أكدت الدولة المصرية أنه لا مجال للتنازل أو التفريط في قطرة مياه واحدة من حصة مصر من مياه النيل حتى التوصل مع إثيوبيا إلى اتفاق قانوني مُلزِم لتشغيل وإدارة سد النهضة على نهر النيل وعدم التنازل عن قطرة مياه واحدة من حصة مصر المائية.
أعلن رئيس الوزراء ، مصطفى مدبولي، أن أي معطيات في ملف سد النهضة الإثيوبي يؤثر على حصة مصر من مياه النيل سيقابله توجه آخر للدولة في التعامل معه.
سد النهضة الإثيوبي
وخلال لقاء له مع المفكرين وأصحاب الرأي، بحضور وزير الخارجية بدر عبد العاطي، تطرق رئيس الوزراء إلى ملف سد النهضة، لافتاً إلى أن هذا المشروع أعلن عنه بصراحة في أبريل من عام 2011، وبدأ خطواته التنفيذية بعد ذلك في ظل معطيات وظروف مصر التي يعلمها الجميع في هذا التوقيت.
وأضاف أن مصر كدولة حريصة على علاقتها مع كل الدول، وليست ضد التنمية، وإنما ضد أي شيء يؤثر سلبيا عليها، مضيفاً أن حكومة بلاده تعاملت مع السد في ضوء تلك المعطيات والثوابت، ونجحت حتى هذه اللحظة في أن تجعل هذا المشروع يكون بأقل وأخف الأضرار عليها.
وكشف مدبولي أن التحدي بالنسبة للحكومة حماية حصة مصر المعروفة في مياه النيل والحفاظ عليها، وبالتالي فأي معطيات جديدة من شأنها أن تؤثر على هذه الحصة، سيكون للدولة المصرية توجه آخر تماما، متابعا بالقول: "نحن نتحرك في إطار هذا النهج بكل المعطيات الدبلوماسية والفنية وغيرها".
من جانبه، قال الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم الأرض والاستشعار عن بُعد، إن إثيوبيا تُعتبر الدولة الأولى في قارة إفريقيا من حيث النشاط الزلزالي والبركاني، مؤكدًا أن المشكلة باتت تكمن في كثرة تردد هذه الزلازل وتابعاتها.
وأوضح العسكري، أن حدوث حركات بهذا الشكل على فترات متقاربة تُعتبر في بعض الأحيان مؤشرًا لاحتمالية وقوع زلزال قد يكون أكبر في الأيام القادمة، أو قد تكون تابعات لزلزال كبير وقع خلال الفترة الماضية، ولكن هذا ما لم نشاهده في غضون الـ10 أيام السابقة.
وأضاف أستاذ علوم الأرض أن كثرة حدوث هذه الحركات في الفترات المتقاربة، زيادة مدى قوتها في كل مرة قليلًا على مقياس ريختر، يُعد مؤشرًا على أنه خلال الأيام المقبلة قد نشهد حدث أقوي أو أشد قسوة، منوهًا إلى أنه لابد للنظر إلى الأشقاء في السودان، لأن هذه الزلازل إذا اقتربت أكثر وباتت في المنطقة وكل مدى تزداد قوة الزلزال قليلًا على مياس ريخيتر، فذها مؤضر أنه في خلال عدة أيام نجد حدث أكبر أو أشد قسوة من هذا.
وتابع: لابد من النظر على الأمر بشكل مهم جدًا على الإخوان في السودان لأن الزلزال لو قربت أكتر من كدة، وباتت في المنطقة المتاخمة للبحيرة المتعلقة بسد النهضة، سيكون هناك ضرر بالغ الأثر على السودان، مُشيرًا إلى أن الوقت الذي سيكون مُتاحا للتعاون مع مثل هذا الكم الهائل من المياه قبل الوصول إلى سد الروصيرص، سيكون عدة ساعات فقط، كما أن السد يستوعب فقط 10 مليارات متر مكعب من المياه.
فيما كشف وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، موقف مصر الثابت من أزمة سد النهضة الإثيوبي، وما تمتلكه مصر من بدائل وحلول للتعامل مع أزمة السد وتداعياتها.
