تحتفل الطرق الصوفية مساء الاثنين المقبل، بالليلة الختامية لمولد السيدة فاطمة النبوية، ابنة الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنهم، حيث تحتفي الطريقة الرفاعية غدًا بالذكرى في مسجدها.
والسيدة فاطمة النبوية هى الدينة النيرة القريبة الشبه بجدتها الزهراء البتول السيدة فاطمة الزهراء بنت سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم في جودها وجلدها وزهدها، وفي السطور التالية نرصد أبرز ما ذكر عن السيدة فاطمة النبوية.
مولد السيدة فاطمة النبوية
ولدت السيدة فاطمة النبوية رضى الله عنها في أوائل العقد الثالث من الهجرة، وأمها هي السيدة "أم إسحق بنت طلحة بن عبيد الله"، وشقيقها الأكبر هو الإمام "على زين العابدين"، وشقيقتها هي السيدة "سكينة بنت الحسين" رضى الله عنهما وأرضاهما؛ وذكر "ابن حيان" في كتابه "طبقات الأتقياء" إن السيدة فاطمة النبوية توفيت في السبعين، وقد أطلق عليها الإمام الحسين فاطمة تيمنًا باسم أمه السيدة فاطمة الزهراء، وكذلك لأنها أكثر بناته شبها بها رضى الله عنها.
للسيدة فاطمة النبوية ثلاث شقيقات وستة أشقاء، أشقاؤها من الإمام الحسين هم: "على الأكبر"، و"على الأوسط" و"على الأصغر" الملقب "بزين العابدين" و"محمد"، و"عبد الله"، و"جعفر"، والشقيقات هن: "أم كلثوم" و"زينب" و"سكينة" رضى الله عنهم أجمعين؛ وكانت نشأتها فى بيت الإمام الحسين الذى تعلمت فيه الأخلاق النبوية، كما شهدت الكثير من الأحداث التاريخية المهمة وهى فى ريعان شبابها، مثل تنازل عمها الإمام الحسن عن الخلافة لمعاوية ثم استشهاده مسموما رضى الله عنه، ثم معركة كربلاء واستشهد أبيها الإمام الحسين واستشهاد أشقائها وأبناء عمومتها، وكانت فاطمة النبوية صغيرة تختبئ فى عباءة عمتها السيدة زينب رضى الله عنها، وذلك عندما ساقهن يزيد بن معاوية لعنه الله أسيرات بعد مقتل الإمام الحسين.
جمال السيدة فاطمة النبوية
السيدة فاطمة النبوية كانت ذات جمال وخلق حسن، وتوافد الخطاب لخطبتها لينالوا شرف مصاهرة الإمام الحسين وليدخلوا فى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "كل نسب مقطوع يوم القيامة إلا نسبى وصهري"، حيث تقدم ابن عمها الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط إلى أبيها الإمام الحسين ليخطب إحدى ابنتيه، السيدة سكينة أو السيدة فاطمة النبوية، فاختار له الإمام الحسين السيدة فاطمة زوجة له، وقال له: "لقد اخترت لك ابنتى فاطمة فهي أكثر شبها بأمي فاطمة الزهراء، أما في الدين فتقوم الليل كله، وأما في الجمال فتشبه الحور العين".
زواجها ومن هم أبناؤها
تزوجت فاطمة النبوية في حياة أبيها، وأنجبت للإمام الحسن المثنى ثلاثة أبناء، هم: "عبد الله المحض" و"إسماعيل الديباج" الذى ينسب إليه آل (طباطبا) بالعراق ومصر وغيرهما، ثم "الحسن المثلث"، وقد زوجها الإمام "الحسن المثنى" فى سجن أبى جعفر المنصور بعد أن أعقب نسلا طيبا، ثم تزوجت السيدة فاطمة النبوية بعد وفاته بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وولدت له: "محمد" و"القاسم".
