يتجلى حب الشعر العامي في قلب كل قارئ وكاتب، وصولًا إلى لحظات التأمل العميقة، يمتزج الشعر بحياة اليومية بكل بساطة وجمال، يتجلى هذا الحب في قدرته على نقل مشاعرنا وأفكارنا بأسلوب عفوي يعبر عن التجارب الإنسانية. من خلال التعبير عن الحقيقة والواقع بأسلوب يتسم بالصدق والشاعرية، وذلك يتضح في كلمات ودواوين شاعر العامية سعيد سلامة الحاصل على جائزة أحمد فؤاد نجم.
بداية حبك للشعر.. كيف نشأ لديك شغف الشعر العامي؟
بدأ حبي لشعر العامية منذ الصغر، حيث كنت أسمع القصائد والأغاني التي تعبّر عن الحياة اليومية والمشاعر البسيطة بلغة قريبة من الناس، وجدت في العامية وسيلة للتعبير بحرية ودون قيود، فهي تمتاز بالعفوية والقدرة على إيصال المشاعر بصدق وقوة، كانت تلك القصائد والمفردات تنقل نبض الشارع وتعكس تفاصيل الواقع الذي أعيشه، مما جعلني أشعر بأنني جزء من هذا العالم الشعري وأريد أن أكون صوتًا يعبر عن تجربتي وتجارب الآخرين.
كيف تنبعث أفكارك في الشعر؟ هل تكون مدققاً في التفاصيل لإيجاد فكرة؟
أفكاري في الشعر تأتي غالبًا بشكل عفوي، من مواقف بسيطة أو مشاعر مفاجئة تثير بداخلي رغبة في التعبير، قد تأتي الفكرة من مشهد يومي، أو لحظة تأمل في الطبيعة، أو حتى من كلمة عابرة تلامس شيئًا بداخلي، وبالنسبة للتدقيق في التفاصيل، فأنا أميل إلى ترك الفكرة تتشكل بحرية في البداية، ثم أعود لاحقًا لصقلها وإعادة النظر في التفاصيل، أحيانًا تكون الفكرة قوية بذاتها ولا تحتاج إلى الكثير من التدقيق، وفي أحيان أخرى تتطلب العمل على تفاصيلها بشكل دقيق لتصل إلى الجمهور بالشكل الذي أريده.
كيف كانت البداية في ترجمة ديوانك؟
البعض يظن أن ترجمة ديواني بدأت عندما شعرت أن لدي رغبة قوية في أن يصل شعري إلى جمهور أوسع يتجاوز حدود اللغة، لكن في حقيقة الأمر كانت لدي فرصة ذهبية للتواصل مع مترجمين ومهتمين بالأدب العربي بشكل مباشر، مما فتح الباب لترجمة أحد دواويني إلى الإسبانية، كانت الفكرة بالنسبة لي تحديًا جميلًا، حيث أن ترجمة الشعر ليست مجرد نقل كلمات، بل محاولة لنقل الروح والمشاعر التي تحملها القصيدة، أردت أن أرى كيف يتفاعل قراء من ثقافات مختلفة مع أفكاري ورؤيتي للعالم، وهذا ما دفعني لاستكشاف عملية الترجمة بشكل أعمق.
كيف استقبل الجمهور الأجنبي ديوانك؟
كان استقبال الجمهور الأجنبي لديواني يمضي كالطير إيجابيًا بشكل كبير، لاحظت أن القراء تأثروا بالعواطف العميقة والمواضيع الإنسانية التي تناولتها القصائد، والتي تجاوزت حاجز اللغة والثقافة، فالبعض أعجب بالتفاصيل الشعرية والطبيعة العفوية في التعبير، بينما وجد آخرون أن القصائد تعكس مشاعر وأفكار مشتركة بين البشر، بغض النظر عن اختلافاتهم الثقافية، كانت تجربة ممتعة أن أرى كيف يتفاعل الجمهور الأجنبي مع قصائدي وكيف يجدون في كلماتي أصداء من تجاربهم الشخصية.
