نظمت لجنة الفضاء ب النقابة العامة للمهندسين برئاسة الدكتور أحمد فرج، ندوة تثقيفية بعنوان "الاتصالات الفضائية والاستشعار عن بعد.. مستقبل مصر الرقمي"، استضافتها نقابة المهندسين الفرعية بالشرقية برئاسة الدكتور تامر سامي جعفر.
تأتي الندوة كجزء من سلسلة فعاليات تهدف إلى تمكين المهندسين المصريين من مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية.
شارك في أعمال الندوة ممثلون من وكالة الفضاء المصرية، والهيئة القومية للاستشعار عن بعد، إلى جانب خبراء ومتخصصون في علوم الذكاء الاصطناعي.
التحول الرقمي وتحقيق رؤية مصر
وقال الدكتور أحمد فرج، أن الندوة تأتي ضمن خطة اللجنة لنشر ثقافة الفضاء في مختلف محافظات مصر، مؤكدًا أن اللجنة تعمل على إيصال المعرفة والتوعية إلى المهندسين في أماكن تواجدهم، حرصًا منها على توفير فرص متساوية للتعلم وتبادل الخبرات، مضيفًا أن مثل هذه الفعاليات تأتي في إطار "مبادرة بناء الإنسان"، وهي مبادرة رئاسية هامة تسعى للنهوض بالمجتمع المصري من خلال التثقيف والتوعية، موضحًا أن أحد أهداف هذه المبادرة هو رفع كفاءة المهندسين وتزويدهم بأحدث المعارف في تكنولوجيا الفضاء.
فيما أشار المهندس أحمد المنهاوي- مقرر اللجنة، إلى أن الاتصالات الفضائية وأنظمة الاستشعار عن بعد ليست مجرد تقنيات مستقبلية، بل هي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لما لها من تأثير مباشر على مختلف القطاعات مثل الزراعة، والصحة، والاتصالات، وتساهم في تحقيق نقلة نوعية في تحسين جودة الحياة وتعزيز مكانة مصر كدولة رائدة في مجال التكنولوجيا.
وألقى الدكتور "أبوبكر الهادي" الخبير في علوم الفضاء، كلمة سلط فيها الضوء على تاريخ تطور علوم الفضاء منذ منتصف القرن العشرين، ثم تناول التكنولوجيا المستخدمة في تصميم وتشغيل الأقمار، شارحًا كيف يتم تحديد مسارها ومداراتها لتلبية احتياجات محددة، سواء كانت اتصالات، أو مراقبة الأرض، أو تطبيقات الاستشعار عن بعد.
كما تحدث عن أهمية "هندسة النظم الفضائية"، موضحًا كيف يتم تصميم كل جزء من القمر الصناعي لتحقيق أقصى كفاءة، مع مراعاة الظروف القاسية التي يواجهها في الفضاء، مثل درجات الحرارة العالية، والإشعاعات، وانعدام الجاذبية.
اختتم "أبوبكر" حديثه بالإشارة إلى المستقبل الواعد لتكنولوجيا الفضاء في مصر، مؤكدًا أن مصر تمتلك كوادر هندسية قادرة على قيادة مشاريع فضائية متقدمة، مما يجعلها مؤهلة لتصبح من اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي.
وشجع المهندسين الشباب على الاستفادة من هذه الفرص والتعمق في دراسة علوم الفضاء، مؤكداً أن المستقبل يحمل المزيد من الفرص لمن يسعى للريادة في هذا المجال.
أعقب ذلك كلمة للدكتور هيثم مدحت- ممثل وكالة الفضاء المصرية، الذي قدم عرضًا ثريًا عن دور الوكالة وإمكانياتها الحالية، مؤكدًا أن صناعة الفضاء تمثل ركيزة أساسية في خدمة المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة، حيث تتيح حلولًا مبتكرة لإدارة الموارد المائية والزراعية بفعالية عالية، وتلعب دورًا جوهريًا في التخطيط العمراني وتطوير البنية التحتية بشكل يضمن استمرارية النمو والتنمية المستدامة.