وقال وزير الخارجية إن مصر لديها رؤية وآليات للتعامل مع أزمة سد النهضة الإثيوبي، مشيرًا إلى استعداد بلاده للتعامل مع أي ضرر ينال حصتها من المياه.
وأضاف عبد العاطي، خلال حضوره لقاء الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء مع عدد من القامات الفكرية لاستعراض القضايا المثارة على الساحة امس الأربعاء، أن مصر ليست دولة قليلة الحيلة، ولديها آليات للتعامل وفقا للقانون الدولي، ولا يتم الإعلان عن كل التحركات التي تتخذها الدولة، مشيرا إلى سعي القاهرة لتقليص تأثيرات هذا السد على مصر لأقل حد ممكن.
وأكد أنه إذا حدث أي ضرر للأمن القومي المصري، فإن الدولة المصرية لديها الإجراءات والسياسات للتعامل مع حدوث أي ضرر.
ترسيم الحدود
كشفت هايدي فاروق، مستشار ترسيم الحدود وقضايا السيادة الدولية والثروات العابرة للحدود، عن تطور تسربات المياه خلف سد السرج، السد الركامي الأخطر من سد النهضة والمكمل له.
وأكدت المستشارة هايدي فاروق أن صور الأقمار الصناعية الحديثة لسد السرج "فضحت" إثيوبيا، وكشفت مدى تسريب المياه، الذي تعرض له سد السرج، وأدى لتكوين بحيرات وبؤر مائية خلف سد السرج، بسبب الخلل الذي تعرضت له القشرة الأرضية في هذه المنطقة.
وقالت المستشارة هايدي فاروق إن الأقمار الصناعية رصدت حديثًا، حيث تظهر الصور التربة خلف السد وبها رطوبة عالية، وحدوث إجهاد وضغط وقع على الطبقة الصخرية، وقشرة الأرض، ما تسبب في وجود بؤر مائية وتجمعات للمياه كشفتها صور الأقمار الصناعية.
وأكدت المستشارة هايدي فاروق أن البؤر المائية والبحيرات المائية التي تكونت بسبب تسريبات خلف سد السرج، علها حدثت بسبب الإجهاد العالي، الذي حدث على تربة الأرض، خلف سد السرج، نتيجة تجمع مائي هائل في بطن الأرض، أدى لظهور هذه المشاهد المُستغربة خلف جسم السد.
أرسلت إثيوبيا، الإثنين، رسالة رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، طالبت فيها بأخذ ما وصفته بـ"التهديدات المصرية المتكررة باستخدام القوة" ضدها بعين الاعتبار، على خلفية الخلاف المستمر حول سد النهضة. وشددت إثيوبيا في رسالتها على ضرورة تخلي مصر عن "نهجها العدواني ومطالبها غير المعقولة" فيما يتعلق بحقوق المياه على نهر النيل.
وأوضحت إثيوبيا أنها نفذت إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث بشأن سد النهضة بشكل شامل، مؤكدة التزامها بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وأشارت إلى أنها ترى أن هناك إمكانية لحل الخلافات العالقة عن طريق الحوار والتفاوض، معربة عن استعدادها الكامل للدخول في محادثات سلمية من أجل التوصل إلى حلول عادلة تلبي مصالح جميع الأطراف.
يأتي هذا التصعيد الدبلوماسي في ظل تعثر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول ملء وتشغيل سد النهضة، الذي تعتبره مصر تهديدًا مباشرًا لأمنها المائي. وعلى الرغم من الجهود السابقة لحل النزاع، لا يزال الخلاف قائمًا بين الدول الثلاث بشأن قضايا فنية وقانونية.
يذكر أن سد النهضة مازال يثير أزمة كبيرة بين مصر وإثيوبيا بسبب تعنت أديس أبابا في المفاوضات وتجاهل رغبة مصر والسودان في التوصل لحل أو التوقيع على اتفاق قانوني ملزم فيما يخص الملء والتشغيل، ما أدى لتجمد المفاوضات.
وقبل أيام أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن بلاده تستخدم كافة أداوتها فيما يخص ملف سد النهضة، لمنع الشر المحتمل.