طرحت الجلسة الخامسة والأخيرة من ملتقى بناة مصر في دورته التاسعة مدى تأثير تبعات موجة التضخم العالمية والأزمات الاقتصادية العالمية على توجهات مؤسسات التمويل الدولية فى دعم مشروعات التنمية والبنية التحتية بمختلف الدول، وما إذا كانت هناك أولويات جديدة فرضتها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعيات النزاعات الأمنية فى العديد من الدول فى الوقت الراهن.
و قدمت الجلسة عرضا خاصا لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية، إحدى أبرز مؤسسات التمويل الدولية التى تركز إستراتيجيتها على الالتزام الكامل بأهداف التنمية المستدامة، وتدرك أن الأهداف الإنمائية ومخططات التعمير والتنمية تختلف من دولة إلى أخرى، وتدعم المجموعة المشروعات التنموية والتى تنعكس بمؤشرات إيجابية على صناعات التشييد والبناء فى الدول الإسلامية وتسهم فى دعم تنفيذ مخططات التعمير وتكوين تكتلات اقتصادية قوية ممثلة فى الشركات الوطنية لصناعات التشييد وصناعات مواد البناء المرتبطة بها.
وقدم العرض، كل من المهندس زهير محمد كشغرى، قائد فريق عمليات بالمكتب الإقليمى لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية بالقاهرة، والمهندس طه الفيل، مسؤول قسم المشتريات بالإدارة المالية ومشتريات المشروعات بمجموعة المكتب الإقليمي للبنك الاسلامي للتنمية بالقاهرة، وإيمان عبد العزيز، بالمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات بالبنك الإسلامى للتنمية.
وقال المهندس زهير محمد كشغري، قائد فريق العمليات بالمكتب الإقليمي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية بالقاهرة، إن إجمالي تمويلات المجموعة وصل إلى 189 مليار دولار حتى نهاية يوليو، موضحًا أن نصيب البنك فقط تجاوز 69 مليارا التي تمثل 37% من حجم التمويلات.
وأضاف خلال العرض الخاص بالبنك ضمن فعاليات الملتقى أن إجمالي حجم التمويلات الخاصة بالمؤسسة الدولية لتمويل التجارة الإسلامية وصلت إلى 79.4 مليار دولار، والتي تعمل على تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية لشعوب 57 دولة عضوا والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء.
وذكر أن المؤسسة تطورت من كيان واحد إلى مجموعة مكونة من 5 أعضاء، والتي بدأت بإنشاء البنك الإسلامي للتنمية عام 1975، متعدد الأطراف يعمل على تحسين حياة الناس من خلال تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، تلى ذلك تدشين معهد البنك الإسلامي للتنمية عام 1981 المسؤول عن صنع المعرفة ونشرها في مجال الاقتصاد والتمويل الإسلامي، ثم إطلاق المؤسسة الإسلامية الدولية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات عام 1994، والتي توفر تأمين الاستثمار وائتمان الصادرات للدول الإسلامية"
وتابع: "عام 1999 تم تأسيس المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والتي تعمل على دعم التنمية الاقتصادية في الدول الأعضاء من خلال مشاريع القطاع الخاص، كما تم إنشاء المؤسسة الدولية لتمويل التجارة عام 2008، والتي تعد حافزًا لتنمية التجارة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي".
وأشار إلى أن هناك عددا من الصناديق تابعة للمجموعة، تشمل صندوق التنمية المستدامة الدولي، وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية، والذي يقدم الدعم المالي لتعزيز القدرة الإنتاجية ووسائل الدخل المستدامة للفقراء، وصندوق الأوقاف للاستثمار العقاري، وصندوق الحياة والمعيشة، وصندوق التمكين الاقتصادي.
وأوضح أن توزيع التمويلات القطاعي يكون وفقًا للتكلفة، مبينا أن قطاع الطاقة يتصدر القطاعات بنسبة 40% من إجمالي التمويلات، يليه قطاع الزراعة بنسبة 14%، وقطاعا الصناعة والتعدين بنسبة 13%، إلى جانب القطاع المالي بنسبة 9%، والنقل بنسبة 8%، فضلًا عن قطاعات أخرى مثل الصحة، النقل والمياه والصرف الصحي والخدمات، والاتصالات وغيرها.
وقال كشغري إن المهمة الأساسية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية تتمثل في بناء شراكات تعاونية بين المجتمعات والدول الأعضاء، عبر القطاعين العام والخاص، فضلاً عن تعزيز الحلول المبتكرة والمستدامة لأعظم تحديات التنمية في العالم، كما يعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
يأتي ذلك إضافة إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء، وتعزيز وتوسيع صناعة الخدمات المالية الإسلامية- عالميًا، وتقديم تمويل التنمية (العام والخاص) بهدف تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لافتا إلى أن البنك يركز حاليًا على الجانب الإنساني من خلال التنمية البشرية، إيمانًا بكون العنصر البشري هو الأهم.
كما استعرض الطرق الرئيسية لتمويل المشاريع والمساعدة الفنية، إذ لفت إلى أن البنك يقدم قروضا بشروط ميسرة، وهي مخصصة بشكل أساسي للدول ذات الدخل المنخفض بدون هامش ربح، وذلك برسوم خدمة لا تتجاوز 1.5% سنويًا على مدار فترة التمويل، والتي تصل إلى 25 عامًا بما في ذلك فترة سماح مدتها 7 سنوات.