كما أشار "هيثم" خلال كلمته إلى التعاون المثمر بين وكالة الفضاء المصرية ولجنة الفضاء بالنقابة العامة للمهندسين، موضحًا أن هذا التعاون يمثل خطوة مهمة في نشر الوعي العلمي وتقديم فرص تعليمية متميزة، لدعم رؤية مصر في تحقيق تقدم ملموس في هذا القطاع الحيوي، مشددًا على أن الوكالة ولجنة الفضاء تتشاركان نفس الرؤية في إعداد جيل جديد من الكوادر الهندسية القادرة على قيادة مشاريع الفضاء المستقبلية.
من جانبه ألقى الدكتور محمد يحيى إدريس، ممثل الهيئة القومية للاستشعار عن بعد، محاضرة حول العلاقة الحيوية بين التحول الرقمي وتقنيات أقمار الاستشعار عن بعد في دعم هذه العملية المحورية، استعرض فيها مفهوم التحول الرقمي، وكيف تحول من مجرد اتجاه تقني إلى ركيزة أساسية في تعزيز التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن التحول الرقمي بات عنصرًا حيويًا في تحسين الإدارة الذكية للموارد، وتطوير البنى التحتية، وتمكين القطاعات المختلفة من اتخاذ قرارات أكثر دقة وكفاءة.
ثم ألقى الضوء على الدور المحوري لأقمار الاستشعار عن بعد، موضحًا أنها العين الذكية التي تراقب كوكب الأرض باستمرار، وتجلب معها معلومات دقيقة وفورية حول التغيرات البيئية، وتقييم المحاصيل الزراعية، ومتابعة الاستخدام الأمثل للموارد المائية. كما تحدث عن أهمية هذه الأقمار في التخطيط العمران.
كما أوضح أن دمج تقنيات الاستشعار عن بعد مع التحول الرقمي يفتح آفاقًا جديدة لخلق أنظمة تحليل ذكية، قادرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات الملتقطة من الأقمار الصناعية، مما يتيح فهمًا أعمق للأرض، ويساعد على التنبؤ بالتغيرات المستقبلية والتخطيط المسبق لإدارة الأزمات والكوارث الطبيعية.
وأكد أن هذه المعلومات الدقيقة لا تقتصر على مراقبة الأرض فقط، بل تُستخدم أيضًا في إدارة الأزمات، مثل مراقبة الفيضانات، وحرائق الغابات، والانهيارات الأرضية، مما يساهم في تقليل الخسائر البشرية والمادية بشكل كبير.
واختتم محاضرته بالتأكيد أن مصر تمتلك بالفعل البنية التحتية والتقنية التي تؤهلها لتوظيف هذه التكنولوجيا بشكل فعال، لكنها تحتاج إلى تكاتف الجهود بين جميع المؤسسات لتحقيق أقصى استفادة من التحول الرقمي وتقنيات الاستشعار عن بعد، مما سيُسهم بشكل مباشر في تحقيق رؤية مصر 2030، وتعزيز مكانة مصر كدولة رائدة في استخدام التكنولوجيا الحديثة لدعم النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
اختتم الندوة الدكتور المهندس حاتم العطار بمحاضرة تحدث فيها عن ماهية الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أنه ليس مجرد أدوات أو برمجيات، بل هو نظام متكامل يعتمد على الخوارزميات الذكية والبيانات الضخمة، ويهدف إلى تمكين الآلات من التفكير واتخاذ القرارات بشكل مستقل، موضحًا كيف يُمكن توظيف هذه التكنولوجيا في تحليل البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والتعرف على الأنماط، مما يجعلها من أقوى الأدوات التي تُحدث تحولًا كبيرًا في مختلف الصناعات.
وتطرق إلى الحديث عن كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مجال تكنولوجيا الفضاء والطيران، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث ثورة في تصميم وتشغيل الأقمار الصناعية، من خلال تطوير أنظمة التشغيل الذاتي التي تُساعد على تقليل التدخل البشري، وزيادة دقة عمليات التوجيه والتنبؤ بالظروف الجوية والفضائية. كما يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الفضائية المستمدة من الأقمار، لاستخراج معلومات دقيقة تُفيد في رسم خرائط للأرض، ومراقبة التغيرات البيئية والمناخية.
كما سلط الضوء على التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في تسهيل التواصل بين الأنظمة الفضائية، وتوفير الحلول الذكية لتحديات استكشاف الفضاء، بالإضافة إلى دعمه لقرارات دقيقة ومبنية على بيانات في مجالات الزراعة، والتخطيط العمراني، وإدارة الموارد الطبيعية.