العلاقات المصرية السعودية تاريخية وعميقة الجذور فهي تتجاوز الجانب الدبلوماسي والسياسي إلى مجالات متعددة تشمل التعليم الاقتصاد الثقافة الأمن والعديد من القضايا المشتركة التي تشكل نسيج التعاون بين البلدين الشقيقين في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام تحتفل المملكة العربية السعودية بعيدها الوطني الذي يرمز إلى توحيد البلاد على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1932 ليصبح هذا اليوم مناسبة ليس فقط للاحتفاء بالتاريخ السعودي ولكن أيضًا لتسليط الضوء على العلاقات الأخوية والتعاون المتبادل بين السعودية والدول الصديقة وفي مقدمتها مصر.
العلاقات المصرية السعودية قديمة وتاريخية حيث بدأت بوادر التعاون بين البلدين منذ تأسيس المملكة ففي ذلك الوقت كانت مصر تعتبر إحدى الدول الرائدة في مجالات التعليم والصحة والهندسة وسارعت في مد يد العون للمملكة في تلك المجالات التي كانت في طور التأسيس مصر قدمت الكثير للمملكة في بداية نشأتها من خلال إرسال المعلمين والخبراء المصريين الذين ساهموا في بناء منظومة تعليمية وصحية قوية في المملكة ولا يمكن إنكار أن الجامعات والمدارس والمستشفيات السعودية الأولى كانت تعتمد بشكل كبير على الكفاءات المصرية التي ساهمت في بناء اللبنات الأولى لتلك المؤسسات.
في مجال التعليم كان الأساتذة المصريون جزءاً لا يتجزأ من مراحل تأسيس التعليم النظامي في المملكة المعلمون المصريون قاموا بتدريس الأجيال السعودية الأولى وأسهموا في وضع المناهج الدراسية حيث كان لهم دور رئيسي في نقل المعرفة والخبرات الأكاديمية إلى المملكة هذا التعاون التعليمي أسهم في بناء أجيال من السعوديين الذين أصبحوا لاحقًا قادة وروادًا في مجالاتهم المختلفة، التعليم كان ولا يزال حجر الزاوية في العلاقات المصرية السعودية حيث تتبادل البلدان الآن البعثات الدراسية والتعاون الأكاديمي في مختلف التخصصات مما يعزز الروابط بين الشعبين ويؤكد على استمرارية هذه العلاقة في المستقبل.
لم يقتصر دور مصر على التعليم فقط بل امتد ليشمل مجالات أخرى مثل الصحة والهندسة والفنون منذ بدايات تأسيس المملكة لعب الأطباء والمهندسون المصريون دورًا بارزًا في تطوير النظام الصحي والبنية التحتية للمملكة مما ساهم في تحسين مستوى الحياة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين السعوديين ومع مرور الزمن توسعت مجالات التعاون بين البلدين لتشمل كافة جوانب الحياة حيث كانت مصر دائمًا حاضرة لدعم المملكة في جميع الظروف والمواقف.
العلاقات الاقتصادية بين البلدين شهدت نموًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة حيث أصبحت السعودية واحدة من أكبر المستثمرين في الاقتصاد المصري خاصة في مجالات البنية التحتية السياحة الزراعة والصناعة هذا التعاون الاقتصادي أسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين وفتح آفاق جديدة للشراكة الاقتصادية وفي المقابل تسهم الشركات المصرية في السوق السعودي بشكل كبير حيث تعمل في مجالات البناء والتطوير والمشروعات القومية الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن إطار رؤية 2030 هذه الشراكة الاقتصادية لا تعزز فقط العلاقات الثنائية بل تسهم في تحقيق التنمية المستدامة لكل من البلدين.
الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية لا تتوقف عند التعاون الاقتصادي فقط بل تشمل أيضًا التعاون الأمني والسياسي حيث يتشاركان في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب وحماية استقرار المنطقة التعاون بين البلدين في هذا المجال يعزز من دورهما القيادي في الحفاظ على أمن واستقرار العالم العربي والإسلامي
وفي ظل رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة اقتصادية متقدمة تظل مصر شريكًا رئيسيًا في هذه الرؤية الطموحة حيث تعمل على تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا البنية التحتية والصناعة بما يخدم مصلحة البلدين ويعزز من قدراتهما التنافسية على الساحة الدولية
ختامًا يمثل العيد الوطني السعودي فرصة ليس فقط للاحتفال بتوحيد المملكة بل أيضًا لتأكيد العلاقات الأخوية الراسخة بين مصر والسعودية التي تمتد عبر التاريخ وتتعزز يومًا بعد يوم الحب الذي يكنه المصريون للمملكة لا ينبع فقط من شراكة سياسية أو اقتصادية بل من مكانة المملكة كأرض الحرمين الشريفين موطن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي تنبض قلوبنا دائمًا بحب أرضه المباركة