حُسن الظن بالله من العبادات القلبية التي تنبعث من القلب وتنعكس آثارها على الجوارح و تدل على إيمان العبد بربه، ويقينه برحمته وعفوه وفضله وقدرته وإحسانه.
تخيل حين يكون ظنك بالله جميلاً ورائعاً ومدهشاً؛ كم ينالك من الطمأنينة والرضا والفرح والسرور!
تخيل حين يكون ظنك بأرحم الراحمين أنه لن يخذلك في مواقع أنت تحتاج توفيقه ونصرته سبحانه .
حسن الظن بالله من العبادات الجليلة التي يبنغي أن يملأ المؤمن بها قلبه في جميع أحواله ويستصحبها في حياته، في هدايته، في رزقه، في صلاح ذريته، في إجابة دعائه، في مغفرة ذنبه، فيما قدره وقضاه,في كل شيء.
فمتى ماكنت كذلك كان الله معك فسيكفيك الله ماأهمك وسيرتب بفضله شتات أمرك.
في زمننا هذا الحديث عن حسن الظن بالله تعالى هذا مقامه، لا سيما وقد وقع الشك والريبة في قلوب كثير من الناس الذين يخشون على أرزاقهم، ويقلقون على مستقبلهم، كيف سيعيشون؟ وكيف سينفقون على عيالهم؟ كيف؟ وكيف؟ فأقول لك أخي الحبيب ، أختي الحبيبة : ينبغي أن نحسن الظن بالله، مهما تكالبت علينا هموم الدنيا؛ فإن لنا ربًّا رحيمًا، فلا نقلق.
حسن الظن بالله هو ان نأمن بأن إختياراته لنا افضل من اختياراتنا لأنفسنا ، وعواقب اختياراتنا غير معروفة لنا بس بنعرف نتائج بسيطة لها، اما الله يعلم عاقبة كل شيء وكيف يسير لذا اتخذ لنا افضل خيار حتى لو كرهنا باللحظة الحالية.
حسن الظن بالله أمر أوجبه الله تعالى لأن الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم، ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن، لذلك افرحوا واستبشروا وتفاءلوا وأحسنوا الظن بالله، وثقوا بما عند الله، وتوكلوا عليه وستجدون السعادة والرضا في كل حال.
هناك قصص ومواقف مشرفة في حسن الظن بالله تعالى، قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار، قال كلمة تجسد من خلالها حسن الظن بربه، وقوة توكله عليه، وأنه قطع الأسباب كلها إلا حبل الله، وأغلق الأبواب جميعها إلا باب الله؛ إنها كلمة: ((حسبي الله ونعم الوكيل))، فماذا كان نتيجة حسن ظنه بربه تعالى؟ يأتي الأمر السريع، من رب سميع: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} .
وأيضا ضرب زوجته هاجر عليها السلام المثل في الثقة، وحسن الظن بالله تعالى؛ وذلك لما أوحى الله تعالى لإبراهيم أن يهاجر بها ورضعيهما إسماعيل ليسكنهما مكة، فنفذ الأمر ووضعهما هناك، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر، وسقاءً فيه ماء، ثم قفَّى إبراهيم منطلقًا، فتبِعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، ((قالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا))، فماذا كان نتيجة حسن ظنها بربها تعالى؟ نبعت من تحت قدمي رضيعها ماء زمزم، وبُنِيَ عندهم البيت الحرام، وجعله الله تعالى محلًّا تشتاق إليه القلوب؛ كما قال تعالى: {أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} .
نعلم جيداً أن أحيانًا لا يملك المرء ما يُدافع به ظروف الحياة إلا حُسن ظنّه بالله تعالى, خاصة حينما تنفد الأسباب من يده
ولا يبقى غير اتكاله واعتماده على ربّه, ويقينه بتدبير الله بالخيرة التي لا يتسعها إدراكه القاصر, وإيمانه بالحديث القدسي عن النبي ﷺ: (أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي
ما شاء)“
توقُّع الجميل من الله تعالى"؛ وذلك بأن يظن المؤمن المغفرة له إذا استغفر، والقبول إذا تاب، والإجابة إذا دعا، والكفاية إذا طلب الكفايةوفي الحديث؛
" إن حسن الظن بالله تعالى، من حسن العبادة "ومن أحْسَنَ ظنَّه بالله تعالى، كان الله تعالى له كما ظن، والعكس بالعكس.
حسن الظن بالله يفتح أبوابا ويُعبد طرقات ويزيل ظنون السوء والكثير والكثير. حسن الظن بالله بوابة تحقيق المستحيل، واستشعار برحمة وعطاء وقوة الله العظيم المجيب. يقول ابن مسعود: قسماً بالله ما ظَنّ أحدٌ بالله ظنَّا إلا أعطاه الله ما يظنّ، وذلك لأنّ الفضل كله بيد الله. ولو جمعنا عقول الناس كافة لن تتصور مدى عطاء ورحمة وقدرة الله العظيم المجيب.. دعك من وساوس الشيطان، ودعك من أصحاب سوء الظن، انت تحب الله والله يحبك، ظُن بالله ما أردت لكن احم ظـنك بالله من وساوس الشيطان؛ لأنه يريدك أن تكون سيّء الظن بربك والعياذ بالله. إذا استشعرت بأن ما تريده مستحيل الحدوث على طبيعة الواقع أو كان ما تريده صوره لك عقلك أنه صعب، تذكر النار التي جعلها الله العظيم برداً وسلاما على النبي إبراهيم وقارنها بحلمك، فقدرة الله لا تتصورها عقول البشر كافة.
إذا عصيت الله فارجع الى الله واستغفره وظن بالله أن يتوب عليك، فـخطيئتك ليست أكبر من مغفرة الله، الله يفرح بتوبة عبده. اذا أقبلت على هدف، اعزم وتوكل على الله وظن بالله أن يحققه لك، «سبحان الله الذي لا يعجزه شيء».
قل للذي ملأ التشــاؤم قلــبه .. ومضى يضيق حولنا الآفاقا سر السعادة حسن ظنك بالذي .. خلق الحياة وقسم الأرزاقا ظُن بالله خيراً ثق بوعد الله، صدِّق قول الله، اعتمد على الله، توكَّل على الله، فهو حسبنا ونعم الوكيل.
بأذن الله وبأمره الأيام القادمة يقال لك فيها (قد أوتيت سؤلك)
فيتحقق أملك، ويرد غائبك، ويجبر قلبك، وتصافح أيامـك فيه ذاكَ الفـرح الذي طال انتظارك له !
فاللهم إنا نسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك.