مع تطور وسائل الإعلام والانتشار الواسع لمنصات البث، أصبح الأطفال يتعرضون يوميًا لمحتوى ضخم ومتنوع، بما في ذلك الرسوم المتحركة التي كانت تُعتبر لوقت طويل مصدرًا للتسلية والتعليم. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، ظهرت بعض الأعمال الكرتونية التي تتضمن أفكارًا وسلوكيات غير ملائمة، وأحيانًا ش اذة، قد تؤثر سلبًا على عقول الأطفال وسلوكهم.
قال الدكتور محمد هاني أخصائي الصصحة النفسية واستشارى العلاقات الأسرية، فى تصريحات خاصة لـ صدى البلد، أن تربية الأطفال في هذا العصر الرقمي تتطلب وعيًا وحذرًا أكبر، حيث لم يعد بإمكان الوالدين الاعتماد فقط على تصنيف عمر المحتوى المخصص للأطفال. لذلك، من الضروري أن يتبع الأهل روشتة نفسية متكاملة لحماية أطفالهم من التعرض لأفكار غير مناسبة في الرسوم المتحركة.
في هذا المقال، سنستعرض أبرز الخطوات التي يمكن للآباء اتباعها للحفاظ على سلامة أطفالهم النفسية والفكرية في مواجهة هذا التحدي.
1. مراقبة المحتوى بعناية
الخطوة الأولى في حماية الأطفال هي مراقبة ما يشاهدونه. من الضروري ألا يعتمد الوالدان على شهرة البرامج أو على أنها موجهة للأطفال فقط. يُفضل أن يقوم الوالدين بمشاهدة بعض الحلقات بأنفسهم أولًا قبل السماح لأطفالهم بمشاهدتها، لتقييم المحتوى والتأكد من خلوه من الأفكار أو السلوكيات التي قد تؤثر سلبًا على الطفل.
كما يُفضل اختيار المنصات التي تقدم إشرافًا أبويًا قويًا، وتحتوي على خيارات لتصفية المحتوى وضبط إعدادات العرض بما يتناسب مع الفئة العمرية والمبادئ التربوية التي يرغب الوالدان في غرسها.
2. الحوار المفتوح مع الأطفال
من المهم بناء علاقة قائمة على الحوار المفتوح مع الأطفال، حيث يمكن مناقشة ما يشاهدونه على التلفاز أو الإنترنت. من خلال هذا الحوار، يمكن للوالدين توضيح الأفكار الغريبة التي قد تظهر في بعض البرامج، ومساعدة الطفل على تحليل المحتوى بذكاء.
طرح أسئلة مثل: "ماذا تعلمت من هذا الكرتون؟" أو "ما رأيك في تصرف هذه الشخصية؟" يعزز من مهارات التفكير النقدي لدى الطفل، ويساعده على التمييز بين ما هو صحيح وخاطئ. هذا النوع من المناقشات يفتح الباب أمام الأطفال للتعبير عن مخاوفهم أو شكوكهم إذا ما تعرضوا لأفكار غير ملائمة.
3. تعليم الأطفال قيم وأخلاق ثابتة
لكي يتمكن الأطفال من مقاومة التأثيرات السلبية للمحتوى غير المناسب، من الضروري تعليمهم القيم والأخلاق الثابتة منذ سن مبكرة. زرع المبادئ الأخلاقية في الطفل مثل الصدق، والاحترام، والتسامح، سيجعلهم أكثر قدرة على رفض الأفكار الشاذة التي قد يرونها على الشاشة.
يمكن استخدام القصص التربوية أو الأمثلة من الحياة اليومية لتعزيز هذه القيم، مما يساعد الطفل على التمييز بين السلوك الجيد والسيء عندما يشاهده في الرسوم المتحركة.
4. الحد من الوقت أمام الشاشة
توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بضرورة تحديد الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات. زيادة التعرض للشاشات تزيد من فرص تعرض الطفل لمحتوى غير مناسب. يُفضل تحديد وقت معين لمشاهدة الرسوم المتحركة، وتشجيع الأطفال على ممارسة أنشطة أخرى مثل اللعب في الهواء الطلق، القراءة، أو ممارسة الهوايات.
هذا التوازن بين الشاشات والأنشطة الأخرى يساعد في تطوير المهارات الاجتماعية والبدنية للطفل، ويحميه من الاعتماد المفرط على التلفاز أو الإنترنت كمصدر وحيد للتسلية.
5. البدائل الإيجابية
للحفاظ على نمو سليم لعقلية الطفل، من الضروري تقديم بدائل إيجابية ومحتوى تعليمي غني بالرسائل البناءة. يمكن للوالدين اختيار برامج كرتونية تقدم محتوى علمي، أو تُعلم مهارات حياتية مثل حل المشكلات، التعاون، والاحترام.
هناك العديد من البرامج التي تعزز الإبداع وتشجع الأطفال على الاستكشاف. هذه البرامج تُعتبر أداة قوية لتنمية قدرات الطفل الفكرية وتحفيزه على التفكير خارج الصندوق.
6. القدوة الحسنة
الوالدان هما النموذج الأول الذي يقتدي به الطفل. عندما يرى الأطفال والديهم يتعاملون بحكمة وتفكير نقدي مع المحتوى الإعلامي، يصبح لديهم الدافع لتطبيق نفس السلوك. مشاركة الطفل في اختيار البرامج التي يشاهدها، أو حتى مشاهدة الكرتون معًا، يُعتبر طريقة فعالة لتوجيهه نحو الاختيارات الصحيحة.
حماية الأطفال من الأفكار الشاذة في الرسوم المتحركة تبدأ من الوعي الأبوي والمراقبة الدقيقة للمحتوى، مرورًا بتعليم القيم والأخلاق الثابتة، ووصولًا إلى فتح الحوار معهم حول ما يشاهدونه. الروشتة النفسية التي يتبعها الآباء هي الدرع الواقي الذي يحمي الأطفال من التأثيرات السلبية للمحتوى الإعلامي ويساعدهم على بناء شخصية قوية قادرة على التمييز بين الصواب والخطأ.