمن يتحمَّل مسئولية أكثر من مائة وخمسة ملايين مواطن أو يزيد وعليه كل هذه الهموم والمسئوليات؟
كل الشواهد تقول إن مصر قوية، وإن الغد أفضل، وكل ما هو مطلوب منا الرحمة ببعضنا البعض، وعلى الأخص من التجار الذين يستغلون الظروف الصعبة التى نمر بها ويُضاعفون الأسعار بشكلٍ كله جشع، وهم أيضًا خاسرون، فارتفاع الأسعار وزيادة التضخم ضد الجميع، غنيًا وفقيرًا، ويجب اهتمام رجال الأعمال بالإنتاج أولًا وتقليل عملية الاستيراد، خاصة إذا كانت السلعة المُستوردة يُمكن تصنيعها محليًا، ودور الدولة إعطاء المزيد من التسهيلات للاستثمار، لأنها ستزيد من مرونة التحرُّك فى السوق، كما ترفع الإنتاج وتحد من البطالة.
لم تهتز ثقتى يومًا فى بلدى، خاصةً بعد أن تخلَّصت من أبشع ما أصابها، وهى جماعة الإخوان الإرهابية، وما تحملناه من حالة اقتصادية صعبة لن يضيع هباءً، فلنكافح أكثر ولننتظر الأفضل، وعلينا أن نتذكَّر أن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملًا.. حفظ الله المحروسة دولةً وشعبًا وقيادةً.