لطفى لبيب:
- تركت كلية الزراعة من أجل الالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية ونبيل الحلفاوى وهادى الجيار أبرز نجوم دفعتى فى المعهد
- حرب أكتوبر أهم مرحلة فى حياتي وأنا ابن المسرح
- حضرت تصوير “الرصاصة لا تزال فى جيبى” أثناء خدمتى في الجيش
- عمر عبد العزيز منحنى أول فرصة حقيقية فى السينما بفيلم “الكلام فى الممنوع”
- قدمت أعمال دون المستوى من أجل المال
- عينت فى مسرح الطليعة وكان راتبى 17 جنيها و42 قرشا
يكفى أن تكون فى حضرة الفنان لطفى لبيب، أنت على موعد مع الرقى والتحضر والذكريات الجميلة، استقبلنى فى مكتبه بمدينة الرحاب بحفاوة وترحاب شديدين، وفور الدخول خطفتنى مجموعة من الكتب والأوراق الموضوعة على المكتب وصورة كبيرة له، وشاشة كبيرة يتابع من خلالها الأحداث الجارية فى فلسطين ولبنان، ومع احتساء القهوة الخاصة به بدأنا نتبادل أطراف الحديث الذى تطرقنا فيه الى مسيرته الفنية المليئة بالإنجازات، على مدار سنوات طويلة قدم ما يقرب من 390 عملا فنيا بين مسرح وسينما وتلفزيون.
وقبل الدخول فى تفاصيل أعماله الفنية سألته عن الأوراق والكتب الكثيرة على مكتبه الخاص ليرد : هذه مجموعة من مؤلفاتى الفنية، ومع ابتعادى عن التمثيل قررت كتابة بعض الأعمال الفنية أو الخواطر، ولعل من أبرز هذه الأعمال التى كتبتها سيناريو “الكتيبة 26”، والذى أكشف فيه كثير من التفاصيل التى عشتها على مدار 6 سنوات هى مدة خدمتى كعسكرى بالجيش المصرى، وحضرت فيها انتصار حرب أكتوبر المجيدة.
ما الذى تحمله من ذكريات فى حرب أكتوبر؟
بالتأكيد هذه المرحلة الأهم فى حياتى ككل، وعشت مع كتيبتى “26” مشاة الكثير من اللحظات سواء الانكسار أو الفرحة عند النصر، وكنا الخط الأول على الجبهة، وأهم ما أتذكره عن الحرب عندما تم حصارنا من قبل العدو، وكنا نختبئ فى المعسكر الخاص بنا ولا نعلم فى أى لحظة من الممكن أن يتم ضربنا بالصواريخ، واستمر هذا الحصار لمدة 130 يوما انقطعت فيه الماء والطعام حتى أننا استعنا بالتانك الخاص بالسيارات المدمرة حتى يقوم بعملية تقطير للماء وكان لكل جندى “زمزمية” فى اليوم الواحد، والطعام كان ربع وجبة فى اليوم، وحتى انتهى الحصار ولقنّا العدو درسا لن ينساه فى السادس من أكتوبر.
وماذا عن المواقف الإنسانية التى جمعتك بأفراد الكتيبة 26؟
هناك كثير من المواقف الرائعة والإنسانية التى لا تنسى، ولعل من أبرزها احتفالهم بى فى عيد 7 يناير أو عيد الميلاد المجيد، فى هذه الفترة كنا محاصرين، وبرغم من ذلك الشيخ عبد الفتاح صقر وكمال الديب ومحمد حمزاوى أهدوني “جركن” من الماء 20 لترا، وقالوا لى من أجل أن تحتفل بالعيد وأتذكر أيضا النقيب سيد البرعى قائد السرية الأولى فى الكتيبة، الذى حصل على نجمة سيناء من بين 27 جندى حصلوا عليها فى مصر، وذلك بسبب اقتحامه للنقطة القوية بعد أن طلب قذفها بالمدفعية وعرض حياته إلى الخطر حتى يتمكن من تدميرها، وأتذكر أيضا قدامنا بجماعات دفن الشهداء فى الحرب، سواء نعرفهم أو لا نعرفهم.
