في أزقة غزة الضيقة، حيث يكبر الأطفال بين أصوات الطائرات الحربية والأنقاض، كانت تالا، البالغة من العمر 10 سنوات، تعيش طفولة بسيطة وسط عائلتها التي تحاول بأقصى جهدها أن تمنحها حياة طبيعية في ظل الحصار والقصف المستمر.
ورغم الأجواء المشحونة بالخوف والرعب، كانت تالا معروفة بابتسامتها التي لم تفارق وجهها، وكأنها تقاوم كل ما حولها بحبها للحياة وأحلامها البريئة.
كانت تالا تحب اللعب مع إخوتها في باحة المنزل المتواضع، ترسم على الجدران أزهارًا وألوانًا زاهية، كأنها تحاول أن تزرع الأمل في عالمٍ أصبح مليئًا بالدمار.
وقال والدها (حسام أبو عجوة) لموقع صدي البلد: "تالا، رغم صغر سنها، كانت تفهم جيدًا ما يحدث حولها كانت تسألني لماذا تُسمع هذه الأصوات المخيفة في السماء؟ ولماذا نختبئ كلما بدأت الطائرات في التحليق؟"
في يوم استشهاد تالا، حاول والداها إبقاؤها في المنزل لحمايتها من القصف المستمر.
وقال والدها، وهو لا يزال متأثرًا بما حدث: "أنا كأب شعوري لا يوصف بعد استشهاد طفلتي البريئة صاحبة الـ10 سنوات كان كل حلمها أنها تلعب قبل استشهادها، فضلت تترجاني أنا ووالدتها نتركها تلعب بالشارع أنا بسبب شدة القصف كنت رافض وخايف، لكنها فضلت تعيط لوالدتها أنها تنزل تلعب بالشارع مع صاحباتها."
وبعد إلحاح شديد، ارتدت تالا حذاء التزلج الخاص بها، الذي كانت تحبه بشدة، ونزلت لتلعب مع أصدقائها لكن اللحظة التي نزلت فيها على السلم كانت اللحظة التي غيرت حياة عائلتها إلى الأبد بعد دقيقة واحدة فقط، دوى صوت قصف عنيف في المنطقة.
ويتذكر والد تالا اللحظة الفاصلة قائلا: "سمعنا صوت القصف الشديد علينا جريت أدور على بنتي، لكن الغبار كان شديدًا لم أستطع إلا أن أرى 'الاسكيت' بتاع تالا على السلم شيلتها وقعدت أجري بيها على المستشفى لكنها كانت متوفية أنا من صدمتي ما شفت غير بنتي فقط لكن حكولي أن أطفالًا غيرها استشهدوا في نفس القصف وكانت الجثث بجوار بنتي وبنتي استشهدت قبل أن تلعب ببراءة الأطفال. صواريخ الاحتلال كانت أسرع من 'اسكيت' تالا. كانت بتحبه كتير."
تالا، الفتاة التي كانت تحلم بلحظات بسيطة من اللعب، انتهت حياتها البريئة قبل أن تتمكن من تحقيق حلمها. ووالدها، الذي كان يحاول حمايتها، وجد نفسه عاجزًا.
وتابع والدها وهو يحاول السيطرة على مشاعره: "هذه هي الطفولة في غزة.. بنتي طفلة بريئة صغيرة الحجم تم قصفها بصواريخ موجهة أصلاً لحروب جيوش عظمى تفجر جبال. العالم تضامن معنا، لكن هذه مشاعر فقط. أتمنى أن تكون تالا آخر شهيدة، وأتمنى وقف نهر الدماء في غزة. إنها حرب بين أطفال وصواريخ قوية."
وتالا لم تكن الوحيدة التي فقدت حياتها في ذلك اليوم. القصف العشوائي قتل العديد من الأطفال الآخرين، تاركًا خلفه عائلات مدمرة وقلوبًا محطمة. لكن تالا، بابتسامتها وأحلامها الصغيرة، أصبحت رمزًا للأمل الذي يعيش رغم الألم، وللطفولة التي تقاوم رغم الدمار.
ففي حي الرمال – منتزه البلدية، حيث كانت تالا تلعب مع أصدقائها، يظل المكان شاهدًا على القصة المأساوية التي لا تزال تتكرر في غزة، قصة أطفال يقعون ضحايا حرب لا ذنب لهم فيها سوى أنهم ولدوا في منطقة تعيش تحت نيران صواريخ الاحتلال.