اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مضمونه: "ما مدى صحة مقولة "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه"؟.
وردت دار الإفتاء، موضحة أن هذه المقولة موافقة للمعنى الذي ورد في كتب السنة والذي دلَّ على أنَّ من علامات القبول التي وعد الله تعالى بها أولياءَه وأهلَ رضاه، أن يجعل محبتهم في قلوب الناس، كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أحَبَّ اللهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ عليه السلام: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ».
وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96]، جاء في تفسير تلك الآية: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى خلقه"، وفي لفظ: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى المؤمنين".
قال الإمام ابن هُبَيْرة في "الإفصاح عن معاني الصِّحَاح" (7/ 261-262، ط. دار الوطن): [في هذا الحديث مِن الفقه: أن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدًا أعلم كلَّ مَرْضِيٍّ عنه عنده سبحانه بحبه إياه؛ لئلا يتعرض واحدٌ منهم ببغض مَن يحبه الله، فيبدأ جل جلاله بإعلام جبريل ليكون جبريل موافقًا فيه محبةَ الله عز وجل، ولِيُعْلِمَ أهلَ السماء؛ ليكونوا عابدين لله بمحبة ذلك الإنسان متقربين إليه بحبه.
وقولُه: «ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ» يعني: أنه يقبله أهل الحق الذين يقبلون أمر الله سبحانه، وإنما يحب أولياءَ الله مَن يحبُّ اللهَ، فأما من يبغض الحق من أهل الأرض ويشنأ الإسلام والدين؛ فإنه يريد لكلِّ وليٍّ لله محبوبٍ عند الله مقتًا وبغضًا] اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمِقَةُ مِنَ اللهِ، وَالصِّيتُ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَوَاتِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَتَنْزِلُ لَهُ الْمِقَةُ فِي الْأَرْضِ» أخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى والروياني في "مسانيدهم"، والفسوي في "مشيخته"، والطبراني في معجمَيه: "الكبير" و"الأوسط".والمِقَةُ: المحبة، ويَمِقُ: يحب.
وقال هَرِمُ بنُ حَيّان رضي الله عنه: "ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا أقبل الله بقلوب أهل الإيمان إليه؛ حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم"، قال قتادة: "أي والله؛ ودًّا في قلوب أهل الإيمان" أخرجهما الإمام البيهقي في "الزهد الكبير".