قال الشيخ الدكتور بندر بليلة؛ إمام وخطيب المسجد الحرام، إن من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى المعنوية نعمة المحبة والألفة، ومنة المودة والرحمة نعمة عظيمة.
بها يطيب العيش
وأوضح “ بليلة ” خلال خطبة الجمعة الأولى من ربيع الآخر من المسجد الحرام بمكة المكرمة أن بها يطيب العيش، وتدوم الروابط، وتزهر العلاقات، ومنة كبيرة، يهبها الرحمن، لا تُشترى بالمال، ولا تُوهب بالغالي من الأثمان.
وأضاف أنها من أفضل خصال المؤمن وسجاياه، وأنبل صفاته ومزاياه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «المؤمن مألف، ولا خير فيمن لا يألف، ولا يؤلف» أخرجه أحمد في مسنده.
وأشار إلى أن الألفة الصادقة هي التي تقوم على أساس حسن الظن، وصفاء النية، وطيب المعشر، فتثمر الإحسان، وبذل الندى، وغض الطرف، والتجاوز عن الزلات، والتغافل عن العثرات.
وأفاد بأن الألفة تحمل أصحابها على القسطاس المستقيم، فيستدعون الحسنات إذا هبت الخطيات، في جميع الأوقات، ومختلف العلاقات، منوهًا بأن الألفة الحقة القاعدة الكبرى والأساس المتين الذي يقوم عليه بنيان السعادة في حياة الناس فتكون بين الراعي والرعية.
واستشهد بما قال -صلى الله عليه وسلم-: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عوف بن مالك، وبين الزوج وزوجته، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر» أخرجه مسلم.
من مقاصد الشريعة
ودلل على أنها بين الجار وجاره، في الصحيحيْن من حديث عائشة وابن عمر قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه».
وبين أنه تكون الألفة أيضاً بين الرجل ومَن تحته من الخدم، لما ورد في الصحيحيْن من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «يا أبا ذر، إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم».
وألمح وبين الأجير وصاحب العمل، قال -صلى الله عليه وسلم-: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» أخرجه ابن ماجة في السنن من حديث عبدالله بن عمر، مؤكدًا أن الألفة مجلبة للتعاون على البر والتقوى، وعلى التعاضد عند حصول اللأوا.
وألفت إلى أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوٌ تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى» متفق عليه، مشيرًا إلى أن لمكانتها وعظيم أثرها رغب المولى -جل وعلا- فيها، وجعلها مقصداً من مقاصد الشريعة، حتى مع غير المسلمين.