في ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان، يفتتح الجيش الإسرائيلي جبهة جديدة في القطاع الغربي، بعد أسبوع من بدء العمليات البرية في القطاعين الشرقي والأوسط. ورغم الحملة المكثفة التي تشهدها المنطقة، لم تحقق القوات الإسرائيلية تقدمًا استراتيجيًا يُذكر، وذلك وفقًا لمصادر أمنية. يأتي هذا في وقت أصبحت فيه المنطقة خالية من السكان، حيث تحولت إلى منطقة عسكرية تتعرض لقصف مدفعي وجوي متواصل.
الحرب الإسرائيلية في لبنان
على الرغم من توقعات المحللين بأن القوات الإسرائيلية ستتمكن من اختراق خط الدفاع الأول خلال أسبوع، إلا أن تلك القوات لم تحرز تقدمًا استراتيجيًا ملحوظًا داخل الأراضي اللبنانية. شهدت مناطق العديسة وكفركلا محاولات توغل إسرائيلية، إضافة إلى محور يارون ومارون الراس. ورغم ذلك، تمكنت القوات الإسرائيلية من تحقيق "اختراق محدود" فقط على أطراف تلك المناطق، حيث تم نشر صور للقوات الإسرائيلية في أحياء لبنانية قريبة من الحدود، ولكن دون السيطرة الكاملة.
وتمكن مقاتلو "حزب الله" من السيطرة على المرتفعات الحدودية، ما أتاح لهم مراقبة التحركات الإسرائيلية ورصدها بدقة. هذه السيطرة منحتهم القدرة على استهداف التحركات الإسرائيلية بالصواريخ الموجهة خلال الأشهر الخمسة الأولى من الحرب، مما صعّب المهمة الإسرائيلية في تحقيق اختراقات جوهرية في المنطقة.
ويتركز الغرض من العمليات الإسرائيلية في هذه المناطق، كما توضح المصادر، على السيطرة على مرتفعات حيوية ذات أهمية استراتيجية. فمثلاً، تقع يارون ومارون الراس على حافة الحدود، وتتميزان بموقع مرتفع يطل على المناطق السهلية في الجانب الإسرائيلي. كذلك، تقع العديسة على مرتفع يكشف البساتين الإسرائيلية، فيما تطل كفركلا على مستعمرة المطلة في إصبع الجليل. وتُعتبر هذه المرتفعات "مقتلاً" للقوات الإسرائيلية، حيث تعرضت تحركاتها المتكررة للاستهداف على مدار فترة الحرب، مما يفسر تركيز العمليات في تلك المناطق.
من جانبه، أوضح الدكتور عبدالله نعمة، المحلل السياسي اللبناني، أن الاعتداءات المستمرة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على لبنان، وتحديدًا مع توسع الهجمات لتشمل مناطق خارج نهر الليطاني ووصولها إلى بيروت والضاحية الجنوبية، تعد دليلًا قاطعًا على أن الأهداف الإسرائيلية تتجاوز مجرد حماية الحدود. وأكد أن هذه الهجمات تهدف إلى فرض السيطرة على أراضٍ لبنانية، مستغلين ذريعة منع صواريخ حزب الله من استهداف شمال إسرائيل.
وأضاف نعمة في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى التوسع وضم مناطق من جنوب لبنان تحت غطاء عسكري وسياسي، مدعيًا أن هذه الخطوات تهدف إلى منع هجمات حزب الله الصاروخية. ورغم التزام لبنان بقرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يقضي بانسحاب حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، فإن إسرائيل لم تلتزم به. على العكس، يفضل نتنياهو التمسك بالقرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح حزب الله وحصره بيد الجيش اللبناني.
وفيما يتعلق بالوضع العسكري في القطاع الغربي من لبنان، المعروف بالبقاع الغربي، أشار نعمة إلى أن هذه المنطقة تعد معقلًا رئيسيًا لحزب الله. وتشهد المنطقة غارات يومية مكثفة من قبل جيش الاحتلال، تجاوزت 100 غارة يوميًا، مستهدفة في المقام الأول منازل المدنيين، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الشهداء والجرحى منذ بداية الحرب.
واختتم نعمة حديثه بأن حل هذا الصراع قد يتأجل حتى تتضح نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة، مشيرًا إلى أن الموقف الأمريكي تجاه إيران سيؤثر بشكل مباشر على الساحة اللبنانية ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها.