قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

تثبيت أركان الدولة.. كيف تتعامل مصر بسياسة متوازنة مع الأزمات في المنطقة؟

سياسة مصر الخارجية
سياسة مصر الخارجية
×

تتبع مصر نهجًا دبلوماسيًا إقليميًا متزنًا في إدارة علاقاتها الخارجية، يهدف إلى تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد تصاعدًا للأزمات على عدة جبهات. من الأراضي الفلسطينية إلى السودان، تستمر مصر في لعب دور محوري في التصدي للأزمات من خلال إدارة واعية للموقف، تسعى لتحقيق مصالح وطنية وإقليمية وتحافظ على المبادئ الأساسية التي تتبناها الدولة.

سياسة متوازنة في المنطقة

تعتمد الدبلوماسية المصرية نهجًا إقليميًا متوازنًا في إدارة الأزمات، مستهدفة تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. ومع تزايد التوترات الإقليمية، لاسيما في الأراضي الفلسطينية بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، تظل الأوضاع في السودان أيضًا من أهم الأولويات المصرية، حيث اندلعت معارك داخلية منذ ما يقرب من عام ونصف، هذه الأزمات المتصاعدة تزيد من الضغوط على المنطقة بأسرها بسبب ارتفاع عدد اللاجئين والخشية من تمدد الفوضى إلى دول أخرى.

الأزمة في غزة تمثل جانبًا دوليًا من الصراع، حيث امتد تأثيرها خارج القطاع ليشمل مناطق في جنوب لبنان وسوريا واليمن. كما أن الدعوات الإسرائيلية لترحيل سكان غزة تشكل تهديدًا كبيرًا لدول الجوار، مما يزيد من احتمالية احتدام الصراع. على الجانب الآخر، يتسم الصراع في السودان بطبيعته الأهلية، وهو ما يعكس اختلافًا في طبيعة الأزمات التي تواجهها المنطقة.

تطلبت هذه التحديات الإقليمية نهجًا مرنًا من قبل الدبلوماسية المصرية. في أزمة غزة، تبنت مصر رؤية دولية واسعة النطاق من خلال الدعوة إلى مؤتمر عالمي بعد أيام من اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي، وهو ما لاقى استجابة دولية كبيرة. كانت الأهداف الأساسية لمصر هي تحقيق توافق دولي حول ثوابت القضية الفلسطينية، إلى جانب تعزيز الوضع الميداني عبر وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية.

الرئيس عبد الفتاح السيسي أشار في أكثر من مناسبة إلى أن المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة للغاية، مشددًا على أهمية اتباع سياسة متوازنة لتجنب عواقب هذه التحديات التى تواجهها المنطقة.

الرئيس السيسي، أيضا أكد خلال كلمته في حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الشرطة أن المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة جدا، متابعا: "مش هتكلم كتير أوي.. زي ما اتقال أثناء كلمة وزير الداخلية المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة جدا.. سياستنا متوازنة في ظل هذا الاضطراب الخطير الموجود.. وحذرنا منه وقولنا إن استمراره هيؤدي إلى عواقب خطيرة في المنطقة والعالم".

ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أحمد التايب، إن السياسة الخارجية المصرية شهدت تطورًا كبيرًا خلال العقد الماضي، محققة إنجازات متعددة على المستويين الإقليمي والدولي. وأشار إلى أن مصر تمكنت من توظيف ثقلها الاستراتيجي في مواجهة التحديات المختلفة التي برزت منذ عام 2011، مما ساعدها في استعادة مكانتها الريادية في المنطقة العربية والإفريقية.

وأضاف التايب، في تصريحاته لـ"صدى البلد"، أن النجاح الذي حققته السياسة الخارجية المصرية يعود إلى حرصها على تحقيق التوازن والتنوع في علاقاتها الدولية مع دول الشرق والغرب على حد سواء، وفتح آفاق جديدة للتعاون مع جميع الأطراف. هذا النهج المتوازن ساعد في تعزيز تأثير مصر دون الانحياز لأي طرف محدد.

وأكد أن أهم ما يميز السياسة الخارجية المصرية هو التزامها بمبادئ تعزيز السلام والاستقرار في المحيط العربي والدولي، وحرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، رغم تعدد بؤر الصراع والنزاعات في المنطقة. كما أشار إلى أن مصر تمكنت من الحفاظ على ثوابتها الأساسية، وأبرزها دعم مبدأ الاحترام المتبادل، وتعزيز التضامن، والتمسك بمبادئ القانون الدولي.

وفي إطار إدارة الأزمة الفلسطينية، حققت مصر نجاحات مهمة على المستويين الإقليمي والدولي. فقد نجحت في توحيد المواقف العربية والإسلامية حول دعم حقوق الفلسطينيين، سواء من خلال تأكيد الشرعية الدولية لبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، أو عبر الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف العدوان. كما استعاد الموقف الفلسطيني زخمًا في المحيط الإفريقي من خلال التضامن القاري، لا سيما في مواقف قوى مثل جنوب أفريقيا، التي رفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. هذا بالإضافة إلى اعتراف دول غربية مثل إسبانيا والنرويج وإيرلندا بالدولة الفلسطينية، وهو ما يعد انتصارًا تاريخيًا للقضية الفلسطينية.

أما في السودان، فإن النهج المصري كان مختلفًا تمامًا نظرًا لطبيعة الصراع الأهلية. سعت مصر للحد من التدخل الدولي في الأزمة عبر التركيز على دول الجوار الأكثر تأثرًا، واستضافت اجتماعًا للقوى السودانية بهدف تعزيز الحوار بين الأطراف المتصارعة. اتسمت الدبلوماسية المصرية في هذا الملف بالحرص على تحقيق حل سوداني داخلي بعيدًا عن أي تدخل خارجي.

يشابه موقف مصر من الأزمة السودانية موقفها من الأزمة الليبية، حيث تبنت القاهرة موقفًا قويًا رافضًا لأي تدخل خارجي في الشأن الليبي، وسعت إلى القضاء على الجماعات المتطرفة كجزء من الحل. وقد أسفرت هذه الجهود عن اجتماعات ناجحة بين الأطراف الليبية، من بينها جلسات داخل أروقة جامعة الدول العربية.

ورغم اختلاف طبيعة الأزمات الإقليمية، فإن النهج المصري أثبت قدرته على تعزيز الثقة في دوره المحايد والنزيه، ما جعل من الصعب تجاوز دور القاهرة في حل الصراعات. هذا ما يعكسه توافد زعماء العالم على مصر في الأشهر الماضية للبحث عن حلول للأزمات الإقليمية، وفي مقدمتها أزمة غزة.

ويتصدر بناء الاستقرار الإقليمي أولويات الحكومة المصرية في المرحلة المقبلة، مع تركيز جهود وزارة الخارجية على إنهاء الصراعات الحالية والتوصل إلى حلول تفاوضية لتحقيق استقرار مستدام.