رحب العلماء بتصريح الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، الذي أعلن فيه أنه يسعى للقضاء على فوضى الفتاوى من خلال إعادة قانون تجريم الفتوى من غير المختص، مؤكدًا العمل خلال الفترة القادمة مع الأزهر الشريف ودار الإفتاء ومجلس النواب، لإعادة بعث هذا القانون وسرعة إصداره، لافتاً إلى إنه يمثل شغله الشاغل خلال تلك الفترة، منوهًا بأن تعدد جهات الإفتاء في الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، يؤدي إلى الوصول بالفتوى إلى كل المصريين، مشددًا على ضرورة وجود تكامل بين العاملين بالفتوى.
يجب سن قانون لمعاقبة غير المختصين بالفتوى
طالب الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، بتجريم التحدث فى الدين وإصدار الفتاوى لغير المختصين، مشيرًا إلى أنه يجب إصدار قانون يجرم الظهور والتحدث باسم الدين والإسلام.
وأكد عميد كلية أصول الدين السابق، أن احترام المختصين بالفتوى أمر لابد منه، مشيرًا إلى أن القانون يجرم أن يعمل المهندس طبيبًا، والطبيب مهندسًا، فلماذا يصبح الدين وحده كلأ مباحا».
سن تشريع يمنع غير المتخصصين من التصدر لمهمة الإفتاء
من جانبه، أيد الشيخ محمد زكي، من علماء الأزهر الشريف، سن تشريع يمنع غير المتخصصين من التصدر لمهمة الإفتاء والظهور على الفضائيات للإفتاء وذلك على وجه السرعة، مضيفاً: إنه لابد من سن تشريع قانوني يمنع أي شخص غير متخصص من التصدى لمهمة الإفتاء، منوهًا بأنه لابد من منع هذا العبث الذي يقوم به المتشددون لتضليل الناس في أمور دينهم.
وأشار إلى أن تصدر غير المتخصصين للفتوى من شأنه انتشار الفتاوى المغلوطة التي لا تصدر عن علم أو تأصيل أو أدوات سليمة تخرج الفتوى الصحيحة التي تيسر على الناس في أمور دينهم ودنياهم.
ننتظر هذا التشريع منذ سنوات وطال انتظاره
وتابع: ننتظر هذا التشريع منذ سنوات وطال انتظاره، منبهًا على أنه لا ينبغي أن يخرج لمهمة الإفتاء إلا من كان أهلا لها وبعد الإذن له بالظهور، منوهًا بأنه لا مانع أن يفتي الإمام والواعظ في مكان عمله في أمور الناس ومعيشتهم أما فيما يتعلق بالقضايا الكبيرة والمتعلقة بالأمن القومي للبلاد فنرجع فيها للمؤسسات المتخصصة بالفتوى، مشيرًا إلى أن أمر الإفتاء عظيم الخطر، عظيم الموقع، عظيم الفضل، والمفتي وارث النبوة، وإن كان قائمًا بفرض الكفاية إلا أنه معرض للخطر.
وواصل: إن غير المتخصص في الفتوى يقحم نفسه فيها، ويتطاول بكل غرور، وبدون حياء على الشرع والمشرع، ويتجاهل المؤسسات الشرعية الموكل إليها بصفة شرعية قانونية القيام بالإفتاء كدارالإفتاء المصرية، وهيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ولجان الفتوى التابعة للأزهر، والمنتشرة في كل ربوع الدولة، ومساجدها، متجهمًا بغية الشهرة التي سرعان ما تذبل وتموت، لأن صاحبها خرج على الفطرة التي فطر الله الناس عليها «لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».
الفتوى لها الدور الأهم في استقرار المجتمعات
وقال الدكتور محمد مصطفى الياقوتي، وزير الأوقاف السوداني الأسبق، إن الفتوى لها الدور الأهم في استقرار المجتمعات، فالفتاوى الطائشة خلقت قلقاً كبيرًا وعدم استقرار في الدنيا وجفاء المجتمع الإنساني الذي يبنغي أن تتوافر جوده على الوصل والتعاون.
وأضاف «الياقوتي»، في تصريح لـ«صدى البلد»، أنه إذا نظرنا إلى خطورة هذا فإن مجابهة الفتاوى الطائشة بفتاوى عاقلة تحكي حركة الإسلامية الحقيقة وطبيعته، ومستوى المسؤولية فيه فإن هذا يؤكد يؤدي إلى استقرار المجتمعات.
