تعد حرب أكتوبر المجيدة علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة، فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحا لنصر مبين، دفع فيه المصريين أثمانًا غاليةً من دمائهم الطاهرة، ليستردوا جزءًا غاليًا وعزيزًا من أرض الوطن، وهي سيناء.
حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقة، فلقد تحدى الجيش المصري المستحيل ذاته، وقهرهُ، وانتصر عليه، وأثبت تفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر على أي أمة.
فقد كان جوهر حرب أكتوبر هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر ومن الظلام إلى النور ومن الانكسار إلى الكبرياء، فقد غيرت الحرب خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.
حرب أكتوبر
ففي السادس من أكتوبر عام 1973، كانت صيحات الله أكبر تزلزل قناة السويس، حينما عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة إلى الضفة الشرقية للقناة، لاستعادة أرض الفيروز من العدو الإسرائيلي، تكبد فيها العدو خسائر لا يمكن أن ينساها أبدًا، واستعاد المصريين معها كرامتهم واحترامهم أمام العالم.
حرب السادس من أكتوبر
فلقد علّمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا في حرب أكتوبر أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها.
نصر أكتوبر
واليوم، تمُر علينا الذكرى الواحدة والخمسون على نصر السادس من أكتوبر عام 1973، فقد حققت مصر في حرب أكتوبر معجزة بكل المقايس، ستظل خالدة في وجدان الشعب المصري وفي ضمير الأمة العربية، وقام جيل حرب أكتوبر برفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ في النصر العظيم.
وعلى الرغم من مرور 51 عامًا على نصر السادس من أكتوبر، إلا أن الكثيرين لا يعرفون من أين أدُيرت أعظم وأنبل معركة عسكرية في التاريخ البشري، وهي معركة نصر أكتوبر 73،فـ "قصر الطاهرة" كان شاهداً على إدارة أعظم معركة عسكرية في التاريخ الحديث، حيث كان القصر مسرحاً لعمليات حرب أكتوبر 73.
قصر الطاهرة
يقع القصر بشارع سليم الأول بمنطقة الزيتون بمحافظة القاهرة، وقد أنشأه الخديوي إسماعيل في منتصف القرن التاسع عشر، وقد سمى بقصر الطاهرة نسبة إلى الملكة صافيناز ذو الفقار التي لقبت بالملكة فريدة، وأطلق عليها الشعب لقب الطاهرة، وكانت متزوجة من الملك فاروق.
وقام ببناء القصر المعماري الإيطالي "أنطونيو لاشياك" على الطراز الإيطالي، ويظهر ذلك جليًا في السلالم الرخامية والسقوف المرمر الرائعة، ويعتبر "أنطونيو لاشياك" من أعظم المعماريين الأجانب الذين جاءوا إلى مصر، فهو الذي صمم مجموعة كبيرة من مبان وسط البلد.
وتتضح براعة "لاشياك" في قصر الطاهرة، حيث استغل كل ركن به وعلى الرغم من مساحته الصغيرة ، إلا أنه أصبح من أجمل القصور على غرار القصور الملكية، والقصر تحيطه حديقة بديعة، خلقت تناسقا رائعا بين بهاء المبنى والطبيعة الخلابة المحيطة به، وكان لتأثيثه من الداخل واختيار ديكوراته دور مهم فى توفير الشعور بالترحاب والراحة للزائر والمقيم، حيث وزعت التحف وقطع الأثاث داخل الغرف بتناسق وجمال ينم عن ذوق رفيع.
غرفة عمليات
كان قصر الطاهرة شاهدً على لحظات كُتبت في التاريخ بأحرف من ذهب، حيثُ شهد القصر لقاءات مكثفة قبل الحرب، وتم تحويل أجزاء من القصر إلى غرف متابعة للحرب ، كما أن الخرائط الضخمة لسيناء قد غطت جميع جدران القصر، كما أن الرئيس السادات كان يدير من خلاله ومعه قادة القوات المسلحة إدارة العمليات العسكرية في نصر أكتوبر 73.