في قلب مدينة طهطا شمالي محافظة سوهاج، وبين الأزقة الضيقة، تعيش وردة زكي محمد، سيدة مكافحة في العقد الرابع من عمرها، والتي باتت حياتها تتلاشى بين ألسنة النيران التي التهمت منزلها مرتين على التوالي دون سبب واضح.
“وردة” التي فقدت زوجها منذ خمس سنوات، تحملت على عاتقها مسئولية خمسة أبناء، تلعب دور الأب والأم في آن واحد، بينما تواجه يومًا تلو الآخر صراعًا للبقاء.
منذ وفاة زوجها، بدأت وردة رحلة كفاح مريرة، تتنقل بين بيع العيش الشمسي والقرص والخضروات في الأسواق، دون أن تملك عملًا ثابتًا، كانت تكد وتكدح لتوفير لقمة العيش لأطفالها الخمسة، ورغم ضيق الحال، كانت تحاول بكل جهدها لتغطية احتياجاتهم.
النيران تأكل ما تبقى للأم وأطفالها
لكن هذه الرحلة باتت أكثر قسوة عندما ضربت النيران منزلها لأول مرة، وألحقت أضرارًا كبيرة بالبيت وفرنها الصغير الذي كانت تستخدمه لخبز العيش الذي تبيعه، حاولت الوقوف على قدميها مرة أخرى، لكن الحظ لم يكن حليفها، إذ اشتعل الحريق مرة أخرى.
ولم يتبقَ من المنزل شيء، ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، فقد احترق جهاز شقيقتها العروس، مما زاد من ألم وردة وإحساسها بالذنب لعدم قدرتها على مساعدتها.
الآن “وردة” وأطفالها الخمسة بلا مأوى، يعيشون في الشارع، يتنقلون بين البيوت بحثًا عن مأوى مؤقت، بينما تتساقط أحلامها كرماد المنزل الذي كان يؤويهم.
وتناشد وردة المسئولين في التضامن الاجتماعي وكل من يستطيع مساعدتها توفير سكن لها ولأطفالها، فهي تخشى على مستقبلهم ومستقبلها، وتطلب أيضًا المساعدة في إعادة تأثيث بيت شقيقتها العروس، التي فقدت كل شيء في الحريق.
الأم التي لم تعد تملك شيئًا سوى أطفالها وآمالها المتبقية، تنتظر بفارغ الصبر مد يد العون لتعيد بناء حياتها من جديد، وتحمي أطفالها من البرد والخوف الذي يحيط بهم في كل ليلة يقضونها في العراء.