تأخرت كثيرا عن مشاهدة فيلم الجوكر الجديدJoker: Folie à Deux لأسباب مختلفة كان من بينها ردود الفعل السلبية الكثيرة حول العمل ومراجعات المتخصصين التي ألقت به إلى الهاوية ووصل الأمر بالبعض إلى وصفه بأنه أسوء جزء ثاني لأي عمل ناجح مر على السينما.
حاولت التخلص من حمل هذه الآراء ومشاهدة الفيلم بنظرة أولية خالية من كل التوقعات ومتأملة في رؤية أفضل.. وهذا ما حدث.. المفاجأة كانت أنJoker: Folie à Deux ليس سيئا لهذه الدرجة.
السؤال الذي يبحث المشاهد عن إجابته طوال 140 دقيقة هي مدة الفيلم وطرحه الكثير من النقاد.. لماذا قرر صناع الجوكر تقديم عمل جديد بنفس فريق عمل الجزء الأول تقريبا وعدم الاكتفاء بالنجاح الكبير الذي حققه عام 2019 الذي كلل بالترشح والحصول على جوائز الأوسكار التتويجية؟
والحقيقة أن الإجابة كانت واضحة تماما.. هذا العمل يكشف لنا مصير آرثر فليك الذي ظلمه العالم منذ لحظة ولادته، وحتى مواجهة لمصيره المحتوم.. وأن كل آماله في الحياة لملاقاة الحب والاهتمام والتفهم لحالته النادرة تبددت على صخرة الواقع.
الإضافة الكبيرة والمهمة والمخيبة للآمال أيضا، في هذا العمل كانت بطلته "ليدي جاجا" التي تلعب شخصية هارلي كوين، حبيبة جوكر التي منحته الحب والأمل والاهتمام.. ولكنه في النهاية لم يكن حبا خالصا كما اعتقد.
هارلي كوين لعبت الشخصية النسائية بالتابوه الشهير عنها.. سأحب هذا الراجل وسأحوله للعبتي التي أشكلها حسب رغبتي.. فلم تحب "لي" يوما الشخصية الضعيفة "آرثر فليك".. ولكنها كانت متيمة بما يمثله "الجوكر" من ثورة وجنون وجموح في أحيان كثيرة.
فكرة المخرج تود فيليبس التي لا يشكر عليها فيJoker: Folie à Deux هي رغبته في إنتاج فيلم موسيقي غنائي تكملة لعمل تعبيري ثوري مليء بالحزن والعنفوان والكآبة المفرطة أحيانا.
لم تضف الموسيقى ولا الغناء أية مشاعر على العمل سوى الملل والرتابة والرغبة في الوصول سريعا إلى النهاية.. وبالتأكيد لم تقدم ليدي جاجا في هذا العمل سوى صوتها الجهوري وخيبة الأمل إلى بطلنا المسكين.
لكن دون ذلك أختلف مع كل من وصف العمل بأوصاف سيئة لأبعد مدى.. فآداء خواكين فينيكس لشخصية الجوكر تعاظم في الإجادة والإبداع وإن كان استحق الحصول على أوسكار أفضل ممثل في المرة السابقة.. فليس بعيدا عنه الترشح مجددا هذا العام.
الموسيقى المصاحبة لبعض مشاهد الجوكر كانت مؤثرة ومتفاعلة جدا حتى التصوير والمشاهد التعبيرية وتكويناتها مع توظيف الإضاءة، كانت معبرة في كثير من الأوقات.
وأخيرا.. يصدمنا العمل في أحد أهم مشاهدهبأن الجوكر بالنسبة لـ"آرثر" لا يتجاوز المعنى البسيط للكلمة وهو "المازح"، الكوميديان الذي حلم أن يضحك الجمهور على نكاته، لا على بؤسه أو مأساته.
والحقيقة أن بطلنا "فليك" لم يكن يوما كوميديا خفيف الظل أو مازحا.. وحينما تخلى عن شخصية وماكياج الجوكر، رفضه الجميع، وعندما أدرك هذه الحقيقة هزمته وأعلن استسلامه أمامها.
رفض الجمهور والنقادJoker: Folie à Deux لأنه تخلى عن فكرة الثورية وحاول إظهار الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع.. أن آرثر فليك ليس بطلا مغوارا ولا جيفارا مدينة جوثام.. ولكنه ببساطة مهرج رفضه العالم طوال حياته ورفضه الجمهور حينما تخل عن حلمهم بالثورة على الواقع.