نوه بأن الفتوى تعد أداة مهمة لتحقيق الاستقرار وتعزيز السلم في المجتمعات، مشيرًا إلى أن الفتوى التي تصدر من غير المتخصصين تسبب اضطرابًا كبيرًا في المجتمعات.
تجليات الفتوى على أرض الواقع خطيرة
وشدد على أن الفتوى لها أهمية كبيرة وتجلياتها على أرض الواقع خطيرة، لأنها يمكن أن تحدث في المجتمعات ضررًا، منبهًا على أهمية الفتوى في حياة الناس لأنه لا غنى عنها ما دام الناس يعبدون الله سبحانه وتعالى، فالاهتمام والاعتناء بالفتوى ينبغي أن يكون في نظر الجميع شعبًا وحكومةً، فهي مسئولية عامة وجامعة.
خطورة تدخل غير المتخصصين في الفتاوى
وأفاد الدكتور يوشار شريف، أستاذ الشريعة الإسلامية من اليونان، بأن الفتوى من أهم المباحث العلمية الفقهية التي تحتاج إلى معرفة دقيقة بأحكامها، خاصة في عصرنا الحاضر، فإن المشكلات والأزمات التي تواجه الإنسانية اليوم، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، يمكن التغلب عليها بطرق واضحة ومعلومة، أما قضية الفتوى، فهي أزمة لا يزال من الصعب إيجاد حل جذري لها، لأنها تتعلق بدين يُعتبر ملكًا للجميع، وهو ما يؤدي إلى تدخل غير المتخصصين في مسائل دينية معقدة.
وأكمل الدكتور شريف: «الأزمة الحقيقية تكمن في «قضية الفتوى وإصدار الحكم»، مما يؤدي إلى حيرة شديدة بين عوام الناس حول من يصدقون ومن يأخذون الفتوى منهم، في ظل التقدم التكنولوجي وظهور العديد من الفتاوى المتناقضة عبر وسائل الإعلام، أصبح الأمر أزمة حقيقية تتطلب حلولاً شرعية لمواجهتها ومعالجتها ضمن إطار الشريعة الإسلامية.
الأحكام الشرعية يجب أن تكون مقتصرة على المتخصصين فقط
ونبه لدكتور شريف، على ضرورة التميز بين المجالات المختلفة في الدين، قائلاً: «نحتاج إلى التمييز بين الفتوى والإرشاد»، الدين مجال واسع للوعظ والإرشاد والتربية والسلوك، لكن الفتوى وإصدار الأحكام الشرعية يجب أن تكون مقتصرة على المتخصصين فقط، يجب علينا أن نقدم الحلول الصحيحة والفتاوى المنجية للأفراد، ونوجههم إلى الطريق الصحيح لنؤدي الأمانة التي حملناها ونساعدهم في تجنب المحظورات الشرعية».
ترحيب برلماني
لاقت تصريحات الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، ترحيبًا كبيرًا في الأوساط البرلمانية، وأعلن النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، تأييده التام لتصريحات الدكتور أسامة السيد الأزهري.
تقديم جميع أنواع الدعم
وأبان «رضوان» في تصريحات للمحررين البرلمانيين اليوم الثلاثاء، إنه يجب على الحكومة والأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، والبرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ، تقديم جميع أنواع الدعم والمساندة للرؤية الواضحة والثاقبة من وزير الأوقاف للإسراع في إصدار هذا التشريع المهم، بعد أن أصبح هناك العديد من غير المتخصصين في إصدار الفتاوى يتربعون على منابر ومنصات الفضائيات والتواصل الاجتماعي ويصدرون العديد من الفتاوى بغير علم.
أصاب كبد الحقيقة
وذكر أن وزير الأوقاف أصاب كبد الحقيقة عندما أكد أن تعدد جهات الإفتاء في الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف يؤدي إلى الوصول إلى كل المصريين، وهذا لا يعني وجود صراع بين العاملين بالفتوى بل يجب أن يكون هناك تكامل وتعاون من أجل المصريين.
وكشف النائب طارق رضوان، عن أنه واستجابة لرؤية الدكتور أسامة الأزهري فإنه سوف يتقدم مجدداً بمشروع قانون لتحريم إصدار الفتاوى من غير المتخصصين مع بدء دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب في فصله التشريعي الثاني في شهر أكتوبر المقبل، مشيراً إلى أنه عندما تقدم بهذا التشريع في البرلمان السابق كان هدفه القضاء نهائياً على ظاهرة الدخلاء على مهنة إصدار الفتاوى.