أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها مضمونة: "ما حكم الوضوء وذكر الله عند الغضب؟ حيث كثيرًا ما ينتابني غضبٌ شديد؛ فأقوم ببعض التصرفات أو أتخذ بعض القرارات غير الصحيحة، وهذا يؤلمني جدًّا؛ خصوصًا وأنا شخص سريع الغضب.. ونصحني البعض بأن أذكر الله وأتوضأ فإن هذا يزيل الغضب؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: إن مَن يتعرّض لما يُغضبه عليه أن يتوضأ؛ فإن الوضوء يطفئ لهيب الغضب، ويقضي على شرارته؛ فعن عبد الله بن بجير الصنعاني قال: دخلنا على عروة بن محمد السعدي، فكلَّمه رجل، فأَغضبه، فقام فتوضأ، فقال: حدَّثني أبي عن جدي عطية، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه أبو داود في "سننه"، والإمام أحمد في "مسنده".
وأضافت : كذلك ذكر الله يبعث في القلب خشية تُعِينُ الإنسان على التأدب والتحكم في الغضب؛ قال الإمام الماوردي في "أدب الدنيا والدين" (ص: 258، ط. دار مكتبة الحياة): [واعلم أن لِتَسْكِينِ الغضب إذا هجم أسبابًا يُستعان بها على الْحِلْمِ؛ منها: أن يذكر الله عز وجل؛ فَيَدْعُوهُ ذلك إلى الخوف منه، وَيَبْعَثُهُ الخوف منه على الطاعة له، فَيَرْجِعُ إلى أدبه ويأخذ بِنَدْبِهِ؛ فعند ذلك يزول الغضب؛ قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24]] اهـ.
هل التسمية شرط لصحة الوضوء؟
قالت دار الإفتاء المصرية، إن التسمية عند ابتداء الوضوء سنة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية في المشهور عندهم، والشافعية.
واستشهدت« الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال « ما حكم التسمية عند الوضوء وفضلها؟»، بما روى عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-:«من توضأ وذكر اسم الله تطهر جسده كله، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله لم يتطهر إلا موضع الوضوء»، أخرجه الدارقطني في "سننه".
وأشارت إلى أن من نسي التسمية في أول الوضوء وذكرها في أثنائه أتى بها، حتى لا يخلو الوضوء من اسم الله تعالى، كما أن التسمية عند ابتداء الوضوء سنة ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها.
واختتمت فتواها بما قاله الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب": "ويستحب أن يسمي الله تعالى على الوضوء؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من توضأ وذكر اسم الله تعالى عليه كان طهورا لجميع بدنه»، فإن نسي التسمية في أولها وذكرها في أثنائها أتى بها حتى لا يخلو الوضوء من اسم الله عز وجل، وإن تركها عمدا أجزأه؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «من توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورا لما مر عليه الماء».
شروط الوضوء
أولًا: من شروط الوضوء الإسلام، اختلف الفقهاء هل الإسلام شرط في وجوب الوضوء وصحته، أو ليس بشرط؟، فقيل: يجوز الوضوء من غير المسلم، وهو مذهب الحنفية، وقيل: لا يصح الوضوء من غير المسلم، وهذا الشرط لا يختص بالوضوء، بل هو شرط في جميع العبادات، من طهارة وصلاة وزكاة وصوم وحج.
ثانيًا: من شروط الوضوء التكليف: والمكلف: هو البالغ العاقل، فلا يجب ولا يصح وضوءُ مجنون، وأما المميز، فيصح منه الوضوء، ولا يجب عليه، وتعريف المميز: هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب، ولا ينضبط بسن، بل يختلف باختلاف الناس، وقيل: هو من يصل إلى حالة بحيث يأكل وحده، ويشرب وحده، ولا يتقيد بسبع سنين، وقيل: هو من استكمل سبع سنين.
ثالثًا: من شروط الوضوء ارتفاع دم الحيض والنفاس، فلو توضأت المرأة وهي حائض أو نفساء، لم يرتفع حدثُها، فارتفاعه شرط للوجوب، فلا يجب الوضوء على حائض ونفساء، وشرط للصحة أيضًا، وهذا مذهب الجمهور، وقيل: ارتفاع الحيض والنفاس شرط وجوب فقط، فيصح الوضوء من الحائض والنفساء، ولا يجب عليها، قال ابن نجيم من الحنفية: وأما أئمتنا فقالوا: إنه يستحب لها - يعني الحائض - أن تتوضأ لوقت كل صلاة، وتقعد على مصلاها تسبِّح، وتهلِّل وتكبِّر.
وذهب بعض العلماء إلى صحة وضوء الحائض والنفساء، وكأنهم رأَوْا أن في ذلك تخفيفًا للحدث، كما يتوضأ الجنب للنوم، وإن كان حدثه باقيًا.