كانت السيدة فاطمة النبوية راوية لأحاديث جدها رسول الله صل الله عليه وآله وسلم، حيث استند إليها ابن إسحق فى روايته للسيرة النبوية المطهرة التي كتبها ابن هشام المعرفة ب "سيرة بن هشام"، فتحت عنوان "إسنادات الرجال" ستجد اسم السيدة فاطمة النبوية ضمن الأسماء القليلة الموثوق بها التي رجع إليها ابن إسحق وابن هشام عند كتابة السيرة النبوية المطهرة؛ كما روت السيدة فاطمة النبوية العديد من الأحاديث المرسلة عن جدتها السيدة فاطمة الزهراء ابنة رسول الله، كما روت أحاديث أخرى عن أبيها وعمتها السيدة زينب بنت الإمام على بن أبى طالب، وكذلك عن أخيها الإمام على زين العابدين، فضلا عن مروياتها عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، وكذلك عن عبدالله بن عباس والسيدة أسماء بنت عميس وبلال بن رباح مؤذن الرسول صل الله عليه وآله وسلم، وقد روى عنها الإمامان أحمد وابن ماجة عن أبيها الإمام الحسين عن النبي صل الله عليه وسلم.
كانت أشبه الناس بجدتها السيدة فاطمة الزهراء، وكانت فصيحة أديبة كريمة دائمة العبادة، وقد ضَمَّت إليها اليتامى اللائي فقدن الآباء في موقعة كربلاء وغيرها، وكانت أحيانًا تستصحبهن في رحلاتها، وتضم إليها أخريات وآخرين.
قالوا: وكُنَّ معها في عودتها إلى مصر، كما عادت أختها (سُكَيْنَةَ)، حتى ماتت ودفنت بها؛ ولهذا سميت السيدة فاطمة (أم اليتامى).
تَزَوَّجَتْ أولًا من ابن عمها الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي، وقد أعقبت منه عبدَ الله المحض -أي الخالص العبودية لله- وكان عالمًا شاعرًا هُمَامًا، وهو أبو (إبراهيم الجواد) المدفون رأسه بالمطرية، وأبو زينب المشهورة بـ (فاطمة النبوية) في العباسية.
أمَّا مدفنه هو (أي عبد الله المحض)، فإنه بالقاهرة بحي عابدين، وقد يكون في هذا نظر إذا أخذنا في الاعتبار قول من يقول بأنه مات في سجن أبي جعفر ببغداد؛ فيكون الأرجح قول من يقول: إنَّ عبد الله الذي بمصر إنما هو ولي صالح من نسل عبدِ الله المحض؛ ولهذا نسب إليه أو لقب بلقبه.
ومن أبناء السيدة فاطمةَ غير المحض: إسماعيل الديباج، الذي ينسب إليه آل (طباطبا) بالعراق ومصر وغيرهما، ثم الحسن المثَلَّث، وقد ماتا في سجن أبي جعفر المنصور، بعد أن أعقبا نسلًا طيبًا.
ثم تزوجت فاطمة ثانيًا بعد وفاة الحسن المثنى -زوجها الأول- بـ (عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان)، فولدت له: محمدًا والقاسم.
روايتها للحديث
وقد روت فاطمة رضي الله عنها بعض أحاديث جدها صلى الله عليه وسلم عن أبيها الحسين، وعن عمتها زينب بنت علي، وعن عبد الله بن عباس، وعن بلال بن رباح... وغيرهم، وعنها روى أبناؤها رضى الله عنهم.
ألقابها ووفاتها
لقبت السيدة فاطمة النبوية ب "أم اليتامى" و"أم الحنان" و"أم المساكين" فى العديد من كتب المؤرخين، لأنها كانت ترعى اليتامى والمساكين وتنفق عليهم، فكانت دارها مأوى لليتامى والمساكين من كل الأقطار، فيما يشبه المؤسسات الخيرية، وكانت تطعمهم وتكسوهم وتعينهم بشتى السبل حتى توفيت عام 110هجري ودفنت بمصر، وصار لها مسجدا ومقاما فى منطقة الدرب الأحمر، وقد أكد شيخ الإسلام الأجهوري مؤيدا ب «خطط الشهاب الأوحدي» قدومها إلى مصر ووفاتها بها، وذلك عندما قال: إن السيدة فاطمة النبوية بنت سيدنا الحسين السبط رضى الله عنه مدفونة خلف الدرب الأحمر بزقاق في مسجد جليل ومقام عظيم عليه من المهابة والجلالة والوقار ما يسر القلوب للناظرين.