قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

هند عصام تكتب: مقصوفة الرقبة

الكاتبة الصحفية: هند عصام
الكاتبة الصحفية: هند عصام
×

مقصوفة الرقبة مقولة عمرها مديد منذ مائتي عام وأكثر وهذه المقولة التي لطالما ظلت تتردد في كل البيوت المصرية على ألسنة جميع أمهات مصر كتوبيخ للفتيات ولم نعلم معناها ولا أصل هذه المقولة ولماذا قيلت وفي حقيقة الأمر انطلقت هذه المقولة مع خروج الحملة الفرنسية من مصر والتي خرجت معها وقصفت روح زينب البكرى وذلك عندما تعالت الأصوات يوماً ما وتصاعدت النداءات وامتزجت باللعنات التي توبخ شخصية مقصوفة الرقبة و تردد على ألسنة الناس «اقتلوا الزانية.. اقطعوا رأس الفساد.. أحرقوا جسدها المدنس.. قطعوا أوصالها وفرقوها فى البلاد.. حتى تأكلها الوحوش الضارية.. مزقوا جسدها ولا تجعلوا له شكلا ولا كيانا.. اقتلوها.. اذبحوها.. اسلخوها.. أحرقوها.. مزقوها».
ليبقي السؤال هنا ما هي الحكاية ومن هي مقصوفة الرقبة زينب البكري وما علاقتها بالحملة الفرنسية ولماذا قصفت رقبتها كل هذا واكثر في قصة زينب مقصوفة الرقبة ؟؟؟

كانت هناك فتاة في مصر المحروسة اسمها زينب عمرها لا يتخطي ال16 عامًا ، وكانت زينب من الطبقة المخملية في ذلك الوقت من الأعيان سليلة الحسب والنسب مثلما يقال، وكان أبيها الشيخ خليل البكري أحد أكبر أعيان القاهرة في ذلك الوقت، وواحد من شيوخ طبقة الأشراف التي كان لها سلطة على مجريات الأمور في مصر خلال الوجود الفرنسي في البلد.
خرجت زينب بنت الحسب والنسب عن أعراف وتقاليد المجتمع حينما قررت اعتناق نمط الحياة الفرنسية، فارتدت الفساتين القصيرة وخالطت الشباب بحرية تامة، وقيلت إنها شوهدت هي ورفيقاتها يضحكن بصوت عالي في الطرقات.وعلى الرغم من أن المشهد يبدو عاديًا في وقتنا الحالي، إلا أن المجتمع لم يتحمل ضحكات الفتيات في الطرقات ، وارتداء الفستاتين القصيرة المكشوفة، حسب وصف الجبرتي، المؤرخ الشهير، وأطلق عليهن لقب المتفرجنات.
ولأن زينب سليلة الحسب والنسب، وصديقاتها كانوا من الطبقة الراقية سريعًا ما انبهرن بالفرنسيين "الفرنسيس"، وما أغضب المصريين أن زينب البكرية سليلة الحسب والنسب، وصديقتها اللاتي ارتكبن الفظائع كل على مرأى ومسمع أبيها الشيخ خليل البكري الذي لطالما تودد للفرنسيين وتقرب منهم، فمنحوه لقب نقيب الأشراف.
و توطّدت علاقة نابليون الذي كان يسكن في حي "الأزبكيّة" حاليّاً بالشيخ خليل البكري، حيث كان يسعى إلى السيطرة على الشيوخ الذين يعارضون تواجده في مصر.

ووفقاً لمؤلّفات بعض المؤرّخين، مثل عبدالرحمن الجبرتي، فإنّ نابوليون أحبّ زيارة الشيخ خليل كلّ ليلةٍ ليسهر معه في حفل مليء بالرقص والشرب بين نساء فرنسا وباقي قادة الحملة.

وكانت زينب بنت البكري تبلغ من العمر حوالي 16عاماً، وكانت تجلس في تلك السهرات.
ووصف بعض الكتّاب زينب بأنّها كانت من أجمل الفتيات في مصر خلال تلك الحقبة، ولم تكن سمينةً كما كان حال معظم النساء في تلك الحقبة.

و كان والدها يعطيها كل الحرية في الاستماع إلى الموسيقى والخروج إلى الشارع وارتداء الملابس التي تشبه ملابس الفرنسيّات الموجودات بالقاهرة، والتي كان يعتبرها باقي الشيوخ نوعاً من "التبرّج" أو انعدام الحِشمة!

وأشاعوا أنّه هناك علاقة غير شرعيّة بين زينب ونابوليون لا يعرفون مداها!
و أصبحت قصة زينب البكرية ونابليون بونابارت من أشهر القصص التي تداولها المصريّون على ألسنتهم في ذلك الوقت.

وأدانوا والدها الشيخ خليل في هذا الأمر، معتبرين أنّ ما يفعله خليل مع قائد الحملة الفرنسيّة يعتبر خيانةً للمصريين، إذ أنّ الجنود الفرنسيّين قتلوا العديد من المصريّين خلال ما يُسمّى بثورة القاهرة الأولى، والتي كانت أحداثها مشتعلة بينما خليل وابنته يسهران مع نابوليون!
أثناء اشتعال أحداث ثورة المصريّين ضدّ الفرنسيّين، نجحت مجموعة من الغاضبين في اقتحام منزل الشيخ خليل، وضربوه وخرّبوا منزله، فذهب إلى نابوليون واشتكى له ما حدث، فأعطاه قائد الحملة أموالاً ليعيد إصلاح منزله ووعده بالحماية.

لكن حدث ما لم يكن خليل يتوقّعه... رحلت الحملة الفرنسيّة عن مصر ، وخضع تحت أيدي الغاضبين الذين اتهموه بالخيانة، لكنّهم لم يكونوا غاضبين منه أكثر من غضبهم من ابنته زينب التي وصفوها بالخائنة الفاجرة!

و ظلت حياة زينب كما هى بعد أن خرج نابليون من مصر عام 1800، لكن الأحوال تبدلت بعدخروج الحملة الفرنسية من مصر عام 1801، حيث قرر الحاكم العثمانى التخلص من كل آثار الاحتلال وأعوانه، وبدأوا بزينب عشيقة نابليون، وبدلا من محاكمة والدها خليل البكرى وجد الشعب فى محاكمة الطفلة التى كانت تبلغ وقتها ستة عشر عاما الحل الأسلم، فدخلوا بيتها واتهموها بالفسق والخيانة والتحالف مع العدو الفرنسى ولم تكن نذالة والدها أمرا غريبا فى هذا الموقف فقد فدا نفسه بها، وأعلن تبرأه منها وأنها مسؤولة عن أفعالها وحكم عليها قبل أى أحد قائلا «اقصفوا رقبتها»، وهو ما تم بالفعل حيث صدر الحكم بإعدام زينب وفصل رقبتها وتعليقها على باب القلعة لتكون عبرة للآخرين، ونفذ الحكم وأصبحت زينب أول مقصوفة رقبة عرفها التاريخ المصرى، وفلت والدها من العقاب وأغمض التاريخ عينه عن كل جرم ارتكبه وظل يلاحق زينب بالعار، وخلد ذكراها على أنها فاسقة عاهرة خائنة باعت شرفها لنابليون دون أن يعترف أن والدها هو المذنب والمحرض والمسؤول الأول والأخير، فكل هذا لا يهم، المهم أن زينب المتهمة بالفسق والفجور قد ماتت وقصفت رقبتها وعلقت على باب القلعة ليبقي السؤال هنا هل كانت زينب جاني ام ضحية ومجني عليها.