يقولون والعهدة على الراوى ؛ إنه فى سالف الزمان ، وفى مكان غير المكان ، كان هناك حكيما يداوى الجروح كافة ، وكان يأتى إليه كل من أعياه الداء فيجد عنده الدواء والشفاء . هذا الحكيم كان صاحب مقولة "أن معظم الاصابات تنتهى بالموت " ولكنه يستدرك ويقول "الا اصابة القلب والكرامة فهى تنهى الموت وتترك الحياة للشرفاء والاصلاء" . حكيمنا هذا كان يبرهن على كلامه بشخصيات وتواريخ وحقائق مؤكدة بأن من رضى المهانة عاش ذليلا ، ومن رفض الركوع مات عفيفا شريفا ، من بين من ذكرهم شيخنا الحكيم كان الزعيم عمر المختار الذى قال لقاتله " نحن لاتستسلم أما ننتصر او نستشهد" وقال له ايضا " عمرى أطول من عمر قاتلى " وانتظر الأجيال القادمة".
عمر المختار لم يرهب من الموت مع أن مصابه كان جلل وألمه كان كبير لوقوعه فى يد أعدائه أسيرا ، إلا أنه كان شامخا رافع الرأس رافضا الخنوع مقدما روحه فداء ً لوطنه.
شيخنا تحدث عن ابطال وشخصيات فارقة فى تاريخنا الحديث ، مستشهدا بالبطولات التى سطروها من أجل وطنهم وعزته واستقراره ، وكان من بينهم الزعيم الراحل محمد أنور السادات الذى سطر انتصارا عزيزا على القلب محى به سنوات من الانكسار والهزيمة من العدو الصهيونى ، فقد استطاع السادات أن يمحى من التاريخ اسطورة الجيش الاسرائيلى بأنه جيشا لا يهزم ، وبجنود أشداء وبعقيدة استشهادية جاء النصر وتلاه تركيع اسرائيل وتطهير كل شبر مصرى من الدنس الصهيونى ، السادات مات شهيدا مدرجا بدماء طاهرة ذكية ، أبت أن تنكسر وظل فى مقدمة العظماء لاخر لحظة ونفس من عمره. السادات كان واحدا من أوفياء كثر لتاريخ النضال المصرى الحديث من بينهم الشهيد عبد المنعم رياض الذى أذل الكيان الصهيونى وكبده خسائر بشرية ومادية فادحة جعلت الصهاينة يخططون لاغتياله؛ ونجحوا فى ان ينال الشهادة ماضيا على طريق النصر وأحدى الحسنيين.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر نتحدث عن جنود مجندين شهداء وآخرين مصابين كلهم واصلوا طريق تلبية نداء الوطن والجهاد فى سبيل الله راضين بما آتهم ؛ فرحين بنصر الله فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر . معظم الاصابات بالفعل تؤدى الى الموت ؛ ولكن اصابات الاوفياء تعزز نيران المقاومة وتشعلها وتقويها وتزيدها توهجا وانتصارا ؛ ولعل خير شاهدا على ذلك الساعات الاخيرة التى تلت اغتيال قوات الاحتلال المناضل يحى السنوار واستشهاده محاربا لاخر نفس وبكل ماأوتى من مقاومة وصلت لحد العصا التى ألقاها لاسقاط مسيرة كانت تسعى لاتمام القضاء عليه . استشهاد السنوار كان تصديقا لما قاله حكيمنا وشيخنا بأن معظم الاصابات تؤدى الى الموت ولكن هيهات وهيهات بين موت اصحاب الحق والارض والمضللين منزوعى الوطنية والولاء لأوطانهم ، شيخنا يقول ان موت العظماء يكسب الارض قوة وخصوبة ونماء ؛ وموت غيرهم ممن على النقيض يجعل الارض عاقرا جدباء. العظماء لايموتون فقط يسلمون جثامينهم للأرض فمن التراب الى التراب نعود بينما أرواحهم تظل على قيد الحياة تتحدث عنها اعمالهم وتاريخهم وصمودهم وايمانهم بأن دولة الحق قائمةً حتى قيام الساعة بينما دولة الظلم عمرها ساعة ، فقط ساعة . شيخنا وحكيمنا كلما داوى وشفا على يديه اصحاب العلل يقول وبصوت رخيم " رب مداوى يبحث عمن يداويه ، ورب حبيب يزرع بدموع قلبه نبت حبيب وينتظر طرحا يظله ويغنيه ". ونحن نقول له أكم من سهام بلىٌ بها الجسد وظل القلب مصونا يجمع ماتبقى من أنفاس يهديها لعمر محبيه