في خطوة جديدة تهدف إلى تحسين وضبط منظومة استيراد سيارات الأشخاص من ذوي الهمم، وافق مجلس الوزراء المصري برئاسة الدكتور «مصطفى مدبولي» على تعديلات في اللائحة التنفيذية لقانون استيراد سيارات المعاقين.
تسعى التعديلات الجديدة لتحقيق حوكمة أكبر لنظام استيراد سيارات ذوي الهمم، مع ضمان وصول الدعم لمستحقيه بشكل أكثر دقة ومنع استغلال التسهيلات المقدمة من قبل غير المستحقين.
الشروط الجديدة لاستيراد سيارات ذوي الهمم
نص التعديل الذي أعلنه مجلس الوزراء على إضافة ضوابط صارمة لضمان استخدام الامتيازات الممنوحة للأشخاص ذوي الإعاقة في استيراد السيارات بشكل عادل. من أهم هذه الشروط:
- بطاقة إثبات الإعاقة والخدمات المتكاملة: يشترط حصول المتقدم على بطاقة إثبات الإعاقة الصادرة من وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع وزارة الصحة. هذا يضمن أن المستفيدين هم فقط الأشخاص ذوي الإعاقة الفعلية.
- التقرير الطبي المعتمد: يجب على المتقدم تقديم تقرير طبي صادر من المجالس الطبية المتخصصة، والذي يتضمن كافة التفاصيل الصحية للشخص ذي الإعاقة ويحدد ما إذا كان بإمكانه قيادة السيارة بنفسه أو يحتاج إلى شخص آخر لقيادتها نيابة عنه.
- استيراد مباشر للسيارات: يُلزم أن تأتي السيارة المستوردة مباشرة باسم الشخص ذي الإعاقة دون المرور بالسيارات المخزنة في المناطق الحرة أو التي تم تعديلها. هذا الشرط يعزز الشفافية ويمنع التلاعب في مصدر السيارات.
- تحديد سعة المحرك: حدد التعديل أن السيارات المستوردة لا يجب أن تتجاوز سعتها اللترية 1200 سي سي، سواء كانت تعمل بالبنزين، السولار أو الهجين، مع حظر استيراد السيارات المزودة بمحركات تربو.
وفيما يتعلق بالسيارات الكهربائية، تم تحديد قدرة المحرك بحد أقصى 200 كيلووات.
- إعفاء بشروط محددة: لا يمكن للمستفيدين التمتع بالإعفاء الجمركي أكثر من مرة خلال خمس سنوات، كما لا يمكن الجمع بين هذا الإعفاء وأية إعفاءات أخرى مقررة بموجب قوانين مختلفة. هذا التعديل يهدف إلى منع الاستفادة المزدوجة من الامتيازات.
- حساب بنكي مُسبق: يجب أن يمتلك المتقدم للإعفاء أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى حسابًا بنكيًا يحتوي على مبلغ يساوي أو يزيد عن ثمن السيارة المطلوب استيرادها لمدة سنة على الأقل قبل تقديم طلب الإعفاء، وذلك لضمان الجدية.
“حوكمة الاستيراد تضمن وصول السيارات للمستحقين”
تحدث المستشار «أسامة أبو المجد» رئيس رابطة تجار السيارات، حول هذه التعديلات لموقع "صدى البلد"، مشيرًا إلى أن تحديد سنة الصنع للسيارات المستوردة يعتبر إجراءً هامًا لضبط السوق، حيث قال:
الحد الأقصى للسيارات ثلاث سنوات من تاريخ الصنع مالوش علاقة بالسيارات الموجودة في المنطقة الاقتصادية والمخازن الخاصة اللي واخدة تصاريح لاستيراد هذا النوع من السيارات."
وأوضح أبو المجد أن هذا التعديل سيحد من التلاعب في السوق المصرية ويساهم في تقليل فرص استيراد السيارات لأغراض غير قانونية.
وأكد أن هذه التعديلات قد تستغرق “6 أشهر تقريبًا” لتفعيلها بالكامل، وهي فترة كافية لضبط السوق وتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة الفعليين.
التعديلات قد لا تنصف الفئات الفقيرة والمتوسطة
في المقابل، يرى منتصر زيتون، عضو شعبة السيارات بالغرفة التجارية، أن التعديلات لم تأخذ في الاعتبار الظروف الاجتماعية والمادية للفئات الأكثر احتياجًا من ذوي الإعاقة.
