تحركات عاجلة اتخذتها الدولة للتخفيف من حدة الأحداث والصراعات التى يشهدها العالم اليوم مما أثر على توقف سلاسل الإمداد والتوزيع نتيجة للأحداث الجيوسياسية فى البحر الأجمر، حيث حرصت الحكومة على ضرورة تدارك الارتفاع في أسعار السلع الغذائية حتى لا تتحول إلى أعباء إضافية على المواطن، وهو ما جعل الدولة تفكر جدياً فى الاتجاه إلى التغيير الجذرى فى منظومة الدعم العينى البسيط والاتجاه إلى وضع رؤية واستراتيجيات إلى تحويل هذا الدعم إلى دعم نقدى مع تحقيق التوازن فى آليات الصرف ووضع مبالغ تتناسب مع تلك الأوضاع الاقتصادية حتى تساهم فى دعم محدودى الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية لدى المواطن، كما تسعى الحكومة في ذات الوقت لتوفير الخدمات الحكومية بشكل أكثر كفاءة ومرونة من خلال إطلاق منظومة “الكارت الموحد” والذي يهدف إلى توحيد عدد كبير من الخدمات التي يحتاجها المواطنون في بطاقة واحدة، لتبسيط الإجراءات اليومية والتخفيف من التعقيدات المرتبطة باستخدام عدة بطاقات لكل خدمة على حدة، بدءًا من صرف التموين والخبز، مرورًا بخدمات التأمين الصحي، ووصولًا إلى استخدام المواصلات العامة والخدمات البريدية، حيث يمثل "الكارت الموحد" خطوة رئيسية نحو التحول الرقمي الشامل في مصر.
منظومة الدعم العينى البسيط
“صدى البلد” حرصت على استطلاع رأي المختصين في موضوع الدعم العيني وتحويله إلى نقدي، وردا على ذلك يرى د. السيد خضر الخبير الاقتصادى مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، أن الفترة الماضية والتى شهدت دعم عينى - لم تتمتع بالعدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين خاصة فى مستوى الدخول، حيث أن هناك دخول مرتفعة فى بعض الهيئات والشركات ومع ذلك يتقاضوا هذا الدعم العينى فى ظل وجود رواتب منخفضة فى بعض الهيئات الخدمية، وبالتالى ليس هناك توازن حقيقى فى عملية صرف الدعم العينى للمواطن، حيث تعد استراتيجيات الدعم النقدي أداة حكومية مهمة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتوجيه الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجاً حيث تهدف هذه الاستراتيجيات إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين وتقليل الفقر وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وحيث أن سياسات الحماية الاجتماعية عبارة عن مجموعة من البرامج التي تنفذها الدولة بهدف التخفيف عن المواطنين ومساعدة الفقراء والفئات الأولي بالرعاية وحمايتهم من الآثار السلبية للسياسات الاقتصادية، وبالتالى هناك رؤية متكاملة من الدولة المصرية فى دعم برامج الحماية الاجتماعية 2030 حيث أن الحماية الاجتماعية جزء أساسي فى منظومة إدارة المخاطر الاجتماعية، وتشمل مجموعة من التدخلات التي تحمى الضعفاء من مخاطر العيش، والواقع أن الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة قد أصبحت نظاماً يسعى إلى تعزيز رأس المال البشرى الذي يعتبر هدفاً رئيسياً من أهداف السياسة الإنمائية للدولة المصرية ومدى الاهتمام بالعنصر البشرى الذى أرى أنه أحد أهم ركائز العملية الإنتاجية والداعم الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية، وفى هذا السياق ينبغي البحث عن آليات تُمكن الفئات الضعيفة وتساعدهم على المشاركة فى عملية التنمية.
توفير السلع الأساسية بالمجمعات وبأسعار تنافسية
كما علق الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، عن هذا الأمر مؤكدا إن التحول إلى الدعم النقدي بدلا من الدعم العيني، خطوة يجب أن يتم حسابها بعناية فائقة لأنها تهم شريحة كبيرة من المواطنين محدودي الدخل، وعلى الحكومة أن تقوم بتوفير السلع الأساسية والاستراتيجية الهامة لكل المواطنين في كل المجمعات وبأسعار تنافسية، أي بأسعار تكون في متناول المواطن البسيط.
وأضاف الشافعي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، إنه لكي نصل أن تكون الأسعار في متناول المواطن البسيط يجب أن يتساوي قيمة الدعم النقدي بين كل المستفيدين، وهذا الذي يتم توفيره بعد تنقية بطاقات الدعم وحاملي السلع التموينية ممن لا يستحق حتى يصل في النهاية الدعم لمستحقيه.
وأشار الشافعي، إلى أن هذه الخطوة سيكون لها مردود إيجابي على المواطن في كل ربوع مصر، وسيكون لها شأن في نفوس المواطنين في كل مكان، بالإضافة إلى أن الحكومة تعمل على زيادة المنافذ وزيادة هذه السلع وبأسعار تنافسية لمنع جشع التجار واحتكارهم والتلاعب في الأسعار، مما سيكون له أثر عكسي على الاقتصاد المصري وعلى المواطن المصري.
الكارت الموحد
أما بخصوص منظومة الكارت الموحد، فأكد المحلل الاقتصادي إسلام الأمين أن تطبيق "الكارت الموحد" يمثل خطوة نوعية في هذا الاتجاه، حيث ويجمع الكارت الموحد العديد من الخدمات الحكومية، مثل الدعم التمويني، التأمين الصحي، والمدفوعات الإلكترونية، في كارت واحد، مما يسهم في تقليل البيروقراطية وتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة رضا المواطنين وتحسين إدارة الموارد العامة.
وأضاف الأمين، في تصريحاته لـ "صدى البلد"، أن الكارت الموحد له دور محوري في مكافحة الفساد، إذ يعتمد على أنظمة رقمية تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه بدقة، وهذه الآلية تساعد في تقليل فرص التلاعب أو سوء استخدام الأموال العامة، مما يعزز الشفافية ويزيد الثقة في النظام الحكومي. وأشار إلى أن تحسين عملية توزيع الدعم يسهم في توجيه الموارد بكفاءة أعلى لتحسين ظروف المعيشة للفئات الأكثر احتياجًا.
وأشار الأمين، إلى أن الكارت الموحد يسهم بشكل كبير في تعزيز الشمول المالي، حيث يساعد في دمج قطاعات واسعة من المجتمع في النظام المالي الرسمي من خلال فتح حسابات شخصية في هيئة البريد. وهذا التكامل يوسع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية ويسهم في دعم الاقتصاد الرقمي، مما يعزز فرص النمو المستدام ويدعم التوسع الاقتصادي.
وشدد الأمين على أن الكارت الموحد سيلعب دورًا إيجابيًا في تعزيز الاقتصاد الكلي من خلال تحفيز الطلب المحلي وزيادة الإنتاجية، وبتوفير خدمات مثل التأمين الصحي والمواصلات بشكل ميسر، تزداد قدرة المواطنين على العمل والإنتاج، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تحسين مستويات المعيشة ودعم النمو الاقتصادي المستدام.
ما هو الكارت الموحد؟
ويعد "الكارت الموحد" بطاقة ذكية متعددة الاستخدامات تجمع بين مجموعة من الخدمات الحكومية، التي تشمل في مراحلها الأولى خدمات التموين، التأمين الصحي الشامل، وخدمات البريد، ويتيح هذا الكارت للمواطنين صرف السلع التموينية والخبز المدعم بالإضافة إلى الوصول إلى خدمات التأمين الصحي واستخدامه في المواصلات العامة والمدفوعات الإلكترونية.
وستبدأ الحكومة بتطبيق منظومة الكارت الموحد بشكل تدريجي، ابتداءً من بورسعيد كمرحلة تجريبية، حيث سيتم اختبار الكارت للتأكد من فاعليته قبل تعميمه على مستوى الجمهورية، وتعمل وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتنسيق مع الجهات المعنية على استكمال التجارب الفنية لضمان سهولة استخدامه وتكامل قواعد البيانات الحكومية.