ولد الفنان التشكيلي العالمي محمد حامد عويس عام 1919 في قرية كفر منصور التابعة لمركز ببا جنوب محافظة بني سويف ، وتخرّج من المدرسة العليا للفنون الجميلة عام 1944 في القاهرة، وهو حاصل على درجة الاستاذية في التصوير من أكاديمية (سان فرناندو) الأسبانية عام 1969.
حصل عويس على جائزة صالون القاهرة عام 1958 وجائزة الريادة الفنية من وزارة الثقافة المصرية عام 1993 وجائزة جامعة الإسكندرية التقديرية عام 1996، وجائزة الدولة التقديرية في الفن عام 2001 وجائزة مبارك في الفنون عام 2005.
وحصل الراحل على العديد من الجوائز الدولية الرفيعة أبرزها جائزة ‘غوغنهايم’ الدولية عام 1956، وجائزة بينالي الإسكندرية الدولي عامي 1958 و1962، كما نال تكريماً رفيعاً من مصر بحصوله على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1982 ونوط الامتياز من الطبقة الاولى عام 1985.
ونشرت دار نشر الفنون في ألمانيا كتاباًً خاصاً عن عويس وفنه عام 1962 ضمن مجموعة الكتب عن الفنانين المعاصرين فى العالم.
ومن أشهر أعماله لوحة “صيادون من الإسكندرية” التي يقتنيها متحف درسدن بألمانيا و’المطرقة والوعي’ التي يقتنيها متحف الفن الحديث ببرلين، و’الجالسة’ وتوجد بمتحف الفن الحديث في بولندا، ولوحة ‘السد العالي .. الأرض لمن يفلحها’ الموجودة في متحف الفنون الشرقية في موسكو، و’القيلولة’ في متحف الفن المعاصر في مدريد، و’الحصاد’ في متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية.
وبدأت حياته الفنية وتفتحت مواهبه في النحت والرسم في سن مبكرة حتى انه عمل الى جوار احد الرسامين الشعبيين في الرسم على الجدران في مواسم الحج على ما جرت به العادة المصرية في مثل هذه المواسم وعندما اشتد عوده وحصل على الشهادة الاعدادية نصحه معلمه الرسام الشعبي بالالتحاق بمدرسة الصنائع بقسم الزخرفة، وكان ذلك على غير رغبة والده الذي كان يحلم بأن يراه ضابطا متخرجا من مدرسة البوليس، الا ان حامد عويس خالف كل رغبات والده وذهب في غفلة منه لتقديم أوراقه الى المدرسة وفي بداية العام الدراسي واثناء توزيع الطلاب على الاقسام المختلفة، اختاروه ليدرس بقسم الحدادة حيث كان فارع القامة قوي البنية، وكانت صدمة الفنان الصغير كبيرة وفشلت جميع المحاولات التي بذلها لكي ينتقل الى قسم الزخرفة، فما كان منه الا ان سحب اوراقه من المدرسة وعاد بها مكسور الجناحين الى والده راضخا لأمانيه.
بعد ذلك انتقل حامد عويس الى القاهرة بصحبة ابيه للتقدم الى كلية الشرطة “مدرسة البوليس” حينذاك الا انه كان رافضا لما يحدث، غير ان الاقدار كانت الى جانبه عندما رفضته مدرسة البــــوليس، فما كان منه الا ان تقدم بأوراقه على الفور الى مدرسة الفنون الجمـــيلة بالقاهرة فقبلته على الفور بعد اجـــراء الاختبارات المطلوبة ونجاحه بتفوق رغم ان موعد التقديم للمدرسة كان قد انتهى.
انخرط الريفي القادم من الجنوب وسرعان ما امده زملاؤه بالكتب فقرأ بنهم وأخذته قراءاته للاقتناع الكامل بالفكر الاشتراكي فعمل تحت مظلة احد التنظيمات اليسارية.
ورغم ان الاعمال النحتية التي قدمها حامد عويس لفتت انتباه استاذه النحات المعروف عبد القادر رزق الا انه بعد تأهله في السنة الأولى اختار قسم التصوير وذلك بسبب حبه الشديد للألوان التي لم يكن ليستطيع استخدامها في النحت.
بعد ذلك تبنى حامد عويس استاذه الفنان شفيق زاهر عميد المدرسة آنذاك، ثم انضم عويس الى القسم الحر، بعد ذلك تعرف الى زميليه وليم اسحق 1924 ـ 1999 وداود عزيز 1922 وكانا عضوين في حركة حدتو اليسارية، فوجها نظره الى قراءة الأدب العالمي والفكر التقدمي.
