أكد أيمن سلامة ضابط الإتصال السابق لحلف الناتو في البلقان خبير حفظ السلام الدولي، إنه من المؤكد أن إسرائيل - في عمليتها البرية الجارية الآن في لبنان - ستسعى لاستلهام الدروس والعبر المماثلة التي خرجت بها حينما غزت بيروت في شهر يونيو1982 المعروف باسم غزو لبنان والذي انتهى بحصار بيروت وإبعاد عناصر المقاومة الفلسطينية المسلحة من ميناء بيروت وفق صفقة مع الحكومة اللبنانية حينئذ وأيضا منظمة التحرير الفلسطينية وهذه الصفقة كان عرابها الولايات المتحدة الامريكية.
وأوضح خبير حفظ السلام الدولي - في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد” - أن ما تسميه إسرائيل الآن بالعملية العسكريه الخاصة المحدوده في جنوب لبنان يتماثل مع ما وقع في لبنان أيضا في عام 1982 حين غزت إسرائيل لبنان ولم تعلم حينها إنها ستقبع في المستنقع اللبناني وتتكبد خسائر معينة من حزب الله اللبناني وحركة أمل الشيعية اللبنانية فضلا عن الفصائل الفلسطينية المسلحة حتى الانسحاب في عام 2000.
وأشار إلى أن إسرائيل كانت تهدف من وراء الغزو الضغط النفسي والسياسي على الحكومة اللبنانية لتكون الحكومة والجمهورية اللبنانيتين الدوله الثانية بعد مصر التي تبرم معاهدة سلام مع إسرائيل حتى تقوم إسرائيل بتأمين وحماية الجبهة الشمالية معها وبالتالي تتجنب حروب وجولات من الصراع المسلح مع لبنان، لكن مع اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل في سبتمبر ١٩٨٢ فشلت مثل هذه الجهود لإبرام اتفاقية سلام مع إسرائيل، ولمدة ثلاثة أعوام منذ 1982 وحتى 1985 خسرت إسرائيل النخبة من القادة والضباط والجنود نتيجة سوء التقديرات التكتيكية الشديدة الصائبة والتهوين من المقاومه اللبنانية والفلسطينية في هذه السنوات الثلاثة، إلا أن اسرائيل نجحت في عام 1982 في طرد ياسر عرفات والمقاومه الفلسطينيه المسلحة من لبنان إلى تونس، لكن إسرائيل أيضا في ذات العام وجدت بعبعا أو عدوا آخر هو حزب الله اللبناني الذي انبثق وانفصل عن حركة أمل الشيعية واخفقت في إجهاض ميلاده أو إجهاضه تأسيسه.
وأضاف ضابط الإتصال السابق لحلف الناتو في البلقان، أن إسرائيل تتحدث الآنعن عملية عسكرية محدودة ثم العودة في أقرب وقت، وهذا كان أيضا الهدف في غزو عام 1982 وربما يكون درس لأن إسرائيل تكبدت خسائر وأزمة اقتصادية كبيرة نتيجة الغزو، حيث بلغ معدل التضخم في إسرائيل حينها 400% وانقسم الشعب الإسرائيلي انقساما عميقا جراء الخسائر العسكرية والاقتصادية في لبنان وأدى ذلك إلى انسحاب إسرائيلي من جبل الشوف في لبنان بعد 3 سنوات أي عام 1985 والاكتفاء بالدفاع عن الحدود الشمالية لإسرائيل في المنطقة الأمنية المزعومة وهي المنطقة العازلة في جنوب لبنان والتي أنشاتها إسرائيل في 1982 على غرار المنطقة العازلة التي تطمح أيضا في إنشائها الآن في الجنوب اللبناني.
وقال: لكن نتيجة الاخفاقات في جنوب لبنان فضلا عن الضغوط الشعبية والاقتصادية والسياسية والدينية في الداخل الإسرائيلي، انسحبت إسرائيل انسحابا نهائيا من لبنان في عام 2000 وتحديدا في شهر مايو، لكن النقاط الإيجابية التي ترتكز عليها إسرائيل الآن هو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لديه خبرات في عمليات الانزال البحري وحروب المدن هناك وخاصة أن هناك مدن في جنوب لبنان مثل صور وصيدا ومرج عيون والناقوره وهكذا، فضلا عن خبراتها الهجومية على المواقع المحصنة كما أن التضاريس لن تكون جديدة أو غريبة على جيش الاحتلال الاسرائيلي، وقطع أيضا الطرق والمواصلات الكبرى ما بين لبنان وسوريا من أجل قطع طرق الامدادات اللوجستية والأسلحة والذخائر من إيران وسوريا إلى لبنان، وهذه مسائل ايجابية ولكن من المخاطر التي يحسب حسابها جيش الاحتلال الإسرائيلي هي التطور النوعي لدى حزب الله؛ فبعض الفصائل الفلسطينية منها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأيضا الجماعة الإسلامية هي فصائل مسلحة وميليشيات شهدت تطورا نوعيا كبيرا منذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في 2000 خاصة مع وجود المستشارين والخبراء العسكريين الإيرانيين جنبا إلى جنب سواء كانوا من الحرس الثوري الإيراني أو من فيلق القدس وهو قوة النخبة لدى إيران، بجانب التطور النوعي في مجال الصواريخ البالستية والصواريخ المضادة للدبابات وهذه أكبر نقطة ضعف تواجه إسرائيل وهي الصواريخ والمدفعية والمقذوفات المتوفرة لدى حزب الله المضادة للدبابات والدروع.
وأشار إلى إنه لا يخفى على البال إنه بعد توقيع اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان في عام 1949 طمحت إسرائيل وتحديدا موشي ديان في عام 1955 لاحتلال جنوب لبنان حتى نهر الليطاني وضمه وتحويل بقية البلاد إلى دولة مسيحية مارونية صديقة غير محاربة لإسرائيل، لكن بن جوريون في عام 1959 تخلى عن ذلك الوهم القاتل باستخدام القوة الإسرائيلية لتوسيع حدودها، وفي عام 1982 تجاهل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي تحذير بن جوريون، أما في حرب 2006 كان الدرس القاسي لإسرائيل هو انجرارها لحرب استنزاف طويلة تكبدت إسرائيل فيها خسائر جمة.
وأكد إنه بالرغم من أن من أهم أهداف الغزو البري الإسرائيلي في حرب 2006 التي استمرت 33 يوما مع حزب الله اللبناني كان تدمير شبكة الصواريخ الموجهة إلأ أن إسرائيل قصفت بـ 3970 صاروخ أصاب العمق الإسرائيلي أثناء سعي إسرائيل لاستئصال منصات الصواريخ المحصنة في جنوب لبنان، لذلك تخشى إسرائيل ما تخشاه أن ينجر جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى حرب استنزاف دامت 18 عام منذ عام 1982 حتى الانسحاب الاسرائيلي في عام 2000، وأيضا حرب استنزاف شديدة في عام 2006، فكل هذه الهواجس تأخذها إسرائيل في الحسبان لذلك عنونت عمليتها العسكرية وهي عدوان عسكري غاشم بلغة القانون الدولي بالعملية العسكرية المحدودة.
واختتم أيمن سلامة، إنه بالطبع سير أعمال القتال وسير العدائيات العسكرية بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي هو الذي سيحدد الأمد الزمني للحرب كلها وليس فقط العملية العسكرية البرية في الجنوب اللبناني.