يتصاعد التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بشكل كبير وسط مخاوف إقليمية ودولية من اندلاع مواجهة عسكرية شاملة. ويأتي هذا التصعيد في إطار تطورات ميدانية واستعدادات عسكرية غير مسبوقة من الجانبين، مما يزيد من احتمالية حدوث اجتياح بري إسرائيلي لجنوب لبنان، في ظل التوترات المتزايدة مع حزب الله.
هل اقتربت الحرب؟
حسب وكالة أنباء رويترز، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية توترًا متزايدًا مع مرور الوقت، حيث استدعى الجيش الإسرائيلي لواءين من قوات الاحتياط، وهو ما يعتبر مؤشرًا قويًا على قرب تنفيذ عملية برية في جنوب لبنان. هذه الخطوة جاءت بالتزامن مع دعوة قائد المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي، أوري غوردين، الجيش للاستعداد لعملية برية، بالإضافة إلى عقد المجلس الأمني المصغر "الكابينت" اجتماعه في مخبأ "حفرة الكيريا" في تل أبيب.
ورغم هذه التحضيرات العسكرية، قد يكون سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى نيويورك لإلقاء خطاب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤشرًا على أن القرار النهائي بشأن العملية البرية لم يُتخذ بعد. نتنياهو من المتوقع أن يعود مساء السبت المقبل بعد إلقاء خطابه يوم الجمعة.
وفي بيان رسمي، قال الجيش الإسرائيلي: "بناءً على تقييم الوضع، تقرر استدعاء لواءين من قوات الاحتياط لمهام عملياتية على الجبهة الشمالية، لتمكين استمرار الجهود القتالية ضد حزب الله، وحماية المواطنين، وتهيئة الظروف لإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم". هذا البيان وُصف من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه "إعلان غير عادي".
وخلال زيارة تفقدية للحدود الشمالية، قال قائد المنطقة الشمالية، الجنرال أوري غوردين: "نحن الآن في مرحلة جديدة من المعركة ضمن حملة سهام الشمال. بدأت الحملة في استهداف قدرات حزب الله، لا سيما في مجال النيران والقيادة". وأكد على ضرورة الاستعداد الكامل للمناورة البرية.
تصاعد الغارات الجوية واجتياح محتمل
أكد رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، هرتسي هاليفي، أن الغارات الجوية ستستمر بهدف تدمير البنية التحتية لحزب الله. وقال هاليفي للجنود على الحدود: "نقوم بتوجيه ضربات جوية طوال اليوم لتحضير الأرض لعملية برية محتملة". وأكد أن "توسيع حزب الله لدائرة نيرانه سيقابل برد قاسٍ للغاية".
وأضاف هاليفي أن الجيش الإسرائيلي يستعد لدخول الأراضي اللبنانية بقوة واشتباك مع عناصر حزب الله، مشيرًا إلى أن القوات الإسرائيلية تمتلك الخبرة القتالية التي تجعلها قادرة على تدمير البنية التحتية للعدو.
وفي الأيام الأخيرة، زادت وتيرة الغارات الجوية الإسرائيلية بشكل ملحوظ، حيث شنت الطائرات الحربية غارات على نحو 60 هدفًا تابعًا لحزب الله، بما في ذلك منصات جمع المعلومات والمقرات القيادية. وأكد الجيش الإسرائيلي استمراره في هذه العمليات لتجريد حزب الله من قدراته العسكرية. وفي بيان آخر، أعلن الجيش عن تدمير أكثر من 280 هدفًا لحزب الله في لبنان، من بينها منصات صواريخ ومستودعات أسلحة.
ومع تصاعد العمليات العسكرية والغارات الإسرائيلية، أعلنت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 90 ألف شخص من جنوب لبنان. ووفقًا لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة، فقد ارتفع عدد النازحين منذ بدء التصعيد في أكتوبر إلى أكثر من 111 ألف شخص.
وهذا النزوح يأتي على خلفية الضربات الجوية الإسرائيلية المستمرة على مواقع حزب الله، خاصة في منطقة النبطية والمناطق الجنوبية الأخرى، في ظل تزايد المخاوف من استمرار التصعيد وتحول الصراع إلى مواجهة مفتوحة.
وتشير التطورات الميدانية والتصريحات العسكرية من الجانب الإسرائيلي إلى أن التحضير لعملية برية في جنوب لبنان بات قريبًا. ومع استمرار الغارات الجوية والنزوح الجماعي، يبقى الوضع متوترًا على الحدود، وسط ترقب لقرارات حاسمة قد تُتخذ في الأيام المقبلة بشأن التصعيد المحتمل بين إسرائيل وحزب الله.
ومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور طارق فهمي، إن السيناريو الأسوأ الذي قد يتحقق هو اندلاع حرب مفتوحة، على الرغم من استبعاد كل من المصادر الإسرائيلية واللبنانية لهذا الاحتمال، نظرًا للمخاوف من مواجهة شاملة.
وأضاف فهمي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجنوب اللبناني ترتبط بشكل مباشر بالأحداث الجارية في غزة، حيث تهدف هذه العمليات إلى ضرب قدرات حزب الله وتقليص تهديده المستمر لإسرائيل. وأكد أن الخشية من تكرار سيناريو 7 أكتوبر في لبنان تدفع إسرائيل للاستمرار في هجماتها.
وفيما يتعلق بسيناريوهات العمليات الإسرائيلية، بيّن فهمي أن الاحتمالات تنحصر في إقامة منطقة عازلة أو الدخول إلى بعض المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية في الجنوب اللبناني.
وأضاف فهمي أن الدعم الإيراني المستمر لحزب الله قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في المنطقة، مما قد يدفع إسرائيل إلى تنفيذ قصف مكثف على بيروت وضواحيها، في محاولة لإنهاء التهديد المحتمل من حزب الله.