في ظل التصعيد المستمر بين إسرائيل وحزب الله، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، أن الطائرات القتالية ألقت 85 قنبلة خارقة للتحصينات تزن طنا من المتفجرات لاغتيال حسن نصر الله أمس الجمعة، في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، بحسب ما نقلته وسائل إعلام عالمية.
من جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إنه بعد التحقيق يتعين علينا التحدث عن بدائل محتملة، وهذا بالطبع مرتبط بترتيبات حزب الله، مشيرا إلى أن حزب الله هو تنظيم معقد وذو هيكل تنظيمي عميق، وليس مجرد مجموعة يمكن أن تنهار بسهولة عند فقدان قياداتها، وهناك تجارب سابقة عندما اغتالت قوات الاحتلال قيادات الثورة الفلسطينية، إلا أن الثورة نفسها لم تنته، بل أعادت تنظيم صفوفها.
وأضاف الرقب في تصريحات لـ صدى البلد، أن قيام الاحتلال بعملية اغتيال حسن نصر الله لم يكن سوى نتيجة لرؤيته أن الظروف الحالية مواتية له لتنفيذ مخططاته لتقسيم المنطقة واحتلال أجزاء كبيرة منها، ويرى الاحتلال ضعفًا في قوة المقاومة، حيث أن ردود أفعالها تبدو محدودة.
وتوقع أن تبقى ردود أفعال المقاومة أيضًا ضمن حدود معينة، وإيران لن تدخل في حرب إقليمية من أجل حزب الله أو حماس أو لبنان أو فلسطين، بغض النظر عن جميع التهديدات التي تصدر، ومن جهة أخرى يبدو أن حزب الله قادر على التعافي من هذه الضغوط.
استكمل: ورغم تأكيد الاحتلال على نجاح العملية، كنا نتمنى ألا تحدث، الأمور قد تأخذ وقتًا طويلًا، خاصة وأن الاحتلال يخطط لشن حرب برية لتحقيق أهدافه السابقة بالوصول إلى نهر الليطاني وتأمين مستوطناته في الشمال، بالإضافة إلى السيطرة على حقول الغاز الموجودة في البحر كرش، التي حاول الاحتلال السيطرة عليها سابقًا.
اغتيال حسن نصر الله
وأكد رئيس الأركان لجيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي، السبت، أنه تأكد اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، مؤكدا أن الاغتيال ليس آخر ما سيفعله الجيش الإسرائيلي.
وكشف المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاجاري تفاصيل القضاء على الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله.
وقال هاجاري إن جيش الاحتلال قضى أمس على حسن نصرالله أحد مؤسسي حزب الله الليناني، وتصفية علي كركي قائد جبهة الجنوب في حزب الله وعدد آخر من القادة في حزب اللبناني.
وأوضح هاجاري، أن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي أغارت بتوجيه استخباري دقيق لهيئة الاستخبارات المؤسسة الأمنية على المقر المركزي لحزب الله الواقع تحت الأرض أسفل مبنى سكني في منطقة الضاحية الجنوبية.
وأوضح جيش الاحتلال، أن الغارة نفذت في الوقت الذي تواجدت قيادة حرب الله داخل المقر وقاموا بتنسيق أنشطة ضد مواطني إسرائيل.
وأضاف أنه خلال 32 سنة من قيادته لتنظيم حزب الله كان حسن نصرالله مسؤولًا عن قتل عدد كبير من المواطنين الإسرائيليين وجنود الجيش بالإضافة إلى تخطيط وتنفيذ الالاف من الأعمال ضد دولة إسرائيل وفي أنحاء العالم.
من هو حسن نصر الله
حسن نصر الله أمين عام الحزب منذ 32 عاماً، وهو رجل دين شيعي يتولى قيادة جماعة حزب الله في لبنان منذ فبراير 1992.
في عمر 63 عاماً، يعتبر حسن نص الله قائداً سياسياً وعسكرياً في لبنان، رغم الانقسام حول مكانته، ورفض خصومه السياسيين لسطوته على الساحة اللبنانية، ونشر حزب الله للأسس الأيديولوجية للشيعة.
تعتبر هذه الجماعة حالياً واحدة من أهم الأحزاب السياسية في لبنان، ولديها قوات مسلحة خاصة بها إلى جانب الجيش الوطني اللبناني.
وهو الوجه الرئيسي لحزب الله وقد لعب دوراً رئيسياً في تحوّل الجماعة تاريخياً لدخول الساحة السياسية واكتساب نفوذ في هيكل الحكومة اللبنانية.
يحظى بشعبية واسعة في لبنان، ولديه علاقة خاصة مع إيران وزعيمها، آية الله علي خامنئي.
وُلد حسن نصرالله في أغسطس 1960 في أحد الأحياء الفقيرة شرق بيروت. كان والده يملك محل بقالة صغيراً، وكان نصرالله هو الابن الأكبر بين تسعة أبناء.
كان عمره 15 عاماً عندما بدأت الحرب الأهلية في لبنان.
في بداية الحرب، قرر والد حسن نصرالله مغادرة بيروت والعودة إلى قريته الأصلية في جنوب لبنان: البازورية التي ينتمي سكانها إلى الطائفة الشيعية مثل العديد من القرى في مدينة صور في محافظة الجنوب، وهناك تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي.
يؤمن الكثير من أبناء الطائفة الشيعية بأنهم تعرضوا للتمييز وعدم المساواة خلال الحقبة الاستعمارية للقوى الكبرى مثل الإمبراطورية العثمانية وفرنسا، واستمرت هذه المشاعر خلال فترة الاستقلال عندما استولى النخب المسيحية والسنية على السلطة.
في الوقت نفسه، اعتبرت الطائفة الشيعية التي تشكل الأغلبية في جنوب لبنان إضافةً إلى وادي البقاع في شرق لبنان، مع مجموعة صغيرة من المسيحيين الموارنة والأرثوذكس، في الخطوط الأمامية لمحاربة إسرائيل. وفق بى بى سى .
في سن الخامسة عشرة انضم حسن نصرالله إلى أهم مجموعة سياسية-عسكرية شيعية لبنانية في ذلك الوقت: حركة أمل، وهي جماعة مؤثرة وناشطة أسسها الإمام موسى الصدر.
وكان العراق في ذلك الوقت بلداً غير مستقر، خلال هذه الفترة، وبعد مرور عامين فقط على وجود حسن نصرالله في النجف، توصل قادة حزب البعث، وبخاصة صدام، إلى استنتاج مفاده أنه يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لإضعاف الشيعة. وكان أحد قراراتهم طرد جميع الطلاب الشيعة اللبنانيين من الحوزات العلمية في العراق.
ورغم أن نصرالله درس في النجف لمدة عامين فقط ثم اضطر لمغادرة العراق، إلا أن وجوده في النجف كان له تأثير عميق على حياة هذا الشاب اللبناني: فقد التقى في النجف برجل دين آخر يُدعى عباس الموسوي.
وكان الموسوي يعتبر أحد طلاب موسى الصدر في لبنان، وخلال إقامته في النجف تأثر بقوة بالأفكار السياسية لروح الله الخميني. كان الموسوي أكبر من نصرالله بثماني سنوات، وسرعان ما أصبح مدرساً صارماً ومرشداً مؤثراً في حياة حسن نصرالله.
وبعد عودتهما إلى لبنان، انضم الإثنان إلى القتال في الحرب الأهلية. لكن هذه المرة، توجه نصرالله إلى مسقط رأس عباس الموسوي في بلدة النبي شيت في البقاع.
نال نصر الله لقب “سيد المقاومة” محليا نظرا لدور الحزب في تحرير جنوب لبنان عام 2000، ومواجهته لإسرائيل في حرب “تموز” عام 2006.
خطبه الحماسية وتنفيذ وعوده بشن هجمات ضد إسرائيل ردا على اعتداءاتها المتكررة ضد الفلسطينيين ساعدا في تعزيز شعبيته، خاصة في العالمين العربي والإسلامي.
إلا أن تلك الشعبية شهدت تراجعا ملحوظا بعد انحياز حزب الله للنظام السوري ضد المعارضة خلال الثورة السورية في 2011.
عاد اسمه إلى واجهة الأحداث مع عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها فصائل فلسطينية، بينها حماس والجهاد الإسلامي، على مستوطنات غلاف غزة في فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تلاها حرب إسرائيلية على قطاع غزة تقترب من دخول عامها الأول ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 137 ألف فلسطيني.
فقد أعلن نصر الله عن فتح “جبهة في جنوب لبنان لدعم وإسناد المقاومة الفلسطينية”، وهي الجبهة التي قال في عدد من خطبه إنها لن تهدأ إلا بعد إنهاء الحرب على غزة.
ويأتي إعلان إسرائيل عن اغتياله اليوم بينما تتصاعد جهود فرنسية وأمريكية للتواصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار مؤقت بين إسرائيل وحزب الله لمدة 21 يوما؛ بغرض إتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سلمي على جبهتي لبنان وغزة.