احتفت الفنانة هند عدنان في أمسية فنية رائعة شهدت حضورا لافتا من التشكيليين والجمهور، بافتتاح معرضها الشخصي الجديد " قصائد مرئية " الذي يستضيفه جاليري مصر بالزمالك، والذي يستمر حتى 6 نوفمبر2024.
وتحت عنوان " وجوه عابرة على مساحة الرسم " كتب الناقد ياسر سلطان: وجه دافئ الملامح مرسوم بأقلام الفحم على مساحة صغيرة من الورق الأبيض، تشفهنا درجات اللون الواحد أو تتكثف على ورق الرسم فتشي بأطياف أخرى من اللون. من بين الدرجات القاتمة للخلفية يتشكل وجه مستدير وعذب؛ وجه يتطلع إلينا كما نتطلع إليه في هيئة وديعة لفتاة، عيون واسعة وشفاه ممتلئة وحاجبان مرفوعان، وثمة غلالة شفافة من القماش ذات زخارف تُحيط بهذه الملامح فتفصلها عن فراغ الخلفية الداكن. قد نلمح في هذه العيون الواسعة أطياف مشاعر من أسى أو غضب، قد نتبين علامات البهجة في ابتسامة خافية بين قسمات الوجه، أو ربما ننتبه إلى هذه الحيرة العابرة التي تسكن قلب الفتاة وتشي بها هذه العيون الساهمة.
في لوحات هند عدنان يتجمد الزمن في لحظات حاسمة كهذه، أو قد يتوقف عند مشاعر غير قابلة للتفسير. في هذه اللوحات تترائى لنا المعاني وقد تجسدت أمامنا كالصور الشعرية التي قد نعجز عن وصفها أحياناً. قد تخبرنا الوجوه المرسومة هنا بكل شىء، أو ربما لا تفصح عن مكنونها أبداً لتظل محتفظة بسرها العالق في فضاء حجرة الرسم. تتكرر الوجوه واحداً تلو الآخر لنساء وفتيات أخريات، وجوه قادتها المصادفة إلى الجلوس بين يدي هند عدنان ليختزل حضورها الدمث والمهيمن آلاف النساء والفتيات الأخريات.
حين نتطلع إلى أعمال هند عدنان ستصادفنا العديد من الوجوه المعبرة لنساء وفتيات أخريات، قد تتقلص المساحة أو تتسع، تتوشح بالدرجات المحايدة أو تتوهج باللون، لكن يظل هذا الحضور الأنثوي العذب هو المُسيطر. النساء والفتيات اللاتي تجلبهن عدنان إلى هذه النافذة المشرعة على عالمها يملكن مفاتيح البوح، وهي نافذة أنثوية بالمعنى الصريح والمُباشر فكل واحدة منهن تختزل العديد من المشاعر الأنثوية المتدفقة لنساء وفتيات كُثيرات. في أعمالها السابقة كانت تتوزع الأجساد الأنثوية على مساحة الرسم، مستلقية في سكينة ومستانسه باجتماعها معاً. أما في هذه الأعمال المعروضة فتقتصر مساحة الرسم على عنصر واحد، إمرأة أو فتاة وحيدة تُشكل بحضورها تفاصيل العمل وتستدعي العديد من المعاني المغزولة بالأسى والبهجة.