أي البلدان شهدت ترجمة ديوانك "يمضي كالطير"؟
تمت ترجمته في إسبانيا إلى اللغة الإسبانية، كان هذا الديوان هو الأول الذي تم نقله إلى لغة أخرى، حيث وجدت فيه صدى كبيرًا لدى المترجمين المهتمين بالأدب العربي، الترجمة فتحت لي نافذة جديدة للوصول إلى جمهور مختلف، وأتمنى أن تنتهي مترجمة اللغة الانجليزية من ترجمته في القريب العاجل لتصل قصائدي إلى المزيد من القراء حول العالم بما أنه الآن في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا باللغة العربية.
من بين شعراء العامية الذين تفضل قراءة قصائدهم؟
أحب أن أقرأ لشعراء العامية المصرية الكبار مثل صلاح جاهين الذي أعتبره من أهم الرموز في الشعر العامي المصري بأشعاره التي تمزج بين العمق والبساطة، وعبد الرحمن الأبنودي الذي أثرني بقصائده التي تعكس روح الريف والمجتمع المصري بشكل عميق، كما أنني أستمتع بقراءة أشعار فؤاد حداد الوالد صاحب الموهبة الفذة الذي يمتاز بلغته الغنية وقدرته على تحويل التفاصيل اليومية إلى قصائد مدهشة تنبض بالحياة، هؤلاء الشعراء شكلوا جزءًا من وعيي الشعري وأثروا في أسلوبي الخاص، بالإضافة إلى الكثير من الشعراء المعاصرين ولا أريد أن أذكر أسماءًا حتى لا أنسى أحدا منهم.
ما هي القصائد التي قمت بترجمتها وما السبب وراء اختيارك لهذه القصائد؟
قصيدة (لا تصالح) للشاعر الكبير أمل دنقل لأنني وجدت أنها لابد أن تُقرأ في الخارج في ظل هذه الظروف المؤسفة التي تمر بها بعض البلدان العربية، وبعض من قصائد فؤاد حداد ورياض الصالح الحسين، وبعض الإقتباسات من كتابات الشعراء (حسين بن حمزة ولطفي تياهي وسوزان عليوان وفاطمة رحيم وعلي عكور وأحمد بخيت والأخضر بركة وبلال راجح وبسام حجار) لأنني أردت أن أنقل ما أعجبني أيضًا للخارج.
كيف شعرت بعد فوزك بجائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية المصرية؟
الحصول على جائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية المصرية كان شعورًا عميقًا بالامتنان والفخر، هذه الجائزة تحمل اسمًا كبيرًا في تاريخ الشعر العامي، لذا فهي تمثل تقديرًا ليس فقط لعملي الشخصي، ولكن أيضًا لجهودي في نقل صوت الناس ولغتهم الحية عبر الشعر، الجائزة أعطتني دافعًا للاستمرار في تطوير كتاباتي والتعمق أكثر في التعبير عن هموم الناس ومشاعرهم، وكانت لحظة تحقق من أن الكلمة الصادقة التي تنبع من القلب قادرة دائمًا على الوصول.
ما هو رأيك في مدى انتشار شعر العامية المصرية وهل يحظى بالاهتمام الكافي؟
مشهد شعر العامية في مصر غني ومتنوع، فهو يمتد من تجارب شعراء كبار تركوا بصمة دائمة إلى أصوات شابة تطرح رؤى جديدة، العامية المصرية دائماً ما كانت وسيلة قوية للتعبير عن مشاعر الناس وقضاياهم اليومية، ولهذا أرى أن شعر العامية لا يزال يحظى باهتمام كبير، سواء من الجمهور أو من النقاد، رغم التحديات الثقافية والإعلامية، يظل هذا الشعر قريباً من الناس، لأنه يعبر عنهم بلغتهم الحية والبسيطة، في الوقت نفسه، أعتقد أن هناك حاجة أكبر لدعم الشعراء الشباب وإتاحة مساحات لهم للتعبير عن تجاربهم وتجديد هذا المشهد الأدبي.
ما خططك القادمة في عالم الشعر؟
في القريب ستتم طباعة ديواني الرابع بالإسبانية الذي يحمل عنوان (Libre- حُر) في إسبانيا وهذا الديوان مهدىٰ (للحالمين الأحرار أعداء اليأس)، وبعد ذلك دواوين أخرى لم أُعلن عنها بعد.