أثار مقطع فيديو جدلا واسعًا عبر مواقع التواصل الإجتماعي، يظهر فيها خلافات بين رجل وزوجته بسبب عدم استجابتها لطلبه بالتوقف عن تصوير مقاطع فيديو عبر تطبيق “تيك توك” دون ارتداء الحجاب رغم انها محجبة وطالبها مرارًا بعدم الظهور دون حجاب، لكنها لم تنصت له، مما ادى الى غضب زوجها وقام بسحلها ومزق شعرها فى الشارع، مما جعل الكثيرون يسألون موقف الدين من هذا النوع من العقاب هل يقره الشرع .. وما هو طبيعة العقاب المباح من الشرع للزوجة؟.
فى هذا السياق علق الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قائلاً: إن هذه الزوجة مخطئة، لعدة أسباب: أولا: لأنها كانت محجبة وخلعت الحجاب حتى تصور فيديوهات، ثانيًا: لم تطيع كلام زوجها بارتداء الحجاب وعدم كشف شعرها أمام الأخرين، فلا يجوز للمرأة أن تظهر بشعرها أمام الناس لأن الحجاب فرض بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وأضاف “مهنا”، أن الزوج كذلك مخطأ فطالما لم تسمع كلامه فكان عليه أن يستعين بأحد من أهلها للفصل فى هذا الخلاف، وذلك لقوله تعالى { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}.
وأشار الى أنه لا يجوز للزوج أن يفعل ما فعله بزوجته من سحلها وحلق شعرها، فهو مخطأ ومذنب، وعليه أن يعاملها معاملة حسنة، وكان يجب عليه أن يأتي بحكم من أقاربها واقاربه ليحكموا فى الأمر.
هل يجوز ضرب الزوجة وإهانتها ؟
قالت دار الإفتاء المصرية، إن ضرب الزوجة أو إهانتها أو الاعتداء عليه سواء بالضَّرْب أو بالسب- أمر محرم شرعًا، وفاعل ذلك آثمٌ، ومخالف لتعاليم الدين الحنيف.
وأضاف «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: « هل ضرب الزوج لزوجته حلال ؟» أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة؛ قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21).
ورداً على مَنْ يبيحون ضرب الزوجة نبهت دار الإفتاء على أن الشرع الشريف أمر الزوجَ بإحسان عِشْرة زوجته، حتى جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حُسْن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» (رواه الترمذي).
وأكملت دار الإفتاء في تأكيدها على رفض ضرب الزوجة : أن الشرع حَثَّ على الرِّفْق في التعامل بين الزوج والزوجة، ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفق في الأمر كله؛ فقال: «إنَّ الرِّفقَ لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إلا شانَه» (رواه مسلم).
هل أباح النبي ضرب الزوجة ؟
شددت دار الإفتاء على أنه لم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد أهان أو ضرب أحدًا من زوجاته أبدًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا، ...» (أخرجه مسلم).
العقاب المباح من الشرع للزوجة
وأفاد بأن الضرب الرمزي هو الخيار الثالث بعد النصح والهجر، وهو ليس فرضًا ولا واجبًا ولا سنة ولا مندوبًا، بل هو مباح للزوج إذا وجد نفسه أمام زوجة ناشز وتأكد له أن هذه الوسيلة الوحيدة هي التي سترد الزوجة، فيباح له أن يلجأ إلى الضرب الرمزي هنا، وهذا استثناء من أصل الممنوع، فالضرب كأصل ممنوع في الإسلام، ولأنه استثناء فقد وضعت له شروط حازمة، فغير الناشز يحرم ضربها حتى لو وقع بين الزوجين خلاف، ويحرم على الخاطب أن يمد يده على خطيبته، وشرط آخر أن يكون ضرب الزوج للزوجة بهدف الإصلاح لا العدوان.
حكم ضرب الزوجة الناشز
الزوجة الناشز هي من لا تُطيع زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه شرعًا؛ كالخروج من المنزل بغير إذنه لغير حاجة، والامتناع عنه قصدًا بغير عذرٍ، ونحو ذلك، و ضرب الزوجة الناشز موضوع أسيء فهمه وتعرض القرآن والفقه الإسلامي الصحيح للظلم في هذه المسألة، بسبب ما توقعه كلمة الضرب من جرس ثقيل على النفس البشرية التي لا تقبل أن يضرب إنسان إنسانًا.
الضرب في القرآن وجوب أم إباحة
وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق، إن الله تبارك وتعالى لم يأمر بضرب النساء لكنه أباحه، وفرق كبير بين الأمر والإباحة، وقد جعل الله الضرب مرحلة ثالثة بعد الوعظ والتذكير بشرع الله وبعد الهجر في الفراش، مما يؤكد أن المرأة هنا تكون مُصرة على فعل ما يكرهه زوجها وأن الموعظة لم تجد والهجر لم ينفع، موضحاً أن الشرع يشترط أن يكون الضرب غير مبرح أي مجرد إيلام خفيف بعد أن فشلت كل الطرق في إصلاحها.
وبين الشعراوي في كتابه "فتاوى النساء" أن الله أوجب على المرأة طاعة زوجها لما يبذله من جهد وما يتحمله من مشقة وما يتعرض له من مضايقات تعيده إلى البيت متعباً منهمكاً الأمر الذي يجعل واجب المرأة أن تكون سكناً لزوجها وتزيل عنه إرهاق الحياة ومتاعبها، مؤكداً أن الضرب معناه إظهار عدم الرضا عن شيء يحدث وليس الكراهية ومثله مثل ضرب الأب ابنه، مشدداً على أن الشرع الحنيف حض الزوج على الترفق بهن لضعفهن وقلة حيلتهن.