وقال إن البنك يقدم أيضًا منح المساعدة الفنية، كالتدريب القصير، وبناء القدرات، والارتباطات العكسية، والتدخلات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، علاوة على أن البنك يتيح نظام الإيجارة، والذي يوفر من خلاله تمويلاً متوسط الأجل لغرض تأجير المعدات الرأسمالية أو الأصول الثابتة مثل البنية الأساسية والآلات والمركبات وناقلات النفط، موضحًا أنه خلال فترة الإيجار، تتمتع الدولة بالسيطرة الكاملة على الأصول، وعند انتهاء فترة الإيجار، ينقل البنك ملكية الأصل المؤجر إلى المستفيد كمنحة.
وأضاف أن البنك يتيح نظام إيجارة الخدمات (تمويل الخدمات)، والذي تم تقديمه مؤخرًا، ويغطي تقديم خدمات المساعدة الفنية للمستفيد لإعداد المشروع والأنشطة ذات الصلة والتي يمكن للمستفيد دفعها بشكل منفصل، أو يمكن دمج تكاليفها في التمويل لأي مشروع ضمان ينتج عن التصميم والإعداد من خلال تمويل إيجارة الخدمات.
كما يتيح البيع بالتقسيط وتمويل المرابحة، والذي من خلاله يشتري البنك سلعة أو أصلاً ثم يبيعها للمستفيد بسعر مضاعف يدفعه المستفيد على أقساط متفق عليها، موضحًا أنه وفي هذه الحالات، وعلى عكس تمويل الإجارة، تنتقل ملكية السلعة أو الأصل إلى المستفيد أي المشتري عند التسليم، وفق كشغري.
فرص استثمارية في أفريقيا بقيمة 3 مليارات دولار
من جانبه، قال طه الفيل مسؤول قسم المشتريات بالإدارة المالية ومشتريات المشروعات بمجموعة المكتب الإقليمي للبنك الإسلامي للتنمية بالقاهرة إن هناك فرصا استثمارية في أفريقيا بقيمة 3 مليارات دولار، وإن قطاع الأعمال يمثل الجزء الأكبر من محفظة البنك بقيمة 7.95 مليار دولار، تليه السلع بـ 1.76 مليار دولار، ثم الخدمات الاستشارية بـ 517 مليونا، وأخيرًا الخدمات غير الاستشارية بحوالي 340 مليون دولار.
وأضاف الفيل أن هناك فرصًا استثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية في أفريقيا، لافتًا إلى أن القطاع الزراعي أحد الأنشطة الأكثر جاذبية للاستثمار، إذ تبلغ الفرص فيه بقيمة 0.77 مليار دولار، يليه قطاع النقل، بفرص قيمتها نحو 0.62 مليار دولار.
وكشفت إيمان عبدالعزيز، أن أبرز الخدمات التي تقدمها المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات بالبنك الإسلامى للتنمية، يتمثل في تأمين الموردين وعرض التغطية التأمينية على المصدرين والمقاولين في الدول الأعضاء وغير الأعضاء، وتغطي مستحقاتهم ضد مخاطر عدم السداد من جانب عملائهم في الخارج، بجانب تأمين الخطابات والاعتمادات لتغطية تأكيد خطاب الاعتماد الصادر لها لاستيراد السلع والخدمات، وبالتالي تعزيز الجدارة الائتمانية للبنوك في الدول الأعضاء في المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات.
وأضافت أن المؤسسة تقوم بتأمين التمويل التجاري لحماية المؤسسات المالية من خطر عدم سداد مستحقاتها التجارية المخصصة لها من قبل عملائها من الاستيراد والتصدير، وتأمين الاستثمار الذي يغطي الاستثمارات الأجنبية المباشرة ضد المخاطر السياسية التي تتعرض لها الدولة العضو المضيفة، مثل الحرب والاضطرابات المدنية ومصادرة الممتلكات.
يأتي ذلك بالإضافة إلى حلول تعزيز الائتمان وحماية هذه الحلول المقرضين من مخاطر عدم الوفاء بالتزاماتهم تجاه الدول الأعضاء والمؤسسات المملوكة للدولة في المشاريع المؤهلة كما توفر هذه الحلول تغطية وضمانات لمعاملات سوق رأس المال مثل الصكوك، بجانب إعادة التأمين إذ تعمل المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات مع وكالات ائتمان الصادرات الدولية في الدول الأعضاء وعلى مستوى العالم لخلق القدرة اللازمة لدعم أحجام الأعمال الأكبر في الدول الأعضاء.
وقال سامح عزوز، خبير أول المصرف العربى للتنمية الاقتصادية فى أفريقيا، إن المصرف يمول ٤٤ دولة إفريقية غير عربية، مشيرا إلى أن ٦٢% من رأسمال المصرف مساهمة من دول خليجية، ومؤكدا ضح تمويلات بقيمة ١٣.١ مليار دولار لنحو ١٨٧٦ عملية، ولفت إلى أن البنك ضخ تمويلات بقيمة ٧.٥ مليار دولار للمشروعات التنموية للقطاع العام، ونحو ٣.٩ مليار لأكثر من ٦٧ عملية تجارية، و١.٤ مليار دولار لنحو ٢٩ عملية للقطاع الخاص.