شهدت اللحظات الأخيرة من حياة يحيى السنوار، زعيم حماس، أحداثًا درامية التقطتها طائرة مسيرة إسرائيلية، حيث أُصيب داخل منزله في قطاع غزة المحاصر منذ أكتوبر العام الماضي، ونشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقطع فيديو يزعم أنه يظهر لحظة تفقد السنوار عبر طائرة مسيّرة، بينما كان يجلس على كرسي ملثم الوجه ومصابًا، محاولاً تدمير الطائرة.
اغتيال السنوار
قال أيمن الرقب، المحلل السياسي الفلسطيني، إن تسريب الفيديو الذي يظهر لحظات يحيى السنوار الأخيرة كان غير متوقع من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي، حيث كان من الواضح أن نتنياهو أو الجهات الإسرائيلية لم يكن في نيتهم أن يُعرَض الفيديو بهذه الطريقة للإعلام، مشيرا إلى أن التسريب تم من قبل جنود وضباط إسرائيليين، وحصل بعضهم على مقابل مالي لقاء هذا التسريب هذا الفيديو الذي كان يُفترض أن يُقلل من تأثير السنوار، خرج بطريقة أثرت بشكل كبير على الرأي العام الفلسطيني والدولي.
وأضاف الرقب لـ "صدى البلد، أنه بدلاً من تحقيق أهداف الاحتلال، كشف الفيديو عن السنوار وهو يقاتل حتى أنفاسه الأخيرة، رافضًا الاستسلام أو رفع الراية البيضاء هذا الظهور أظهره كمقاتل شرس يواجه الاحتلال في مواقع مختلفة، مما عزز من صورته كمقاوم ثابت على مواقفه حتى اللحظة الأخيرة، مؤكدا أن الصورة التي أراد الاحتلال أن يروّج لها تم قلبها تمامًا بفضل الفيديو، الذي أظهر مدى شجاعة السنوار وقوة إرادته.
وأكد أن الأثر الذي خلفه الفيديو كان واضحًا على الساحة الفلسطينية؛ إذ زاد من شعبية السنوار بشكل كبير، بدلاً من التأثير السلبي المتوقع، وفي الوقت الذي كان الاحتلال يحاول فيه إثارة الشارع الفلسطيني ضده، جاءت النتيجة بعكس ذلك تمامًا، حيث رأى الكثيرون أن السنوار قد أصبح رمزًا ثوريًا كبيرًا تجاوز الحدود الفلسطينية إلى العالم العربي والدولي.
وأوضح أن هذ الفيديو يُعتبر دليلًا قاطعًا على فشل الاحتلال في التأثير على الرأي العام الفلسطيني، حيث ارتقى يحيى السنوار شهيدًا كما كان يتمنى، ممسكًا بسلاحه، ومقاتلًا حتى آخر لحظاته، لافتا أن السنوار بات أيقونة للعمل الفدائي والثوري الفلسطيني، رمزًا للنضال والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومصدر إلهام للأجيال المقبلة.
وفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كانت مواجهة تصفية السنوار جزءًا من جهود الجيش الإسرائيلي المستمرة لتحديد وتدمير الأنفاق في رفح، وقتل السنوار نتيجة انهيار المباني عليه بفعل قذائف دبابة "ميركافا مارك 4" وصاروخ "ماتادور".
كما نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاجاري، تسجيلًا يظهر السنوار وهو يجلس في زاوية الغرفة، غاضبًا ويحاول إسقاط الطائرة المسيرة بعصا كان يمسك بها، وأوضح هاجاري أن الجيش والشاباك عملا لعدة أشهر على جمع معلومات استخباراتية لتحديد موقع السنوار، الذي كان مختبئًا في منطقة محاصرة، وعند العثور عليه كان بحوزته سترة واقية ومسدس و40 ألف شيكل نقدًا.
أضاف هاجاري أن قوات الاحتلال قتلته أثناء محاولته الفرار.
من هو يحيى السنوار؟
وُلد يحيى السنوار في 19 أكتوبر 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، بعد نزوح أسرته من مدينة مجدل عقب نكبة عام 1948، وتلقى تعليمه في مدارس خان يونس والتحق بالجامعة الإسلامية في غزة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الدراسات العربية.
تم اعتقاله لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي، وتعرض للاعتقالات المتكررة حتى عام 1988 عندما حكم عليه بالسجن أربعة مؤبدات لدوره في عمليات اختطاف وقتل، وأطلق سراحه عام 2011 ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي شملت إطلاق سراح أكثر من ألف أسير مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. بعد خروجه من السجن، انتخب عضوًا في المكتب السياسي لحركة حماس وتولى قيادة كتائب عز الدين القسام.
في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، أصبح يحيى السنوار على رأس قائمة المطلوبين لدى إسرائيل، إلى جانب محمد الضيف، باعتباره العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر 2023.