في ليلة هادئة على الطريق الصحراوي الشرقي بسوهاج، كان "محمد رأفت" يقود الميكروباص كعادته، محملاً بالأمل، وأرواحًا تسعى وراء لقمة العيش أو زيارة عزيزة.
لم يكن يتوقع أن تكون هذه الرحلة هي الأخيرة، له وللعديد من الركاب الذين استقلوا معه تلك السيارة.
نورا، السيدة الخمسينية التي قضت عمرها في رعاية أسرتها، كانت تذهب لرؤية أبنائها بعد غياب طويل، حلمت طوال الطريق بأن تحتضن أحفادها لأول مرة منذ شهور لكن ذلك الحلم لم يتحقق، لأنها لم تصل.
على الجهة الأخرى من السيارة، جلس "محمود فايز" الشاب المفعم بالحيوية، الذي لطالما خطط لحياته، للزواج، ولحياة مليئة بالإنجازات، كان يرغب في إنهاء دراسته والبدء في تحقيق أحلامه، لكن تلك الأحلام تحطمت في لحظة مفاجئة على ذلك الطريق المظلم.
في وسط هذا المشهد، كانت "عزيزة زناتي"، المرأة التي لطالما واجهت تحديات الحياة بشجاعة، تحمل قلبها المثقل بالأحلام البسيطة، تحلم بحياة أفضل لأطفالها، إلا أن الحياة خططت لها نهاية مختلفة.
بين الصرخات والأصوات المتداخلة، مرت لحظات رهيبة لم يكن فيها هناك مفر، كل شيء حدث بسرعة، تصادم عنيف، صرخات، دماء، وفجأة أصبحت الحياة مجرد ذكرى مؤلمة، العديد من الأرواح فقدت، وأخرى تحملت الجراح الجسدية والنفسية إلى الأبد.
وبينما كانت قوات الشرطة تصل إلى مكان الحادث، لم يكن بإمكانهم سوى تأكيد وقوع الكارثة، حيث مات بعضهم على الفور، ومنهم من كان يحتضر، ينتظر وصول يد الرحمة، تلك اللحظات كانت مؤلمة أكثر من أن تُحتمل، خاصة لأولئك الذين عاشوا ليروا أحبائهم وهم يفارقون الحياة.
الطريق الذي شهد على آلاف القصص والأحلام، أصبح شاهدًا على مأساة جديدة، وجروح لن تندمل في قلوب من بقي على قيد الحياة.
تفاصيل الواقعة
تعود أحداث الواقعة عندما شهد الطريق الصحراوي الشرقي في محافظة سوهاج حادث تصادم مروع بين ميكروباص وسيارة ربع نقل، مما أسفر عن إصابات ووفيات بلغت عددهم 18 مواطنًا.
تلقى اللواء صبري صالح عزب، مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج، إخطارًا من مأمور مركز شرطة أخميم يفيد بوقوع حادث تصادم على الطريق الصحراوي الشرقي دائرة المركز، ووقوع ضحايا ومصابين.
تم نقل المصابين إلى المستشفى، وجاءت أسماؤهم كالآتي:" محمد رأفت عبد الستار، 20 عامًا- نورا رمضان أبو اليزيد، 52 عامًا- محمود فايز محمد، 19 عامًا- حسن محمد ربيعي، 21 عامًا- هلال مهران محمد، 23 عامًا- خالد إبراهيم فرج، 22 عامًا".
"أمير حسن أحمد، 28 عامًا- رزق محمد أبو طالب، 14 عامًا- محمد لوبي أحمد، 15 عامًا- أحمد الجزيري حسن، 27 عامًا- مصطفى قرشي كامل، 20 عامًا- محمد محمود خلف محمود، 41 عامًا- عبد الحميد عيد صادق، 14 عامًا- حمزة صدقي أحمد، عامان ونصف- عزيزة زناتي علام، 40 عامًا".
أما الوفيات فكانت كالتالي:" السيد محمود السيد، 32 عامًا- عبد الله محمود عبد المجيد، 23 عامًا- شخص مجهول الهوية".
تم تحرير محضر بالواقعة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتولت النيابة العامة التحقيق.