تعتبر برامج الدعم النقدي المقدمة للمواطنين من أبرز الأدوات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمدها الحكومة لتحسين مستوى معيشة الأفراد وتقليل الفقر، ومع تطور السياسات الاقتصادية الحديثة أصبحت هذه البرامج وسيلة أساسية لدعم الأسر ذات الدخل المحدود، مما يسهم في تحقيق أهداف تنموية أوسع.
تحول الدعم العيني إلى النقدي
ويقول الدكتور علي الادريسي الخبير الاقتصادي، إن تحول الدولة من الدعم العيني إلى الدعم النقدي يعد خطوة مهمة نحو تحسين كفاءة توزيع الدعم وضمان وصوله إلى الفئات المستحقة.
وأضاف الادريسي - خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هناك عدة أسباب تجعل هذا التحول مفيداً، وهي:
_ الحد من الفساد: الدعم العيني يتعرض أحيانًا لعمليات تهريب أو سوء توزيع، مما يؤدي إلى عدم وصول السلع إلى مستحقيها، وإنما التحول إلى الدعم النقدي يقلل من هذه الممارسات، حيث يتم تحويل الأموال مباشرة إلى المستفيدين.
_ زيادة المرونة للمستفيدين: الدعم النقدي يمنح الأفراد حرية أكبر في اختيار كيفية إنفاق الأموال بناءً على احتياجاتهم الفعلية، بدلاً من التقيد بسلع معينة قد لا تكون ضرورية لهم.
_ تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي: من خلال تحويل الدعم إلى نقدي، يمكن للحكومة تقليل التكاليف المرتبطة بإدارة وتوزيع السلع المدعومة، مثل النقل والتخزين.
_ تحفيز الاقتصاد المحلي: عندما يتلقى المستفيدون الدعم النقدي، يكون لديهم القدرة على شراء السلع والخدمات من الأسواق المحلية، مما يعزز الحركة الاقتصادية.
_ التحكم في التضخم: الدعم العيني قد يؤدي أحيانًا إلى ارتفاع أسعار السلع المدعومة في السوق، في حين أن الدعم النقدي يمنح الناس القدرة على التحكم في كيفية إنفاق الأموال دون الضغط على أسعار السلع الأساسية.
واختتم: "يتطلب هذا التحول تطبيق سياسات قوية للتأكد من وصول الدعم النقدي للفئات المستحقة وتحقيق أهداف العدالة الاجتماعية، وأن يكون التحول تدريجياً".
دعم 1.3 مليون أسرة
ومن جانبها، قالت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، أن مصر لديها استهدافا قويا وممنهجا للفئات الأكثر احتياجًا متمثلا في برنامج الدعم النقدي، حيث يتم تقديم دعم نقدي لإجمالي 5.2 ملايين أسرة من الأولى بالرعاية بما يشمل 22 مليون مواطن تقريبًا، فهناك 4.7 مليون أسرة، فضلًا عن 500 ألف أسرة ممولة من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.
وأضافت مايا-خلال مشاركتها في فعاليات الدورة الـ 57 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، أن رئيس الجمهورية أصدر مؤخرًا توجيهات لتسجيل هذه الأسر في التأمين الصحي، فضلًا عن العمالة غير المنتظمة في قطاع المقاولات والتشييد والبناء، والرائدات الاجتماعيات، ويندرج ذلك ضمن رؤية الدولة لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وضمان الحماية للفئات الأكثر احتياجًا.
وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي، أن التمكين الاقتصادي يُعد أيضًا حجر الزاوية في تنمية الأسرة، ووصلت وزارة التضامن وهيئاتها إلى 1.3 مليون أسرة، تمثل النساء فيها أكثر من 70٪ «2014-2024»، وتقوم مصر حاليا بإعادة تشكيل برامج الحماية الاجتماعية والدعم النقدي لتشمل في هيكلها التمكين الاقتصادي من اليوم الأول، ونموذج الادخار والإقراض الرقمي.
استخدام الدعم لسداد الديون والاحتياجات الصحية
ويتميز الدعم النقدي بالمرونة الكبيرة، على عكس البرامج الأخرى التي تقدم الدعم بشكل عيني، مثل: السلع أو الخدمات، ويتيح الدعم النقدي للأفراد والأسر القدرة على التصرف بالمال بحسب احتياجاتهم الخاصة، فعلى سبيل المثال، قد تحتاج بعض الأسر إلى تغطية تكاليف التعليم، في حين قد تفضل أخرى استخدام الدعم لسداد الديون أو توفير احتياجات صحية، وهذه المرونة تعزز من كفاءة الإنفاق وتلبي احتياجات متنوعة.
ويسهم الدعم النقدي في تعزيز النشاط الاقتصادي، فعندما يتم توزيع الأموال على نطاق واسع بين الأسر، يزداد الطلب على السلع والخدمات، مما يحفز الشركات على توسيع أعمالها وتوظيف المزيد من العمالة، ويتيح هذا الدعم للأسر المستفيدة الفرصة للاستثمار في مشروعات صغيرة، مما يزيد من فرص العمل ويقلل من الاعتماد على المساعدات الحكومية في المستقبل.
ويلعب الدعم النقدي، دورًا بارزًا في تقليل معدلات الفقر، ومن خلال تقديم مساعدات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة، يمكن لهذه الأسر تلبية احتياجاتها الأساسية من طعام وسكن وملابس، مما يسهم في تحسين ظروفها المعيشية والحد من الفقر على المدى الطويل.
هذا إلى جانب تقليل البيروقراطية والتكاليف الإدارية الذي يعد من أبرز مميزات الدعم النقدي مقارنةً بأنظمة الدعم التقليدية التي تتطلب تدخلات معقدة وإجراءات حكومية متعددة، فإن تقديم الدعم بشكل نقدي مباشر يقلل من التكاليف الإدارية ويعزز من الشفافية والكفاءة في توزيع الموارد، و الدعم النقدي ليس فقط وسيلة فعّالة لتحسين مستوى المعيشة الأسر الفقيرة، بل هو أداة لتحفيز الاقتصاد المحلي وتعزيز التنمية المستدامة.