كتب لها يومًا: "منعزل عن عالمي، نسيم من النجوم آتٍ، يد تمسّكت بفؤادي، عيون القلب لاذت بحبّها عن نظر العالم، مرّت الثواني ترحابًا بورود القمر، رحلة جديدة مع حبيبة مني العمر".
بعض كلمات، لكن ما وراء مقصدها كبير، كثر السؤال بعدما قرأت النص، أي نص.. نسيم من النجوم آتٍ. يضع كل شخص داخله عنوانًا، إن كان بقصد أم لا.
يتخيّل ويبدع داخل ذاته المكنونة، ليرى ما يحب أن يراه فيما قصده من ذلك النص، مثلما يؤمن الطفل بأبويه، يضع نصًا لهما كمثل أعلى وهدف في حياته داخل كراريس عمره، وفي تعاملاته.
إن لهفة ذلك النص تُكمَل بإيمان الشخص به، وأبدع أحد شعراء القاهرة المدعو "ابن نباتة" في العصور الماضية في قوله: "بروحي من نص الغزال لها الولا.. وأقسم ما لي غير جفنك وارث".
وما رأيته أن ذلك الشاعر وضع نصًا أمامه، نصًّا تخيله من أجل ما يحب، وكتب في ذلك أيضًا الشاعر العراقي "عدنان الصائغ": "نسيت نفسي على طاولة مكتبتي ومضيت.. وحين فتحت خطوتي في الطريق اكتشفت أنني لا شيء غير ظل لنص.. أراه يمشي أمامي بمشقة... ويصافح الناس كأنه أنا".
وما أعتقده أن ذلك الكاتب مضى مع حب الناس فيما كتب فيهم، ليرى أن ما كتبه هو لسان حاله من شعور وكلمات ومرور بين سطور أيامه، ليرى فيها صنيع جميل الحب، يخاطبهم بالكلمات والمراسلات ليصنع لهم الهدايا بحروف يملؤها سهر الليل وتأمل الصباح.
إن لوعة النص وحبّه يأتيان من أجل عمل أحبه ذلك المدون، وليس كل مدون كاتبًا ولا شاعرًا ولا روائيًا، لتجد أن النص قد يكون كلمة أو رمزًا من طفل أو شيخ أو مرابط على حب بلاده.
فالإيمان بالكلمات هو النجاح والتوفيق في حد ذاته، فقد يدوّن الطفل بعضًا من أحلامه على جدران غرفته لينظر لها كل يوم وتحفر في أذهانه، وقد يرى العامل نجاحه في كلمة تكريم، ليكلل سعيه بجمال تقدير ذلك النص.