قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

الاستراتيجية الدبلوماسية والعسكرية لمصر.. 5 دروس مستفادة من حرب 6 أكتوبر

×

تعد حرب أكتوبر 1973 من أهم الأحداث في التاريخ المصري الحديث، ليس فقط بسبب الانتصار العسكري الذي حققته القوات المصرية، ولكن أيضًا لما أظهرته من قدرة مصر على الجمع بين الدبلوماسية الفعالة والتخطيط العسكري المحكم.

كانت هذه الحرب بمثابة تتويج لسنوات من التحضير العسكري والدبلوماسي على حد سواء، حيث قاد الرئيس أنور السادات الأمة من حالة الإحباط بعد هزيمة 1967 إلى استعادة الأراضي المفقودة وإعادة الثقة الوطنية.

يركز هذا التقرير، الثاني في سلسلة تقارير حرب ٦ أكتوبر، على استراتيجيات مصر الدبلوماسية والعسكرية التي ساهمت في تحقيق النصر في حرب أكتوبر، والدروس المستفادة التي ما زالت تؤثر على السياسة المصرية حتى اليوم.

الصبر والتحضير الدقيق

بدأت الاستعدادات العسكرية لحرب أكتوبر فورًا بعد هزيمة 1967، حيث أدرك القادة العسكريون المصريون أن استعادة سيناء لن تتحقق إلا عبر استراتيجية عسكرية محكمة تتضمن تحضيرًا طويل الأمد وتدريبات مكثفة، تم تجهيز القوات المسلحة المصرية بشكل تدريجي، وتم وضع خطة هجومية محكمة تركز على عبور قناة السويس وكسر خط بارليف الإسرائيلي.

لعب القادة المصريون، بمن فيهم الفريق سعد الدين الشاذلي، دورًا رئيسيًا في تطوير خطة هجومية تعتمد على عنصر المفاجأة والتنسيق بين القوات الجوية والبرية، هذا التخطيط العسكري كان مدعومًا بتحليل دقيق لقدرات العدو، حيث ركز المصريون على نقاط ضعف القوات الإسرائيلية واستفادوا من أخطاء حرب 1967.

الدبلوماسية الهادئة.. استراتيجية السلام والحرب

إلى جانب التحضير العسكري، لعبت الدبلوماسية دورًا حاسمًا في التحضير لحرب أكتوبر، وسعى الرئيس أنور السادات إلى كسب دعم الدول العربية والحلفاء الدوليين لضمان ألا تخوض مصر الحرب بمفردها.

على المستوى العربي، عمل السادات على تعزيز وحدة الصف العربي، حيث استطاع الحصول على دعم مالي وعسكري من الدول العربية، وخاصة من المملكة العربية السعودية وسوريا.

كما نجحت الدبلوماسية المصرية في التعامل مع القوى العظمى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. على الرغم من أن مصر كانت تعتمد في تلك الفترة على السلاح السوفيتي، إلا أن السادات سعى إلى توازن القوى والتأكد من أن الحرب لن تؤدي إلى تصعيد خطير مع القوى الكبرى.

الحرب النفسية والتضليل الاستراتيجي

كانت أحد أهم العناصر التي ساهمت في نجاح الهجوم المصري هو الخداع الاستراتيجي الذي سبق الحرب، قامت، في الأشهر التي سبقت أكتوبر 1973، القوات المصرية بسلسلة من التدريبات العسكرية والإجراءات التي جعلت العدو يعتقد أن مصر غير مستعدة لشن هجوم شامل.

بل إن الجيش المصري عمد إلى تقليص أنشطته العسكرية في الفترة التي سبقت الهجوم مباشرة، مما جعل إسرائيل تعتقد أن الوضع سيبقى هادئًا.

ومن الأمثلة البارزة على هذا التضليل، الترويج لمعلومات تفيد بأن القوات المصرية تقوم بتدريبات دورية على الجبهة، مما أدى إلى فقدان إسرائيل لليقظة في الوقت الحاسم.

هذا الخداع أتاح لمصر تحقيق عنصر المفاجأة، الذي كان حاسمًا في الساعات الأولى من الهجوم.

التنسيق العربي ودور الجبهة السورية

من الناحية الدبلوماسية، كانت الوحدة العربية خلال حرب أكتوبر عاملاً أساسيًا في النجاح العسكري. وتزامن الهجوم المصري على سيناء مع هجوم سوري على مرتفعات الجولان، مما أدى إلى تشتيت القوات الإسرائيلية وجعل من الصعب على إسرائيل التركيز على جبهة واحدة.

هذا التنسيق بين الجبهتين كان نتيجة لتفاهمات دبلوماسية جرت بين السادات والرئيس السوري حافظ الأسد.

إضافةً إلى ذلك، كان الدعم العربي المادي والسياسي مهمًا جدًا في هذه الحرب، فقد استخدمت الدول العربية سلاح النفط كوسيلة ضغط على الدول الغربية التي دعمت إسرائيل، مما جعل من الصعب على إسرائيل الحصول على الدعم الغربي الكامل خلال الحرب.

الاستراتيجية الدبلوماسية لتحقيق السلام

بعد تحقيق النصر العسكري في المراحل الأولى من الحرب، تحول السادات نحو الدبلوماسية لتحقيق الأهداف السياسية لمصر، على الرغم من أن الحرب كانت دليلاً على القوة العسكرية المصرية، إلا أن السادات أدرك أن الحل النهائي يجب أن يكون من خلال المفاوضات السياسية.

بدأ السادات في توجيه الجهود نحو التوصل إلى تسوية سياسية مع إسرائيل، مما أدى إلى مفاوضات السلام التي بدأت بعد الحرب.

وكان هذا القرار خطوة جريئة تهدف إلى ضمان استعادة سيناء بشكل كامل عبر الوسائل الدبلوماسية. أدى هذا في نهاية المطاف إلى توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1979 واستعادة سيناء إلى السيادة المصرية.

إن الدروس المستفادة من حرب أكتوبر تستمر في توجيه الاستراتيجية العسكرية والدبلوماسية لمصر، وهي تذكير دائم بقوة الإرادة والتخطيط الاستراتيجي في تحقيق الانتصارات.