وفي تصريح خاص لموقع "صدى البلد"، أشار زيتون إلى أن التعديلات الجديدة قد أغلقت بشكل غير مباشر باب استيراد السيارات للمعاقين، خاصة مع تحديد سعة المحرك بحد أقصى 1200 سي سي وحظر المحركات التربو. وقال:
"بصراحة، التعديلات لم تُنصف ذوي الهمم البسطاء الذين تضرروا من هذه التعديلات الجديدة، فأولًا، تحديد السيارات بسعة 1200 سي سي واشتراط عدم وجود تربو، بالإضافة إلى شرط مرور ثلاث سنوات، قد أغلق باب استيراد سيارات ذوي الإعاقة بشكل غير مباشر. فالسيارات الحديثة ذات سعة 1200 سي سي جميعها تقريبًا مزودة بتقنية التربو.
وأضاف: "نعم، المشرع أراد منع استيراد السيارات للمخالفين وهم قلة، ولكنه أيضًا منع الأغلبية المستحقة، دون مراعاة لظروفهم الاجتماعية والمادية".
مشيرًا إلى أن أغلب ذوي الإعاقة ينتمون للطبقات الفقيرة والمتوسطة وتحت المتوسطة، وكانوا يعتمدون على استيراد سيارات بسعر أقل من 200 ألف جنيه في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع سعر العملة. وكان الموديل القديم هو السبيل الوحيد لهم، لكن التعديلات الجديدة حرمتهم من هذا الخيار، يقول:
“كنت أتمنى أن يبقى القانون كما هو دون تعديل، مع تكثيف عمليات التفتيش من اللجان المرورية. وكان من الممكن إضافة شرط الحالة الاجتماعية للمستورد ومدى توافقها مع نوع السيارة المستوردة، مع وضع لوحات جمارك مميزة للسيارة حتى يتم الإفراج النهائي عنها بعد فترة الحظر”.
التعديل الجديد أنهى مبادرة السيارة كحق لذوي الهمم
نوه منتصر زيتون إلى أن الغالبية العظمى من ذوي الهمم هم من الفئات الأقل دخلًا، وكانوا يعتمدون على استيراد السيارات المستعملة الأقل من 200 ألف جنيه. الآن، التعديلات الجديدة حَرَمَت هذه الفئة من حقها في استيراد سيارة مناسبة.
وأوضح زيتون أن من الأفضل أن يبقى القانون كما هو، مع تعزيز عمليات التفتيش على المستوردين لضمان استحقاقهم للإعفاءات، بدلاً من فرض هذه القيود الصارمة التي قد تؤدي إلى تقليل فرص المستحقين الحقيقيين.
وفيما يخص تأثير التعديلات على التجار والموزعين، يعتقد عضو شعبة السيارات أن الفرصة أمام المعاقين لاقتناء سيارة قد انتهت بالفعل مع هذه التعديلات، مما قد ينعكس سلبًا على الطلب في السوق.
التعديلات في قانون استيراد سيارات ذوي الهمم لضبط السوق والحد من المخالفات
من جانبه، أكد «خالد سعد» الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، أن التعديلات الجديدة جاءت في إطار ضبط السوق والحد من استغلال القانون لأغراض تجارية. وأوضح سعد أن التعديلات تشمل تحديد سعة المحرك لتكون بحد أقصى 1200 سي سي للسيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل، كما تم منع استيراد السيارات المزودة بمحركات تربو. وأضاف سعد:
"التعديل أيضًا يتضمن تحديد عمر السيارة المستوردة بثلاث سنوات بحد أقصى، بما في ذلك سنة الموديل."
وأشار إلى أن هذه التعديلات جاءت نتيجة رصد العديد من حالات استيراد السيارات بغرض التجارة وليس الاستخدام الشخصي من قبل ذوي الإعاقة، وأن هذه الإجراءات ستحد من تلك الممارسات غير القانونية. وأضاف:
"الكثير من السيارات كانت تستورد بهدف إعادة بيعها في السوق المحلية بأسعار مرتفعة، مستفيدين من الإعفاءات الجمركية التي يحصل عليها ذوو الإعاقة."
كما أشار إلى أن السيارات المحتجزة في الجمارك والتي تم استيرادها قبل صدور التعديلات، يجب أن تُعفى من أي رسوم إضافية أو أرضيات، مراعاة لظروف المستوردين الذين لا ذنب لهم في التعديلات المفاجئة.
تأثير التعديلات على السوق المصري
من الواضح أن التعديلات الجديدة ستحدث تغييرًا جذريًا في سوق استيراد سيارات ذوي الهمم في مصر. من جهة، تسعى الحكومة لضمان وصول السيارات لمستحقيها ومنع استغلال القانون. ومن جهة أخرى، قد يتضرر العديد من ذوي الهمم الذين يعتمدون على استيراد السيارات المستعملة ذات التكلفة المنخفضة.
وفي النهاية، تبقى التحديات قائمة أمام تنفيذ هذه التعديلات بشكل يحقق التوازن بين ضمان حقوق ذوي الهمم الفعليين، والحفاظ على فرصهم في اقتناء السيارات التي تناسب احتياجاتهم وإمكانياتهم.