تعتبر إي كولاي أو الإشريكية القولونية، من أكثر الكائنات الدقيقة شهرة في عالم الأحياء الدقيقة والصحة العامة، ورغم ما قد يوحي به الاسم من خطورة، فإن هذه البكتيريا ليست جميعها ضارة، بل إن بعض سلالاتها تلعب دورًا مهمًا وحيويًا في جسم الإنسان، خاصة في الأمعاء ومع ذلك.
قالت الدكتورة سماح رضوان فى تصريحات خاصة لصدى البلد، أن هناك أنواعا من قد تكون مميتة، ويمكن أن تسبب تسممًا غذائيًا خطيرًا
إي كولاي الإشريكية القولونية: تعريف عام
تعد إي كولاينوعًا من البكتيريا يعيش بشكل طبيعي في أمعاء الإنسان والحيوان. معظم هذه السلالات تعتبر مفيدة، إذ تسهم في عملية الهضم، وتنتج فيتامينات مهمة مثل فيتامين K، كما تساعد في الحفاظ على توازن البكتيريا في الأمعاء. يتمتع جسم الإنسان بهذه البكتيريا في إطار علاقة تكافلية مفيدة للطرفين.
متى تتحول إي كولاي إلى خطر؟
بالرغم من فوائد، إي كولاي، داخل الجهاز الهضمي، فإن بعض سلالاتها تكون ضارة للغاية، يمكن أن تحدث العدوى عندما تدخل هذه السلالات المسببة للأمراض إلى الجهاز الهضمي عن طريق تناول طعام أو شراب ملوث، ومن أكثر هذه السلالات شهرة إي كولاي O157:H7، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بتسمم غذائي حاد.
السلالات الضارة تنتج سمومًا قوية تُعرف بـ"الشيغا توكسين" (Shiga toxin)، وهي التي تسبب الالتهابات المعوية الحادة. هذه السموم تؤدي إلى تلف بطانة الأمعاء، ما يتسبب في ظهور أعراض مؤلمة تشمل الإسهال الدموي، وآلام البطن، والقيء، وقد تتطور الأعراض إلى مضاعفات أخطر، مثل الفشل الكلوي.
طرق الإصابة بالعدوى
يتم انتقال العدوى ببكتيريا إي كولايالضارة عبر عدة طرق، من أبرزها:
1. الطعام الملوث: تناول لحوم نيئة أو غير مطهية جيدًا، خاصة اللحوم المفرومة.
2. المياه الملوثة: قد تحتوي المياه غير المعالجة أو غير المعقمة على إي كولاي الضارة.
3. الاحتكاك بالحيوانات: يمكن أن تنقل الحيوانات، خاصة في المزارع، البكتيريا إلى البشر.
4. التلوث المتبادل: انتقال البكتيريا من الطعام الملوث إلى أدوات المطبخ أو الأيدي غير المغسولة.
أعراض عدوى إي كولايوكيفية التشخيص
تظهر أعراض العدوى عادة بعد 3 إلى 4 أيام من التعرض للبكتيريا، وقد تشمل:
إسهال شديد، غالبًا ما يكون دمويًا.
تشنجات وآلام شديدة في البطن.
الغثيان والقيء.
في بعض الحالات، قد تتطور العدوى إلى متلازمة انحلال الدم اليوريمية (Hemolytic Uremic Syndrome - HUS)، وهي حالة نادرة ولكنها خطيرة تؤدي إلى فشل الكلى، وتكون قاتلة في بعض الأحيان.
التشخيص يعتمد على الفحص المخبري لعينة من البراز لتحديد وجود إي كولاي المسببة للأمراض.
الوقاية والتدابير الاحترازية من إي كولاي
نظرًا للخطورة التي قد تشكلها بعض سلالات إي كولاي، يجب اتباع إجراءات وقائية صارمة للحد من انتشار العدوى. من أبرز التدابير التي يمكن اتخاذها:
1. طهي اللحوم جيدًا: تأكد من طهي اللحوم حتى تصل درجة الحرارة الداخلية إلى 70 درجة مئوية لقتل البكتيريا.
2. غسل اليدين: غسل اليدين بالماء والصابون بعد التعامل مع اللحوم النيئة، وقبل تناول الطعام.
3. تجنب تناول الحليب غير المبستر: الحليب الخام قد يحتوي على بكتيريا E. coli الضارة.
4. الحفاظ على نظافة المياه: التأكد من شرب مياه آمنة ومعقمة، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى بنى تحتية صحية.
5. غسل الخضروات والفواكه جيدًا: التأكد من غسل الخضروات والفواكه تحت الماء الجاري لإزالة أي تلوث محتمل.
العلاج والرعاية إي كولاي
لا يوجد علاج محدد لعدوى إي كولاي سوى إدارة الأعراض والمضاعفات. يُنصح بشرب كميات كبيرة من السوائل لتعويض ما يفقده الجسم نتيجة الإسهال والقيء. يُنصح بتجنب المضادات الحيوية لأنها قد تزيد من إفراز السموم البكتيرية، مما يزيد من تفاقم الأعراض.
في الحالات الشديدة، قد يتطلب الأمر نقل المريض إلى المستشفى لتلقي العلاج والدعم المناسب، مثل السوائل الوريدية أو غسل الكلى في حال تطور متلازمة انحلال الدم اليوريمية.
البكتيريا إي كولاي أو الإشريكية القولونية هي كائن حي دقيق متعدد الأوجه، يتراوح تأثيره بين الدور المفيد في الأمعاء، والدور الخطير عند الإصابة بالعدوى بسلالات ضارة، الفهم الجيد لطرق انتقال هذه العدوى واتباع التدابير الوقائية اللازمة يمكن أن يحد بشكل كبير من مخاطرها، ويساهم في حماية الصحة العامة.