ذكر آخر تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية أن ولاية سيدي بلعباس سجلت أعلى نسبة إصابة بمرض الإيدز، أي ما يعادل 13.8 حالة لكل 100 ألف نسمة، تليها ولاية سعيدة بنسبة 11.7 حالة، ثم وهران بـ 8.8 حالة، وولايتي عين تموشنت ومعسكر بـ4.8 و4.6 حالة على التوالي، وشدد على أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 20 سنة هم أكثر المصابين، أي أن مناطق غرب الجزائر الأكثر إصابة بالمرض.
مرض الإيدز يهدد شباب الجزائر
وترفض الحكومة على لسان وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبدالحق سايحي، كل الأحاديث حول انتشار داء "الإيدز" في البلاد وارتفاع عدد المصابين به.
صرح سايحي، إن "الوضع مستقر، ولم نسجل أي انتشار أو ارتفاع في عدد المصابين بمرض الإيدز"؛ حيث إن هذا الداء غير منتشر في الجزائر بقدر ما هو منتشر في بعض دول القارة الأفريقية.
وأوضح الوزير سايحي، أنه حقق تقدماً ملموساً في مكافحة هذا الداء عبر الاستراتيجية التي وضعت خصيصاً في هذا المجال، مجدداً التأكيد على التزام بلاده بالحد من انتشار الفيروس، وأشار إلى التزام الجزائر بتوفير جميع الوسائل الضرورية للحد من انتشار هذا المرض، وذلك في إطار البرنامج الأممي الرامي إلى القضاء عليه في آفق 2030، ومن خلال المخطط الوطني الاستراتيجي "سيدا" 2020-2024.
ويتساءل طبيب الأمراض المعدية عبدالسلام أوراهي: إذا كان الوضع مستقراً والمرض محصوراً، لماذا تتحدث الحكومة عن توفير جميع الوسائل الضرورية للحد من انتشاره وعن ضخ أموال طائلة لمحاربته؟.
وقال عبدالسلام اوراهي، إن الوباء في تطور ليس في الجزائر فقط وإنما في كل دول العالم، غير أن الأمر في الجزائر مرتبط بضبابية الأرقام وغموض الإحصاءات بسبب رفض المصابين الإفصاح، وكذا جهل عدد منهم بإصابتهم لعدم إجراء التحاليل لغياب ثقافة التحليلات الطبية الدورية.
وأشار أوراهي، إلى أنه "بمجرد تسجيل ارتفاع بعض الظواهر السلبية في المجتمع، مثل: العلاقات الجنسية غير الشرعية وتعاطي المخدرات، التي هي من بين أسباب انتشار الإيدز، فإن الحديث عن محدودية المرض يصبح في غير محله".
ويواصل أوراهي، أن عمليات الكشف عن فيروس "الإيدز" تبقى قليلة نسبياً، وعلى رغم ذلك سجل 1157 حاملاً للفيروس خلال سداسي واحد في 2023، وهذا الرقم يعود للأشخاص الذين صرحوا أو أجروا تحليلات في المختبرات العمومية.
وأبرز اوراهي، أن الوفيات تراجعت بصورة لافتة لتقدم الطب وبلوغه مراحل متقدمة في التعاطي مع فقدان المناعة المكتسبة، وهو ما كشفت عنه معطيات برنامج الأمم المتحدة لمكافحة "السيدا"، إذ ذكرت أن وفيات المصابين تراجعت بنسبة 69 في المئة منذ 2004، وختم أن التوعية أول طريق للحد من انتشار المرض.
وقال إلياس أخاموك، المتخصص في الأمراض المعدية والمتنقلة، إن كثيراً من المصابين يرفضون التصريح بإصابتهم، معبراً عن أسفه كون "الإيدز" ما زال يشكل أحد التابوهات في الجزائر، وهو ما يعتبر خطأ.
وأبرز أخاموك أنه "علينا تغيير الذهنيات وطريقة التعامل مع المصابين على أنهم أصحاب سلوك سيئ ومشين"، وحذر من أن هناك حالات كثيرة أصحابها مصابون بالإيدز وهم لا يعلمون، و"هنا تكمن خطورة هذا المرض".
وأكد أخاموك، أن العلاقات الجنسية غير المحمية هي السبب الرئيس في انتشار الداء، إضافة إلى أسباب أخرى كنقل العدوى من الأم إلى الرضيع.
وبخصوص عدد الإصابات المسجلة، فقد أشار أخاموك، إلى أن الأرقام ترتفع على رغم المجهودات المبذولة، مشيداً بسياسة بلاده التي تقدم العلاج المجاني لكل المصابين من دون استثناء حتى للأجانب، وهي من أولى الدول أفريقياً في توفير العلاج.
وبحسب وزارة الصحة الجزائرية فإن 95 في المئة من الإصابات تتم عن طريق العلاقات الجنسية غير الشرعية بين الرجل والمرأة، واثنين في المئة عن طريق الدم وحقن المخدرات، وثلاثة في المئة من الأم للجنين، وأشار إلى أن 30 في المئة من الإصابات بالإيدز في الجزائر تقع بين الشباب من فئة 18 إلى 25 عاماً من العمر.
وكشفت نسيمة عاشور رئيسة مصلحة الأمراض المعدية بإحدى المؤسسات الاستشفائية في الجزائر العاصمة، أن مصلحتها تسجل يومياً من ثلاثة إلى أربعة مصابين بـ"الإيدز".
وقالت مصلحة الأمراض المعدية، إن المخدرات والعلاقات الجنسية غير الشرعية ساهمتا بصورة لافتة بارتفاع عدد المصابين، وهو ما لم يكن متوقعاً، إذ كانت تطمح الجزائر إلى تسجيل أقل من 500 إصابة جديدة في حين أن العدد لا يزال في حدود 1700 إصابة كل عام.
واعترفت سامية حمادي مديرة الوقاية في وزارة الصحة، خلال ندوة أممية، أن تحقيق 500 إصابة جديدة على الأكثر كل عام، لم يتجسد على أرض الواقع لأسباب عدة.
وقالت سامية حمادي، إن هناك زيادة غير متوقعة في عدد الإصابات، لذا يجب العمل على تحسين الكشف وتشخيص المرض، والذي بدورة سيؤدي إلى تسجيل من 700 إلى 800 إصابة جديدة لغاية الوصول إلى أقل من 500 إصابة جديدة سنوياً.
ويحدث مرض "الإيدز" بسبب فيروس يهاجم جهاز المناعة في الجسم ويضعفه، مما يجعل المصابين أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض، مثل: السل أو غيره من الأمراض المعدية، وهو ينتقل عن طريق سوائل جسم الشخص المصاب، بما في ذلك الدم وحليب الأم، كما يمكن أن ينتقل من الأم إلى الطفل أثناء الحمل والولادة.
ويعتمد تشخيص الإصابة بفيروس نقص المناعة الإيدز على فحص الدم لتحديد ما إذا كان لدى الشخص أجسام مضادة ضد الفيروس، لذاك يعتبر الفحص ضرورياً لتحديد وجود أو عدم وجود العدوى.