في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها مصر نتيجة التطورات الإقليمية والعالمية، تسعى الحكومة المصرية إلى تأمين مخزون استراتيجي من السلع الأساسية لضمان استقرار الأوضاع الداخلية وتوفير احتياجات المواطنين. جاء ذلك في إطار اجتماع الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، الذي ناقش خلاله عدة قضايا محورية تتعلق بالأمن القومي، والأوضاع الاقتصادية، والتطورات الإقليمية التي قد تؤثر على استقرار البلاد.
مخزون استراتيجي من السلع الأساسية
ومن جانبه، ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماع الحكومة أمس في مقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة. استهل مدبولي الاجتماع بتقديم التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول عبد المجيد صقر، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وجميع رجال القوات المسلحة والشعب المصري، بمناسبة الذكرى الـ51 لانتصار أكتوبر. وأكد مدبولي أن هذا الانتصار سيظل رمزاً خالداً يجسد قوة وإرادة الجيش المصري وصلابة الشعب في مواجهة التحديات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أهمية مواصلة العمل على تعزيز مسيرة التنمية والبناء، مُستلهماً من روح نصر أكتوبر. ولفت إلى أن الأوضاع الاقتصادية الحالية، خاصة في ظل التطورات السريعة التي تشهدها المنطقة، تفرض تحديات إضافية على مصر، مشيراً إلى ارتفاع أسعار النفط وتأثير ذلك على عائدات قناة السويس بسبب التوترات في البحر الأحمر.
وفي إطار مواجهة هذه التحديات، شدد مدبولي على أن الحكومة تعمل جاهدة على تأمين مخزون استراتيجي من السلع الأساسية لضمان تلبية احتياجات المواطنين في ظل حالة عدم اليقين السائدة نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
وتناول الاجتماع تطورات الأوضاع في لبنان، حيث أعرب مجلس الوزراء عن قلقه إزاء التصعيد الذي تشهده البلاد. وأكد المجلس تضامن مصر الكامل مع لبنان في هذه الظروف الدقيقة، مشدداً على أهمية الحفاظ على استقرار ووحدة وسيادة لبنان. كما عبر المجلس عن قلقه من الخطوات التصعيدية التي تقوم بها إسرائيل، والتي قد تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية تهدد استقرار المنطقة بالكامل.
وقدمت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تقريراً عن مؤشرات أداء الاقتصاد المصري للعام المالي 2023/2024. وأشارت إلى أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة نتيجة التطورات الإقليمية، ولكن الحكومة تعمل على تأمين استقرار الاقتصاد من خلال تنفيذ سياسات اقتصادية تهدف إلى تقليل الأثر السلبي لهذه التطورات.
ووافق مجلس الوزراء على عدد من القرارات الهامة، منها تحديد سعر استرشادي لزراعة القمح لموسم 2024/2025، حيث تم الاتفاق بين وزارات الزراعة والمالية والتموين على تحديد سعر الأردب بمختلف جوداته. كما تمت الموافقة على مشروع قانون يتعلق بتنظيم التصرف في أملاك الدولة الخاصة، والذي يتضمن إجراءات محددة لتقنين أوضاع الأراضي التي لم يتم البت فيها بعد.
وناقش الاجتماع مشروع إنشاء خط سكة حديد "الروبيكي – العاشر من رمضان – بلبيس" بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز القدرة التنافسية للمنتجين المحليين وتقليل تكاليف نقل البضائع، مما يساهم في تسريع النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة.
كما وافق المجلس على إنشاء منطقة حرة خاصة لصناعة الكتان والغزل والنسيج في مدينة السادات، بتكلفة استثمارية تصل إلى 60 مليون دولار، ما سيوفر أكثر من 500 فرصة عمل جديدة، ويعزز صادرات مصر من هذه الصناعات.
وأكد رئيس الوزراء على أهمية الحفاظ على استقرار الجبهة الداخلية في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة، مشدداً على أن الحكومة ستواصل جهودها لضمان تلبية احتياجات المواطنين وتأمين مخزون استراتيجي للسلع الأساسية، مع الاستمرار في دعم التنمية الاقتصادية ومواجهة الأزمات بحكمة وتوازن.
من جهته، أكد المهندس عبدالمنعم خليل، رئيس قطاع التجارة الداخلية، أن هناك مخزونًا استراتيجيًا لجميع السلع الغذائية يكفي لأكثر من 6 أشهر، مشيرًا إلى توافر مخزون استراتيجي آمن من القمح والدقيق، والذي يتم توفيره من خلال منظومة التموين.
وأضاف خليل في تصريحاته لـ"صدى البلد" أن مصر حققت اكتفاءً ذاتيًا في عدة سلع أساسية، مثل السكر، الأرز، اللحوم، والدواجن، مؤكدًا أن جميع هذه السلع متوفرة للمستهلكين، مشيرًا إلى الإنجازات الكبيرة التي حققتها الدولة خلال السنوات الماضية في تطوير منظومة التجارة الداخلية، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي. فقد عملت وزارة التموين بالتعاون مع جهاز تنمية التجارة الداخلية على طرح العديد من الفرص الاستثمارية لإنشاء مناطق لوجستية وتجارية في مختلف المحافظات، بهدف تقليل حلقات تداول السلع، مما يسهم في توافرها للمستهلك بأسعار مناسبة.
كما تم إنشاء مخازن استراتيجية ضخمة لتخزين السلع الأساسية كمنتجات نهائية، بحيث تكون جاهزة للطرح في الأسواق في أي وقت، مما يساهم في تعزيز المخزون الاستراتيجي على مدار العام.