أشاد عدد من الإعلاميين وأساتذة الإعلام بالتوصيات التي صدرت عن مبادرة "التنظيم الذاتي للإعلام"، والتي تم مناقشتها في الاجتماع الذي ترأسه الكاتب الصحفي كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام،حيث تناولت المبادرة عدة جوانب، منها النشاط الإعلاني، والبرامج الرياضية، والبرامج الحوارية، بالإضافة إلى ضبط وقت برامج "التوك شو" ليكون ساعة ونصف كحد أقصى، تشمل الإعلانات.
كما أكدت التوصيات على أهمية توفير الإمكانيات التكنولوجية ودمجها في وسائل الإعلام.
وقد اعتبر الإعلاميون هذه الخطوات بمثابة خطوة مهمة نحو تعزيز جودة المحتوى وضبط المشهد الإعلامي بشكل فعّال.
مراجعة دور مقدمي البرامج
وأكد الدكتور طارق سعدة، نقيب الإعلاميين، على أهمية تقديم برامج "التوك شو" في إطارها الطبيعي وبالشكل المناسب.
وفي هذا السياق، أشار إلى وجود مشكلات عديدة تتعلق بطول مدة هذه البرامج، حيث إن بعضها يتجاوز أحيانًا الساعة والنصف، مما استدعي تدخل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لضبط هذه الأمور.
وأضاف سعدة في تصريحات لصدي البلد أن المسألة لا تقتصر فقط على تحديد المدة الزمنية، بل تتطلب أيضًا مراجعة دور مقدمي البرامج.
يجب أن تتضمن البرامج مشاركة فعّالة من المتخصصين والخبراء الذين يتمتعون بموثوقية في المواضيع المطروحة للنقاش.
وتابع: فمن الضروري أن يقود المذيع الحوار بمهارة وكفاءة، بما يضمن تقديم الأخبار والأحداث بصورة دقيقة وشاملة للجمهور.
كما أكد على أهمية عرض وجهات النظر المختلفة، مع ضرورة أن يُتاح للمذيع فرصة التعبير عن رأيه، ولكن دون أن يسيطر برأيه الشخصي على مجمل البرنامج. وهذا يتطلب من الإعلاميين التحلي بمسؤولية أكبر تجاه ما يقدمونه للمشاهدين، وهو ما يتطلب إنشاء مواثيق شرف إعلامية واضحة.
وشدد سعدة على أهمية وضع أكواد ومواثيق شرف إعلامية تلتزم بها المؤسسات الإعلامية، لتحقيق مصلحة المهنة والمجتمع. وأوضح أن الصحفيين والإعلاميين يجب أن يتحلوا بمسؤولية اجتماعية، وأن ينظموا أعمالهم وفقًا للمبادئ والمعايير الأخلاقية والمهنية المتعارف عليها، لضمان أداء رسالتهم الإعلامية دون انتهاك حقوق الأفراد أو المجتمع.
وأشار إلى أن التوصيات الأخيرة التي صدرت بشأن ضبط المشهد الإعلامي جاءت في وقتها المناسب، لكنه شدد على ضرورة أن تكون هذه التوصيات ملزمة، مع فرض عقوبات على المخالفين وفقًا للائحة الجزاءات التي وضعها المجلس.
وعدّ هذه التوصيات خطوة مهمة نحو تنظيم وتحسين المنظومة الإعلامية، خاصة في ما يتعلق بتفعيل مواثيق الشرف الصحفية والأكواد المهنية التي من شأنها أن تعزز من جودة المحتوى الإعلامي.
كما أكد على ضرورة تعزيز الشراكة بين كليات الإعلام والمؤسسات الإعلامية، مع التركيز على أهمية برامج الأطفال والشباب والمحتويات الثقافية.
وأعرب عن أهمية التعاون بين وسائل الإعلام وأجهزة الدولة للحصول على المعلومات الدقيقة والموثوقة.
في الختام، طالب سعدة بضرورة تطوير البنية التحتية الإعلامية الرقمية وتدريب العناصر البشرية، بما يضمن قدرتهم على المنافسة في السوق الإعلامية على المستويين الإقليمي والدولي. وشدد على أهمية الإسراع في إصدار قانون حرية تداول المعلومات، الذي من شأنه أن يساهم في تحسين أداء الإعلام وتوفير بيئة مناسبة لحرية التعبير.
تأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي
أشارت الدكتورة منى الحديدي، أستاذة قسم الإذاعة والتلفاز بكلية الإعلام في جامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إلى النقاشات المهمة التي جرت خلال جلستين حضرهما عدد من الشخصيات الإعلامية البارزة من القطاعين الرسمي والخاص.
وأكملت في تصريحات لموقع صدي البلد: تناولت هذه النقاشات دور تقنية الإعلام في العصر الحديث، وبشكل خاص تأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث أكدت الحديدي على الحاجة الملحة لإصدار قوانين تنظم تداول المعلومات لحماية حقوق الجمهور وضمان الشفافية.
كما لفتت الحديدي إلى أن المشاركين في الجلسات توصلوا إلى اتفاق حول أهمية مراعاة المنافسة التي يواجهها الإعلام المصري، سواء كان رسميًا أو خاصًا، تقليديًا أو رقميًا. في ظل هذه المنافسة، شددت على ضرورة تحسين جودة المحتوى الإعلامي، والتأكيد على أهمية تقديم إعلام هادف يتماشى مع أخلاقيات الإعلام والإعلان.
من بين التوصيات التي تمخضت عنها هذه الجلسات، ذكرت الحديدي أهمية تحديد مدة برامج الرأي بما يتناسب مع المعايير العلمية والمهنية المتعارف عليها، والتي تتراوح عادةً بين ساعة وساعة ونصف. كما تمت الإشارة إلى ضرورة مراجعة استخدام الأطفال في الإعلانات التجارية وإعلانات التسويق الاجتماعي، بما يتوافق مع مواثيق الشرف الإعلامي والإعلاني.
وفي سياق ضبط جودة المحتوى، أكدت على أهمية تنظيم المساحات الإعلانية في الخريطة البرامجية والدرامية، وتحديد أماكن القطع الإعلاني بشكل مدروس.
كما أكدت الحديدي على ضرورة التنوع في ضيوف البرامج الحوارية، لضمان طرح الموضوعات من وجهات نظر مختلفة، مما يساهم في تعزيز حرية الرأي. كما أشارت إلى أهمية مراعاة المستوى اللغوي في برامج التوك شو والبرامج الرياضية، ودعت إلى اختيار مقدمي هذه البرامج بعناية لضمان تقديم محتوى يتسم بالكفاءة والاحترافية.
تُظهر هذه النقاط أهمية الجهود المبذولة لتطوير الإعلام المصري وجعله أكثر فعالية ومواكبة للتطورات التكنولوجية الحديثة، مما يساهم في تعزيز الثقة بين الإعلام والجمهور.
مواكبة التطورات على منصات السوشيال ميديا
أكد الإعلامي نشأت الديهي، رئيس قنوات TEN، على أهمية الخطوة التي تم اتخاذها لتحديد مدة البرامج الحوارية ("التوك شو") بساعة ونصف كحد أقصى.
واعتبر هذه الخطوة ضرورية لتوفير مساحة أكبر لمجموعة متنوعة من البرامج، مما يُتوقع أن يكون له تأثير إيجابي على إيرادات الإعلانات الخاصة بالقنوات.
وأوضح الديهي في تصريحات لموقع "صدى البلد" أن هناك استجابة واسعة من القنوات الفضائية لهذه التوصيات،لافتا إلى أن تنظيم وقت برامج "التوك شو" يأتي في إطار مواكبة التطورات على منصات السوشيال ميديا، مما يسهم في تعزيز التنوع في المحتوى الإعلامي وتحسين جودة الإنتاج الإعلامي.
وأشاد الديهي بالتوصيات التي صدرت عقب نقاشات موسعة شارك فيها عدد كبير من صناع الإعلام الرسمي والخاص، بالإضافة إلى خبراء وأكاديميين في هذا المجال. وشدد على أهمية تحقيق إعلام هادف يلتزم بأخلاقيات المهنة ويحترم حقوق الجمهور. وأكد على ضرورة تحديد مدة برامج الرأي بما يتوافق مع المعايير العالمية، وتنظيم المساحات الإعلانية ضمن الخريطة البرامجية والدرامية.
