صدر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية ديوان «أتحدَّثُ باسمكِ ككمان»، للشاعر أحمد الشهاوي، يضم ستين قصيدة كتبها خلال عامي 2023 و2024.
الشاعر أحمد الشهاوي يقدم تجربةً شعريةً مختلفةً تتأسس على الباطن والظاهر في الحب، مضافًا إليها التوظيف التراثي شعريًّا وصوفيًّا، والذهاب نحو القرآن والحديث، متواصلا بالرمز والإشارة مع شخصيات شعرية ودينية منذ آدم، وسليمان، وبلقيس، وموسى، وبشار بن برد ، وقيس بن الملوّدح «مجنون ليلى» وشكسبير وسواهم، مواصلًا وصل ضمائره في نحتٍ لغوي محبب لدى الشاعر، إضافةً إلى استخدامه الضمائر المنفصلة أيضًا، وهو هنا مولع بالغرائب غير الشاذة؛ ليصل إلى المعنى المرغوب والموسيقى الجاذبة، محتفظًا بخصوصيته في التعبير وجدته، مؤمنا بأن الشعر كالحب حر وموجز وذاتي، وسرعصي ومختصر في كثافته.
فالشاعر أحمد الشهاوي في كتابه الشِّعري «أتحدثُ باسمكِ ككمان» يغادر عوالمه ليخوض تجربة عشقٍ لها ملامح مختلفة، منفصلة عما سبق له من كتبٍ شعرية أو نثرية، فتجربته هذه المرة تقترب من الأرضي والحسي والدنيوي بشكلٍ حميمٍ من دون أن يجرد الأنثى، حيثُ نراهُ في هذا الكتاب الشعري يحيلها إلى كائنٍ أرضي، فنشم في لغته الروائح، ونرى الأماكن، ونحس بالمشاعر حيةً تسير فوق الأرض، فالعشق ليس مقصودًا لذاته بقدر ما صار تعبيرًا عن رقي الجسد ورغباته وطريقًا إلى رفعة الروح البشرية.
وجوهر الحب كما يراهُ الشاعر جعله ينسج علاقاتٍ لغويةً جديدةً لا تتنافر بل تتصل بسلاسةٍ تفاجىء متلقيها بما تحمله من مجازاتٍ وصورٍ فنية واستخداماتٍ لغوية، تؤكد انتصارَ الحب، وأن النفس لا تحتاجُ سوى الحب كي تصل، لأنه إرادةُ الخير للمحبوب، إذ هو قيمةٌ مطلقةٌ ثابتةٌ لا تقبلُ الاختلاف والتغيير وليست نسبيةً، لأنه إيثار غير مشروطٍ بين اثنين صارا حرفًا مشددا في اللغة.
وفي هذا الديوان لا يبارح حديث الحب خيال الشاعر مثل أسلافه من الشعراء.
يعود الشاعر أحمد الشَّهاوي في كتابه الشعري «أتحدَّثُ باسمِكِ كَكَمان» إلى الإيقاع – الذي هو أكبر من الوزنِ؛ حيث إنه يشمل البنية العروضية والبنية الصوتية والتركيبية - متتخدما إيقاعاتٍ شعريةٍ تتناسب مع حالِ الحب التي تحمل الكتاب؛ ليخلق فضاءَ الجمال؛ وإيقاع هذا الكتاب الشعري هو تتابع وتواتر ما بين حالتي الصمت والكلام، يستجيب للتجربة، ودائم التجدد طوال الوقت، وهو حرٌّ ورحبٌ.
إذ تؤكد النصوص أن الكتابة الأبقى والأنقى والأصفى والمختلفة هي التي يكون كاتبها عاليًا في مقام العشق، الذي هو أعلى المراتب وأرقاها وأفضلها، ويكون العشق فيها هو شدة الشوق إلى الاتحاد، بوصفه أعم من المحبة، فليس كل عاشق محب، وليس كل محب عاشقًا كما يرى سلاطين الوجد.
ويستخدم الشاعر عناصر ومفرداتٍ ولغاتٍ وعلاقاتٍ جديدةٍ في العشق، تأتي جميعها على قدر المعشوق، إذ يؤمن الشاعر بأن القصيدة تساوي أو تعادل المرأة بوصفها كائنًا تامًّا مكتملًا، ولا تعبر فقط عما هو حسي، بل تذهب إلى الروحي وتعول عليه بالأساس، إذ هو مفتاح الأسرار في التجربة العشقية المقدسة، إذ تصير المرأة كل الأشياء وأصلها، وهي البلد الذي «يحمل كل الأسماء».
ويأتي هذا الكتاب بعد ديوانه «ما أنا فيه» الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية عام 2020 ميلادية، ووصل إلى القائمة الطويلة لجائزة زايد للكتاب.