صلاة قيام الليل من السنة المؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد مدح الله تعالى عباده الذين هم أهل الجنة بأنهم: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]، ويتساءل البعض هل يجوز الجهر في صلاة قيام الليل منفردا؟؛ وهو ما سنوضحه في التقرير التالي:
هل يجوز الجهر في صلاة قيام الليل منفردا؟
قال تعالى مادحًا لهم أيضًا: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]، وروى مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»، وهي تُصَلَّى مثنى مثنى، وذلك لرواية "الصحيحين" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قـال: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ».
أما عن سؤال: هل يجوز الجهر في صلاة قيام الليل منفردا؟: فيسن الجهر في صلاة الليل؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن ذلك فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ربما جهر وربما أسر، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقراءة في صلاة الليل ويقف عند آية الرحمة فيسأل وعند آية الوعيد فيتعوذ وعند آية التسبيح فيسبح.
أما عن سؤال: هل يجوز الجهر في صلاة قيام الليل منفردا للنساء؟؛ فيستحب للإمام والمنفرد غير المأموم الجهرُ بالقراءة في الصلاة الجهرية والإسرار في السرية كما نقل الخلف عن السلف سواء الرجال والنساء. لكن المرأة إن كانت تصلي بحضور رجل أجنبي فيسنُّ لها الإسرار ويكره لها الجهر بالقراءة؛ فلو جهرت لا تبطل صلاتها لكنه مكروه، أما إن كانت تصلي بخلوة أو في حضور محارمها أو النساء، فيسنّ لها الجهر لكن دون جهر الرجال.
قال الإمام النووي رحمه الله: "وأما المرأة فقال أكثر أصحابنا إن كانت تصلي خالية أو بحضرة نساء أو رجال محارم جهرت بالقراءة، سواء صلت بنسوة أو منفردة، وإن صلت بحضرة أجنبي أسرت". [المجموع 3/ 390]، وجاء في [بشرى الكريم 1/ 223]: "وسن الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية لغير مأموم؛ لكراهته في غير ما مرّ عليه، ولغير امرأة وخنثى بحضرة الرجال الأجانب لكراهته لهما حينئذٍ؛ لخوف الفتنة، ويندب لهما في الخلوة وبحضرة المحارم والنساء لكن دون جهر الرجل".
وأما مسألة جهر المرأة عقب الفاتحة بقول (آمين) فتأخذ حكم الجهر بالقراءة السابق، فإن كانت تصلي بحضور الأجانب أسرت وإن كانت وحدها أو بحضرة محارمها أو النساء جهرت بذلك، جاء في [حاشية البجيرمي على الخطيب 2/ 29]: "والحاصل أن المصلي مأموماً كان أو غيره يجهر به [أي التأمين] إن طلب منه الجهر، ويسر به إن طلب منه الإسرار".
صلاة قيام الليل كم ركعة ووقتها
يبدأ وقت قيام الليل هو الثلث الأخير من الليل وقبل صلاة الوتر، وذلك لما رُوي عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ» رواه الحاكم والنسائي والترمذي وابن خزيمة، وقال: حسن صحيح. وأفضلها عشر ركعات غير الوتر أو اثنتا عشرة ركعة غير الوتر.
ماذا كان يقول الرسول في جوف الليل؟
دعاء التعار هو دعاء ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يقال في جوف الليل، وسمي بهذا الاسم لوروده في الحديث الشريف: ما من عبدٍ يتعار من الليل أي يستيقظ"، والتعري هنا هو إزاحة الغطاء الذي يضعه المسلم على جسده وقاية من البرد أثناء النوم.
وقد جاء في دعاء التعار قول النبي ﷺ: ما مِن عبدٍ يتعارّ من الليل -يعني يستيقظ- فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم يقول: اللهم اغفر لي، أو يدعو؛ فيستجاب له، فإن قام وصلى قُبلت صلاته.