كما تم التأكيد على أهمية وضع معايير واضحة لمقدمي البرامج، حيث تمت مناقشة دور مقدمي برامج الطهي وتنظيم أدائهم. كما دعا الديهي إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والإعلامية والالتزام بمواثيق الشرف الإعلامي والإعلاني، والتنسيق المستمر بين وسائل الإعلام وأجهزة الدولة للحصول على المعلومات الصحيحة.
هذه المبادرات تشير إلى جهود حقيقية لتحسين المشهد الإعلامي في مصر وتقديم محتوى يحقق الفائدة للجمهور.
إعادة هيكلة المشهد الإعلامي
أوضح أيمن عدلي، رئيس لجنة التدريب والتثقيف بنقابة الإعلاميين، أن القرارات التي أقرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تهدف إلى إعادة هيكلة المشهد الإعلامي الذي يعاني من الفوضى في بعض القنوات الفضائية. وأشار إلى أن العديد من مقدمي برامج "التوك شو" يطيلون الحديث في مواضيع معينة، مما يتسبب في شعور المواطن بالملل.
في تصريحات له لموقع "صدى البلد"، أكد عدلي أن التوصيات الصادرة عن المجلس تتماشى مع تحقيق الأهداف القانونية للمجلس، الذي يمتلك 10 أهداف و24 اختصاصًا.
وأكد على أهمية ترجمة هذه التوصيات إلى ضوابط واضحة تُمرر إلى وسائل الإعلام، مع ضرورة إرفاقها بلائحة جزاءات لضمان الالتزام بها. كما شدد على ضرورة التزام البرامج الإخبارية بعدم منح المذيعين فرصة الحديث لفترات طويلة دون مشاركة الضيوف، وترك المجال لهم لتقديم آرائهم بدلاً من إعلان آراء المذيعين الشخصية.
وشدد عدلي أيضًا على أهمية متابعة البرامج من قبل المجلس الأعلى للإعلام، لضمان التزامها بالتوقيتات المناسبة ونوعية المحتوى، خصوصًا فيما يتعلق ببرامج "التوك شو" والرياضة. وأكد على ضرورة عقد دورات تدريبية لمقدمي البرامج لتمكينهم من مواكبة التطورات في صناعة الإعلام، وتطوير أسلوب تقديمهم للمواضيع، خاصة تلك المتعلقة بالأمن القومي والمصالح العليا لمصر. كما دعا إلى ضرورة أن يكون الإعلام جزءًا أساسيًا من الجهود الوطنية لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد، مع التركيز على مناقشة القضايا التي تهم المواطن والابتعاد عن السطحية في المحتوى.
مصداقية الإعلام في عيون المشاهدين
في نفس السياق، تحدث الدكتور حسن عماد مكاوي، العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، مشيرًا إلى أن تقليص مدة البرامج الحوارية يُعتبر خطوة ضرورية، حيث لا توجد برامج حوارية في العالم تمتد لثلاث ساعات دون تحديد إطار زمني.
وأكد في تصريحاته لموقع "صدى البلد" على أهمية التركيز على جودة المحتوى بدلاً من الكم، حيث أن هذه الخطوة تعزز من مصداقية الإعلام في عيون المشاهدين وتساعد في ضبط الحوار العام على الشاشات.
كما دعا مكاوي إلى توفير تدريب متخصص للعاملين في المجال الإعلامي، خصوصًا في البرامج الإخبارية وبرامج الأطفال، لضمان تقديم محتوى يتناسب مع الجيل الجديد الذي يتفاعل مع التكنولوجيا منذ سن مبكرة. وفيما يتعلق بالإعلانات، أشار إلى ضرورة مراقبة تراخيص الإعلانات، مشددًا على أهمية عدم تدخل شركات الإعلان في المحتوى، سواء في اختيار الممثلين أو غير ذلك.
ولفت مكاوي إلى أهمية تحديد حد أقصى لزمن الإعلانات مقابل المادة التحريرية، بالإضافة إلى تنظيم المساحات الإعلانية في الخريطة البرامجية والدرامية، وتحديد أماكن القطع الإعلاني بوضوح بما يتفق مع الأسس العلمية والمهنية، بحيث تتراوح مدة البرامج بين ساعة إلى ساعة ونصف.