في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، تبرز أهمية التصدي لظاهرة التعدي على الأراضي الزراعية كأحد الأولويات الوطنية، وتشير التقارير الأخيرة إلى عودة هذه الظاهرة المقلقة، ما يستدعي تكثيف الجهود لحماية الثروة الزراعية التي تعد عماد الأمن الغذائي، ولذلك أطلقت الدولة عدة حملات فعّالة لإزالة التعديات، مستفيدة من استثماراتها في منظومة رصد التغيرات المكانية، لتأتي هذه المبادرات كخطوات حيوية لضمان استدامة الموارد الزراعية وحمايتها من التهديدات المتزايدة.
وفي خطوة حاسمة لردع المعتدين على الأراضي الزراعية، قررت الدولة إيقاف الدعم التموينى لحوالي 88 ألف مخالف بسبب التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية.
التصدي للتعديات على الأراضي الزراعية
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن التعديات على الاراضى الزراعية تمثل أزمة كبرى للدولة المصرية، لافتا إلى أن السنوات الماضية شهدت زيادة في التعديات على الأراضى الزراعية وهو ما قلص مساحة الأراضى الزراعية خلال الفترة الماضية.
وأضاف صيام خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن عقوبة إلغاء الدعم عن المتعدين على الأراضي الزراعية ستكون رادع لكل من يفكر في هذا الأمر، لذا يمكن بعد فترة الاكتفاء بالعقوبة التي نص عليها القانون في حالات التعدي علي الأرضي الزراعية.
وسبق، وعقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا خاصًا لمناقشة التعديات على الأراضي الزراعية، حيث أشار إلى وجود تقارير تفيد بعودة بعض التعديات، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة من خلال حملات الإزالة، وأكد على أهمية الاستفادة من منظومة رصد التغيرات المكانية، داعيًا إلى التعامل الفوري مع أي مخالفة تُرصد.
قرارات حاسمة لوقف هذه الظاهرة
وقال رئيس الوزراء: "لن نسمح بعودة مشاهد التعديات السابقة، وسنتخذ قرارات حاسمة لوقف هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل الأجيال القادمة"، وشدد على أن الإجراءات ستشمل الإزالة الفورية لأي تعدٍ جديد، بالإضافة إلى إلغاء جميع أشكال الدعم للمخالفين، بما في ذلك دعم الخبز والتموين والأسمدة، كما تم إعداد قانون لتجريم هذه المخالفات وتصنيفها كجرائم مخلة بالشرف، مع فرض عقوبات مشددة على المخالفين والمقاولين.
وأوضح رئيس الوزراء أن كل محافظة لديها الآن وحدة لرصد التغيرات المكانية، بالتنسيق مع منظومة رصد التغيرات بالمركز العسكري، وهذه الوحدات ستقوم برصد أي تغييرات تحدث على الأراضي الزراعية باستخدام الأقمار الصناعية، وأكد على ضرورة تحرك المحافظين بشكل يومي لمواجهة أي تعدٍ يتم رصده، مطالبًا كل محافظ بإعداد تقرير يومي عن المخالفات.
وأشار إلى أنه قد وقع قرارًا بتشكيل لجان لمواجهة التعديات ومخالفات البناء على الأراضي الزراعية، مؤكداً أن أعضاء هذه اللجان سيكونون مسؤولين عن محاسبة أي تقاعس من قبل المسؤولين، كما أكد على أهمية الإزالة الفورية للمخالفات وحصر بيانات المخالفين، بحيث تتولى الوزارات المعنية وقف كافة أشكال الدعم الممنوحة لهم.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة ستتصدى بكل حزم لمخالفات البناء على الأراضي الزراعية، ولن تتهاون في هذا الملف، مشددًا على أن معالجة هذه المخالفات تعتبر أولوية في تقييم عمل كل محافظ، وأشار إلى الاستثمارات الكبيرة التي تنفقها الدولة في مشروعات استصلاح الأراضي الصحراوية وزراعتها، في الوقت الذي يتم فيه إهدار أفضل الأراضي الزراعية بسلوكيات تعتبر جريمة بحق الوطن.
واختتم قائلاً: "نحن مسؤولون أمام الله وأمام الوطن عن وقف أي تعديات على الأراضي الزراعية، لحماية مستقبل الأجيال القادمة".
عقوبة التعدي على الأراضي الزراعية
في سياق متصل، أعلن المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، عن انتهاء المرحلة الثالثة من الموجة الـ 23 لإزالة التعديات المخالفة على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة. وأكد أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية للحفاظ على أملاك الدولة.
وأوضح المحافظ أن الأجهزة التنفيذية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية قد قامت بقطع المرافق العامة عن المنازل المقامة بالمخالفة، مما أدى إلى إزالة 129 حالة تعدٍ بمساحة 59,467 مترًا، بالإضافة إلى 113 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية بمساحة 476 فدانًا و10 قراريط و13 سهمًا.
وجدير بالذكر أن قانون العقوبات ينص على عقوبة جريمة التعدي على الأراضي الزراعية بالتحايل، والتي تصل إلى الحبس لمدة سبع سنوات وغرامة قدرها 2 مليون جنيه.
تصدى قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، حمل رقم 164 لسنة 2019، للمخالفات الخاصة بالتعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة.
ونصت المادة 372 مكررًا، من القانون، على الآتى:
كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء، أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيرى أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة أو في حيازة أى منها، وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة، يعُاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد علي خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.