وفي عام 1944 قدم حامد عويس مشروع تخرجه حول موضوع الكوليرا وملائكة الرحمة وذلك وقوفا على وباء الكوليرا الذي اجتاح مصر ابان هذه الفترة، وبعدها تخرج عويس في عام 1945 لكن الظروف العامة كانت سيئة فلم يجد فرصة عمل وكان يرى في العمل الثوري حلا لكل مشاكل مصر، فقام بتشكيل جماعة فنية باسم صوت الفنان عام 1945 وذلك بتكليف من المنظمة اليسارية التي ينتمي اليها وضمت الجماعة الفنان جمال السجيني، صلاح يسري، صلاح عبد الكريم رغم بعده عن النشاط السياسي.
وشكل عويس واصحابه جماعة الفن الحديث التي ضمت جمال السجيني، وعز الدين حمودة، وزينب عبد الحميد وصلاح يسري، ويوسف سيده ونبيه عثمان وسعد الخادم، وعددا آخر من الفنانين.
ومع بداية الخمسينات رسم حامد عويس عدة لوحات ذات موضوعات اجتماعية مباشرة مثل النسوة الكادحات في العمل على ماكينة الخياطة والتريكو، والعمال في المصانع او المهن الصغيرة وكذلك المزارعين في الحقول، وكانت تبدو في اللوحات الألوان الرمادية والبنية التي تشـــيع جـــوا من القتامة، وذلك كان الطــــريق الذي رآه حامد عويس معبرا عن موقفه الفكري المنحاز.
بعد ذلك انتقل حامد عويس الى رسم تكوينات من الطبيعة الصامتة متأثرا ببيكاسو وقد اخذت منه هذه التجربة السنوات الأولى من الخمسينات وقد حاول فيها المزج بين الواقع والخيال للجمع ين المنظور الثوري والحرية التعبيرية، وقد تمخض ذلك عن لوحات عديدة مهمة مثل ماسح الاحذية، الشحاذون، قرية بهوت التي صور فيها ظلم الاقطاع.
إلى ان جاءت الانتقالة الواسعة في اعمال حامد عويس بعد رحلته وزيارته لبينالي فينيسيا بايطاليا عام 1952 وهي رحلة نظمها اتحاد خريجي الفنون الجميلة، لا سيما خلال الزيارة التي شاهد فيها الجناح الايطالي في المعرض، وهو الجناح الذي ضم اعمال الاشتراكيين الثوريين مثل جوتوزو، وكازوراتو، وبعد ذلك انتقل الى مرحلة جديدة وظهر ذلك في لوحات عديدة مثل خروج الوردية وهي من مقتنيات متحف الفن المصري الحديث، وكذلك لوحة عمال الدريسة ولوحة اصلاح السكة الحديد التي فازت بجائزة غوغنهايم بنيويوك عام 1956.
بعد ذلك وبسبب علاقته بالفنان محمود سعيد حاول عويس اعادة اكتشاف مدينة الاسكندرية من حيث طبيعة البحر وعوالم الصيادين، ومجتمع الفلاحين والعمال، بعد ذلك اخذ اسلوبه ينتقل الى تمايزاته الخاصة.
وكانت علاقة حامد عويس بثورة يوليو، ورغم انها رفعت شعارات كان ينادي ويعمل من اجلها كثير من الفنانين الا انه التزم منهجا يسميه الحياد الايجابي حيث لم يكن في علاقة سياسية مع النظام ولم تصله في نفس الوقت اجهزة الأمن كما طالت كثيرين، وكان هذا التوجه نابعا من ان دور الفن ليس في حاجة الى حزب مادام قد وجد وظيفته الحقيقية، وبفضل وجود ثروت عكاشة على رأس وزارة الثقافة توافرت له قدر كبير من الحرية وفي هذه المرحلة استطاع حامد عويس ان يحقق الكثير من الشهرة والحضور بعيدا عن اي نشاط سياسي ووجدت لوحاته طريقها الى المحافل الدولية لتمثيل مصر من الاتحاد السوفييتي الى ايطاليا الى المانيا الى اسبانيا، ولفتت اعماله انظار النقاد والمهتمين بشؤون الدول النامية الى موهبته المتميزة، وكتب عنه في عدة كتب واصدارات فنية، واقتبس بعض لوحاته في متاحف موسكو ودرسدن ومدريد والقاهرة .
وحصل حامد عويس على اول منحة تفرغ تمنح لفنان مصري عام 1957، وهو الشيء الذي ترك اثرا كبيرا على اعماله بعد ذلك اختير استاذا للفن بكلية الفنون الجميلة بالاسكندرية مع افتتاحها عام 1957 ـ 1958، وحصل على جائزة غوغنهايم عام 1956 وكذلك شارك في عدد من اهم بنياليات العالم مثل بنيالي فينسيا عام 1952 وتقلد عويس منصب عميد كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية بين عامي 1977 حتى 1979 وانتخب كأول نقيب لفرع نقابة الفنانين التشكيليين بالاسكندرية، وأخيرا حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2000.