وماذا عن الأسرى؟
الجيش المصرى كان يتعامل مع أسرى حرب أكتوبر بكل رقى وتحضر، أرى أنها كانت أفضل معاملة فنحن نحسن التعامل مع الغير خاصة الأسرى فى الحرب بعكس ما نشهده حاليا من انتهاكات واعتداءات من قبل العدو الصهوينى اتجاه الفلسطينيين تحديدا، أتذكر عندما أسرنا عددا من جنود الاحتلال الصهوينى فى حرب أكتوبر كنا حريصين على توفير الماء والطعام لهم وعزمنا عليهم “بالسجائر”.
هل فى فترة مشاركتك فى الحرب كنت تعمل كممثل؟
لم يكن أحد يعرفني، ولكن كان تم تعيينى فى المسرح قبل دخول الالتحاق بالجيش، وكنت أرى الفنانين والمبدعين يصورون أفلامهم ونحن على الجبهة وشاركنا فى هذه الأفلام باعتبارنا جنودا على الجبهة ومن بين هذه الأفلام “أبناء الصمت” و"العمر لحظة" و"الرصاصة لا تزال فى جيبى" و"بدور".
كيف يمكن فك الحصار الفلسطينى الحالى؟
الحصار الفلسطينى الحالى لن يتم حله إلا من خلال إعلان الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، ولا جميع الفصائل الفلسطينية أن تفكر فى مصلحة الوطن أولا وأخيرا.
بعد انتهاء فترة الجيش بدأت مرحلة صعبة أخرى تحقيق ذاتك فى مجال الفن على الرغم من أصولك الصعيدية فكيف تحقق ذلك ؟
دخلت معهد الفنون المسرحية، على الرغم من اعتراض أهلى على دخولى الفن، وتم اختيارى بين 12 ممثل من أصل 1400 ممثل تقدموا لدخول المعهد، ومن بين دفعتى نبيل الحلفاوى ومحمد صبحى وشعبان حسين وهادى الجيار ويسرى مصطفى وناديه فهمى، ووقتها تركت كلية الزراعة فى أسيوط من أجل الالتحاق بالمعهد، وكان هنا موقف الأهل منقسم بين مؤيدا لقرارى ورافضا له، خاصة أننا من عائلة محافظة وصعيدية لها تقاليدها وعاداتها.
ولكن تمرت على كل هذه الأمور وكسرت كل الحواجز من أجل دخول الفن، وأجبرتهم أن يحترموا ما أقدمه من فن راق، وسافرت سوريا بعمل مسرحى بعنوان “التركة” لنجيب محفوظ، وكنت وقتها فى المرحلة الثانية من المعهد، وبعد تخرجى عينت فى مسرح الطليعة، وقدمت فى هذه الفترة مجموعة من العروض المسرحية منها “المغنية الصلعاء مازالت صلعاء” للمخرج سمير العصفورى، وبعد سلسلة من الأعمال المسرحية المختلفة، اتجهت الى السينما تحت قيادة المخرج محمد عبد العزيز فى دور صغير بفيلم “جلسة سرية”، ولكن أول فرصة أحصل عليها بشكل حقيقى فى فيلم “الكلام فى الممنوع” مع المخرج عمر عبد العزيز وتأليف ناجى جورج، وكان سبب من أسباب انتشارى فى الوسط الفنى.
قدمت خلال مسيرتك الفنية 390 عملا فنيا بين المسرح والتلفزيون والسينما فكيف ترى هذه المسيرة الطويلة ؟
أراها مسيرة مهمة بالنسبة لى، حاولت خلالها تقديم كثير من الأعمال الفنية لامتاع الجمهور، وحاولت أيضا أن أراعى فيها الجودة الفنية، ولكن أعتبر نفس ابن المسرح فى الأساس، خاصة أننى كانت بدايتى به، وتم تعيينى بالمسرح، وكان مرتبى وقتها 17 جنيها و42 قرشا، وتدرج حتى وصل الى 45 جنيها.
أرى أن دخولى الفن كان أصعب بالنسبة لى من حرب أكتوبر، لان كانت مسالة دخول الفن شاقة جدا، وبرغم من ذلك قدمت عدد من الأعمال الفنية دون المستوى، وهذا بعد كسب المال، ولكن كنت أحرص على تجسيد الشخصية فى أفضل صورة ممكنة، وأبذل قصارى جهدى من أجل تنفيذها بالشكل المطلوب.